كعادته على مدى تاريخه المشرق ينهض الأزهر الشريف فى هذه المرحلة لمواجهة الفكر الإرهابى التكفيرى المتطرف من خلال مؤتمر عالمى بدأ الإعداد لعقده فى إبريل المقبل بهدف «التجديد فى الفكر والعلوم الإسلامية». ولأنّ «التجديد» قضية العصر وكل عصر وسمة أصيلة للفكر الإسلامى الصحيح، فإن الأزهر الشريف لم يشأ أن ينفرد ببحثها ومعالجتها، واختار أن يفتح قلبه وعقله لكبار علماء الأمة ومفكريها ودعاتها، ومجامعها الفقهية، ومؤسساتها الدينية للمشاركة فى «صياغة إستراتيجية علمية شاملة» تعالج جميع الأبعاد والملفات المتعلقة بقضية «التجديد». القائمون على الإعداد للمؤتمر العالمى استلهموا من سماحة مصر، وعطائها المتدفق لخدمة دينها وأمتها، ووسطية أزهرها أهدافا سامية يسعى المؤتمر إليها تضمن نهوض الأمة ورقيها، وتحفظ لها هويتها، وتستنهض قيمها وقواها الحضارية الراسخة. فى مقدمة تلك الأهداف: تفكيك الفكر التكفيري، ودعم دور المؤسسات الدينية فى تنظيم الخطاب الدعوى وتطويره، وتحديد ضوابط التجديد وآلياته، ومتطلبات تكوين الداعية المعاصر، ودعم التعايش الإنسانى بين أصحاب الديانات والمعتقدات والمذاهب. ما أحوج أمتنا إلى هذا المؤتمر الذى سيعقد برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وتنظمه هيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف. ولاشك فى أن المؤتمر يكتسب أهميته من تاريخ الأزهر الشريف ومكانته المتفردة فى العالم، بعد أن وهبته مصر لخدمة العالم الإسلامي، بل الإنسانية جمعاء. وكعادتهم سيكون أبناء الأزهر من مختلف الجنسيات سفراء إلى البشرية بما ينتهى إليه المؤتمر من منطلقات للتجديد فى الفكر والعلوم الإسلامية. إّن ثقتنا فى علمائنا تبلغ حد اليقين بأنهم سيمضون فى «التجديد» إحياء لسنة إسلامية وضرورة عصرية تضمن استيعاب الفكر الإسلامى مستجدات العصر، وتنفى عنه دعاوى الغلّو والتطرف والتكفير والإرهاب، وتسد ثغرات الفتنة، وتمنع الانحراف الفكري، وتشجع التعايش السلمي، وتحمى أركان الدولة الوطنية، وتنشر الأمان وتصون الحقوق والواجبات. لمزيد من مقالات رأى الأهرام