على مدى عمر السينما الذى شارف على المائة عام تناولت الأفلام حكام مصر بصور كثيرة، أغلبها خضع للتوجه السياسى للمخرج والمنتج، والظرف التاريخى، وفى الوقت نفسه كان هناك من الرؤساء من تابع السينما، وهناك من أحبته السينما، وبعضهم تعاملت معه باعتباره شخصية ثرية. «حكام مصر والسينما» إصدار جديد للكاتب والمؤرخ محمود قاسم قدم فيه علاقة السينما بالحكام على مر العصور بدءًا من صلاح الدين الأيوبى مروراً بالحقبة الملكية حتى عصر مبارك، فلا شك أن السينما تمثل آلة ضخمة تستطيع أن تشيطن أو تمجد من تريد، ليس بالضرورة فى كلتا الحالتين أن تكون مستندة إلى حقائق! فلم يكن السينمائى صادقا فى تقديمه صورة الحاكم بل قدم رؤيته الخاصة. يقول الكاتب علاء عبدالهادى فى تقديمه للكتاب: إذا سألت أحد العوام: هل تعرف من هو الناصر صلاح الدين؟ ستجده يجيب ودون تردد: طبعًا أعرفه إنه الرجل الذى جسده الفنان أحمد مظهر فى فيلم الناصر صلاح الدين للمخرج يوسف شاهين .. إلى هذه الدرجة شكلنا كل معلوماتنا عن الحروب الصليبية، لاسترداد بيت المقدس، وعن ريتشارد قلب الأسد، وعن عيسى العوام، إلى حد رفضنا القاطع والبات حتى لبعض الباحثين وأساتذة التاريخ الذين يريدون أن يقولوا لنا كلامًا آخر عن شخصية صلاح الدين. واستكمل قائلا: «دليلى فى ذلك مثلًا أننا بنينا كل معلوماتنا، ونظرتنا عن الفترة الملكية، على مجموعة من الأفلام العبقرية، ومع الفترة الناصرية أطلق العنان لمنتجى السينما لتشويه الفترة الملكية، وتصوير حكام مصر من أبناء وأحفاد محمد على باشا وكأنهم رجال لا يعنيهم شيء فى الدنيا سوى الجرى وراء ملذاتهم، وما رأيناه فى «رد قلبي» رأيناه معززًا وببعد إنسانى أكثر دراميًا وتأثيرًا فى فيلم «فى بيتنا رجل» . فى كل الأحوال نظر المصريون إلى حكامهم من خلال مرآة السينما .. فكيف كانت تلك النظرة ؟ الأمر فى غاية الأهمية، عندما ندرك خطورة دور السينما فى تشكيل الوعى القومى لدى الناس، وفى توجيههم فى اتجاه بعينه .. نظرة بسيطة تحليلية تقارن فيها بين أفلام ما قبل ثورة 23 يوليو وأفلام ما بعدها تعطيك الإجابة عن أهمية هذا الدور فى تشكيل هوى الناس وصناعة ذائقة المشاهدين.