بين الحين والآخر فى الآونة الأخيرة تصدمنا صفحات الحوادث بجريمة أسرية بشعة.. مقتل أسرة فى الرحاب والقاتل الأب، مقتل أطفال فى الهرم والفاعل الأم، مقتل طفل فى دمياط والفاعل الأب، مقتل زوجة وأطفالها بالعمرانية والفاعل الأب، مقتل طفلين بدمياط والفاعل الأب، مقتل طفلين بكرداسة وأيضا الفاعل الأب، وأخيرا مقتل ثلاثة أطفال وأمهم بسخا فى كفر الشيخ والقاتل أيضا الأب الطبيب الذى ذبح زوجته وأطفاله الثلاثة بحجة خلافات أسرية على حد تعبيره. وكما نشر حول الجريمة البشعة لهذا الأب الذى تجرد من كل المشاعر الإنسانية والحيوانية أيضا.. والسؤال هنا إلى متى تستمر الجريمة الأسرية؟ وحتى لوكانت حالات فردية ولكن لبشاعتها لابد من التوقف أمامها وتفسيرها بمنظور علمى، وكيف يمكن تجنبها، وهل أصبح من الضرورى تفعيل الفحص الطبى نفسيا وعضويا للمقبلين على الزواج والذى فى الواقع هو إجراء شكلى وتسديد بيانات فقط فى عقد الزواج.. د.جمال شفيق يفسر د. جمال شفيق أحمد أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس واستشارى العلاج النفسى بوزارة الصحة الحالة النفسية التى تنتاب مرتكبى مثل هذه الجرائم من منظور علمى قائلا: هناك احتمالان الأول أن يكون الجانى مصابا بمرض عقلى من الأساس، ولكنه يتخفى فى وضعه الاجتماعى ومنصبه ويجعل من حوله يتغافل عن تلك المسألة حتى إذا بدر منه فعل ما يدل على ذلك من الممكن أن يظنوا أنه نتيجة ضغط الشغل ومسئولياته الكثيرة، وهذا المرض العقلى قد يكون وراثيا او نتيجة أسباب بيئية . الاحتمال الثانى هو أنه قد يكون تحت تأثير مواد مخدرة، وعندما يجتمع الاحتمالان معا ويتفاعلان مع بعضهما ويكون الشخص قد تناول مواد مخدرة كعلاج نتيجة إصابته بمرض عقلى وهذه المواد ممكن أن تسيطر على قدراته العقلية وللأسف الإنسان فى حالته المرضية العقلية يذهب عقله ويتحول الى وحش كاسر ويتخيل تصورات وضلالات غير طبيعية وسهل جدا أن يرتكب أى جريمة لأقرب الناس إليه، فالقاسم المشترك الأعظم فى المرض العقلى او المواد المؤثرة نفسيا هو إلغاء العقل نهائيا.. وعن الخلافات الأسرية هل يمكن أن تؤدى الى ارتكاب هذا النوع من الجرائم البشعة؟.. قال د. شفيق: الخلافات الزوجية ليست مبررا لقتل الأولاد، فما ذنب هؤلاء الأبرياء فالزواج رباط مقدس، والكتب السماوية كلها تدعو الى حسن المعاشرة والسكينة والمودة والرحمة، والخلاف فى وجهات النظر بين الزوجين وارد وأمر طبيعى أن يحتكما الى العقل، ولكن إذا اشتد الخلاف بينهما يجب أن يلجآ الى أقرب الناس إليهما أو أحد رجال الدين فدائما رجال الدين يحظون بقبول ومصداقية لدى الناس وذلك للتقارب بينهما وحل المشكلة، وأن يضعا دائما أمام أعينهما أن العلاقة ليست مقصورة فقط على كليهما، بل إن هناك نتاج الشراكة او الزواج فيما بينهما وهم الأبناء زينة الحياة الدنيا وهم رزق ونعمة وأمانة من الله عز وجل يجب الحفاظ عليها.. ولكن إذا تعثر الأمر فهناك الطلاق والذى جعله الله مخرجا حينما تستحيل الحياة الزوجية لأى أسباب مهما كان نوعها.. ويؤكد أستاذ علم النفس ضرورة التشديد والرقابة على الصيدليات فى منع تداول وبيع المواد المؤثرة نفسيا بدون روشتة طبية مختومة بخاتم الطبيب، وأيضا ضرورة تشديد الرقابة على المراكز الطبية الخاصة باستخراج شهادة فحص ماقبل الزواج وأن إجراءات الفحص المتبعة حاليا لا تهتم فقط بالنواحى البيولوجية بل تتضمن بالضرورة أن يكون هناك اختبار نفسى للنواحى الانفعالية وأن يتم ذلك بمأخذ الجد وليس بشكل روتينى او تسديد بيانات شكلية حتى لاتحدث كوارث بمثل هذه الفظاعة. ويختتم أستاذ علم النفس رؤيته بلفت نظر صناع الدراما وما تتضمنه من مشاهد عنف الجريمة التى تؤثر بشكل كبير فى حياة وسلوكيات المشاهدين، ويقول مازال أحد مشاهد البشاعة العنيفة فى انتقام زوجة من زوجها بصب النار عليه وقتله حرقا فى بانيو الحمام عالقا فى ذهنى، حيث أن هذه المشاهد الدرامية تتمركز فى العقل اللاواعى واللاشعورى وعند غياب العقل سواء بالمرض العقلى او تحت تأثير مواد نفسية يتم استرجاع هذه الصور والمشاهد العنيفة ويتم تنفيذها على المستوى اللاواعى او اللاشعورى أو المغيب. ولذا يناشد صناع الدراما مراعاة ذلك رفقا بالأسرة المصرية.