* متفائلة بتجربة المدارس الجديدة.. والمعلم المصرى لديه رغبة حقيقية فى تنمية ذاته مع بداية عام جديد 2019 الذى أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى أنه «عام التعليم» وبداية تطبيق منظومة التعليم الجديدة وتجربة المدارس اليابانية والتوءمة مع الجامعات اليابانية. ورغم أنه من المبكر جدا، أن نحكم على التجربة التعليمية اليابانية فى مصر، لأن السنوات الأولى من المشروع ستكون نموذجا تعليميا لما ستكون عليه جميع المدارس فى المستقبل، وما سيتم تعميمه على جميع المدارس المصرية بعد ذلك، إلا أن الشغف بمعرفة شكل التعليم فى اليابان ذلك البلد المتقدم مازال يراود الكثيرين.. الدكتورة هانم أحمد عبدالفتاح الملحق الثقافى للسفارة المصرية باليابان والحاصلة على أول دكتوراه فى طرق التدريس اليابانية تأخدنا فى رحلة لنتعرف على نظام التعليم فى اليابان فى حوارنا معها حيث تخرجت فى كلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة اليابانية، وعينت معيدة بها وحصلت على ماجستير ودكتوراه فى طرق تدريس اللغة اليابانية للاجانب جامعة أوساكا للدراسات الأجنبية، وإلى نص الحوار: كيف استثمرت اليابان فى التعليم لتحقيق هذا التقدم؟ لا جدال أن التعليم هو أساس تقدم الأمم بشكل عام، و اليابان بشكل خاص، ففى ظل هزيمة نكراء ألمت بدولة لا تتمتع بأى موارد طبيعية، و جعلت الشعب بأكمله فى حالة فقر مرعبة، لم يكن هناك أى طريق سوى بناء الدولة من خلال التعليم والبطل الرئيسى فى هذا الأمر هو المعلم اليابانى. وتضيف: أول محاضرة لى كانت بجامعة أوساكا، وكنت طالبة بحث وتم توجيه تساؤل لى عما إذا كانت المحاضرة ممتعة، ومنذ ذلك الحين أيقنت ان التعليم متعة وليس تعلما، ومن هنا أدركت قيمة التعليم فى هذا البلد وهذا كان أساس انجذابى لفكرة طرق التدريس فى اليابان . وماذا عن أوضاع المدرسين هناك مادياً ومعنوياً ؟ المدرس اليابانى لديه إحساس بأهمية عمله، وأنه صاحب قيمة داخل المجتمع، و لقد ضربت مثلا بتفانى المعلم اليابانى فى العمل من خلال العرض الذى قمت به فى مؤتمر «مصر تستطيع بالتعليم» حيث عرضت بعض الصور عما أطلق عليه بعد الحرب فى اليابان «فصول السماء الزرقاء» حيث كان المعلمون يدرسون للأطفال فى الشوارع بسبورة بسيطة، وذلك بعد انهيار المدارس جراء الحرب. كما يكفل الدستور اليابانى للمعلم أن يكون صاحب أعلى راتب بين موظفى الدولة، وهو ما يضمن له حياة كريمة. وكيف يمكن للمدرس المصرى اكتساب هذه المهارات من التجربة اليابانية؟ لا بد أن يشعر المدرس فى مصر، بأن ما يقدّمه للمجتمع ليس مهنة، بل شرفا وقيمة، ولا بد من زيادة راتبه بما يضمن له أن يعيش حياة كريمة، وكنت محظوظة أنى استطعت أن أقابل إحدى المعلمات بالمدرسة اليابانية بالغردقة وهى معلمة رياضيات، شابة جميلة وهادئة ومليئة بالحماس، وسعدت جدا لهذا الشغف و الفخر الذى تتحدث به عن يومها بالتدريس للأولاد بالمدرسة اليابانية وهذا التنافس البناء الذى تشعر به هى وزملاؤها حيث إنهم يحرصون يوميا على اجتماع المعلمين الصباحى مثل المدارس باليابان حيث يتبادل المعلمون الأفكار والمقترحات بل والمشكلات بشكل يومي، ومازلت أتذكر جملتها التى قالتها بشكل عفوى.. إنها فى مدرستها السابقة كانت تشعر بأنها مميزة وسط الزملاء الآخرين، أما حاليا فى المدرسة اليابانية فعليها أن تطور من نفسها كل يوم حيث إن زملاءها يعملون على تطوير أنفسهم، خاصة فى ظل التدريبات التى يحصل عليها المعلمون بالمدارس اليابانية على يد خبراء يابانيين. باعتبارك أول مصرية حاصلة على دكتوراه فى طرق التدريس اليابانية، كيف يمكن الاستفادة بخبراتك فى تطوير التعليم فى مصر ؟ من وجهة نظرى إن الدولة المصرية بدأت بالفعل فى خطوات فعلية للاستفادة من التجربة اليابانية فى التعليم، فعلى الرغم من أن العلاقات المصرية اليابانية علاقات قديمة و طيبة للغاية بين البلدين، إلا أننا لعقود طويلة اختصرنا علاقاتنا مع اليابان فى الاستفادة من التكنولوجيا اليابانية، ولم ننظر فى السابق لكيفية بناء الإنسان اليابانى هذه الدولة بعد الهزيمة، و ماهو دور التعليم فى بناء الشخصية اليابانية. و لعل زيارة الرئيس السيسى لليابان فى 2015 كانت الأولى من نوعها فى إلقاء الضوء على التعليم الأساسى الياباني، والأهم من ذلك اهتمام الدولة لا يركز على الناحية المعرفية فقط بل الناحية الأخلاقية أيضا، فلا شك أن الشعب اليابانى يتمتع عالمياً بسمعته الطيبة فى حسن الخلق و التواضع و الالتزام. التعليم اليابانى له طابع متميز كيف يمكن الاستفادة من هذا فى التجربة اليابانية فى مصر؟ لابد أن أشير إلى أن اليابان أيضا شأنها شأن أى دولة لديها مشكلاتها الخاصة بالتعليم، فلا نريد أن نقع فى مخاطر التهويل، و لكن فى ذات الوقت لابد لنا أن نستفيد من الإيجابيات الكثيرة التى تميز التعليم اليابانى عن غيره من الدول حتى دول العالم المتقدم، فاليابان تتميز فى تعليم رياض الأطفال على سبيل المثال فى اعتماد طرق تدريس تسمى «التعلم من خلال اللعب» فلا يمسك الأطفال بالأقلام للتلوين و الرسم فقط، و لكنهم يستطيعون تعلم الأرقام بل و الشهور و السنوات و غيرها من الجوانب المعرفية الأخرى من خلال اللعب، كما أن الشعب اليابانى يحرص بشدة على أن يكون للتعليم دور أساسى فى ربط الأطفال بالطبيعة، فالأطفال فى عمر الثانية و الثالثة يجمعون أوراق الشجر أو حتى حشرات الحدائق و يضعونها فى أوان صغيرة لمتابعة نموها و كذلك الزهور كما أن اللعب بالطمى على سبيل المثال يشجع عليه المعلمون بشدة و هو ما اندثر عندنا للأسف. وماذا عن التوءمة بين الجامعات اليابانية والمصرية والاتفاقيات التى وقعت مع وزير التعليم العالى فى هذا الشأن وما أهميتها والنتائج المرجوة منها ؟ تتمتع العلاقات المصرية اليابانية فى مجال التعليم والبحث العلمى بنشاط لم يسبق له مثيل، فأعداد الدارسين و الباحثين المصريين الذين يتم إيفادهم من خلال وزارة التعليم العالى والبحث العلمى من خلال برنامج المبادرة المصرية اليابانية للتعليم، والتى كانت أيضا ثمار الزيارة الرئاسية لليابان فى تزايد مستمر،فقد تمت ايفاد عدد كبير من الباحثين والدارسين الحاصلين على المنح الدراسية المختلفة للإشراف المشترك والدكتوراه، وتمت إضافة العديد من التخصصات الجديدة بل و لأول مرة فى تاريخ الوزارة يتم سفر طلاب مرحلة البكالوريوس و الليسانس للحصول على عام دراسى كامل بإحدى الجامعات اليابانية من تلك التى لديها اتفاقيات مع جامعات مصرية، هذا بالإضافة الى أن الوزارة و لأول مرة أيضاً قامت الصيف الماضى بإيفاد 30 طالبا و طالبة من التخصصات المختلفة للجامعات اليابانية للحصول على دورات تدريبية صيفية.