رغم التنازلات المستمرة التى قدمتها الحكومة الفرنسية، والتى كان آخرها إلغاء الزيادة على ضريبة الوقود من ميزانية 2019 ، أبدت الرئاسة الفرنسية أمس قلقها من أعمال عنف واسعة قد تقع غدا السبت خلال مظاهرات حركة «السترات الصفراء»، التى هددت بشل باريس مجددا، معلنة رفضها تنازلات الحكومة. وواصفة إياها بمجرد إجراءات متواضعة، فى الوقت الذى تتأهب فيه البلاد لموجة جديدة من المظاهرات الفئوية من قبل طلاب الجامعات والمدارس والمزارعين والسائقين وغيرهم. وهو ما يؤكد توغل العنف والإرهاب فى المجتمع الفرنسي. ووصلت حركة الاحتجاج إلى المدارس الثانوية التى تشهد تعبئة منذ ثلاثة أيام احتجاجاً على إصلاح نظام امتحانات الثانوية والقانون الذى أقر العام الماضى لتنظيم دخول الجامعات. ولا تزال عشرات المدارس الثانوية تعانى من البلبلة أو تعذر الدخول إليها بسبب إغلاق الطلاب أبواب المدارس. ففى باريس الدائرة الرابعة، وضع التلاميذ صناديق القمامة أمام مدرسة»ليسيه شارل مان»، وفى واجهة المدرسة وضعوا حلة ضغط «برستو» فى إشارة لحالة الانفجار الوشيك، هذا بالاضافة إلى لافتات كرتونية مناهضة للرئيس إيمانويل ماكرون وأخرى لزوجته بريجيت ومكتوب عليها «نويل سعيد بريجيت»، فى تهديد بكريسماس غير سعيد. وفى منطقة «بلون موزل» تجمع مئات من الطلاب أمام مدرسة «موزار» بينما قام البعض منهم صباح أمس بحرق العديد من السيارات. وفى إطار حالة الفوضى العارمة، طعن طالب مدرس لغة إنجليزية - 66 عاما - بسكين ست طعنات أدت إلى وفاته فى كلية على أطراف باريس. واعتقلت القوات الجانى الذى اتضح أنه من أصول باكستانية. وحسب جهات مقربة من التحقيقات فإن الطالب طعن مُدرسه لأنه كان السبب فى رفده من الجامعة. ومن جانبه، طالب ماكرون من المسئولين السياسيين والنقابيين توجيه دعوة إلى الهدوء.وقال المتحدث باسم الحكومة بنجامين جريفو ناقلا مواقف الرئيس خلال مجلس الوزراء إن» هذه الدعوة موجهة إلى من يتصفون بالخبث والانتهازية ولا داعى لذكرهم بأسمائهم، فهم سيعرفون أنفسهم»، دون تحديد الجهة التى يقصدها. وكان رئيس الوزراء إدوار فيليب قد أعلن أمس الأول أن حكومته تخلت عن زيارة الضرائب على الوقود بعد قرار سابق بتعليق العمل بها لستة أشهر فقط . وقال فيليب للنواب بالبرلمان إن «الحكومة مستعدة للحوار، لأن هذه الزيادة الضريبية تم إسقاطها من مشروع قانون ميزانية 2019». ويبدو أن الإعلان عن هذه التنازلات لم يقنع غالبية المتظاهرين الذين يقومون منذ ثلاثة أسابيع بقطع الطرق وينظمون تجمعات تترافق أحيانا مع أعمال عنف فى جميع أنحاء البلاد. ولا توجد قيادة محددة تعبر عن الحركة التى اكتسبت زخما كبيرا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وجذبت شرائح مختلفة من اليسار والفوضويين وأقصى اليمين، بالإضافة إلى الوسط. وفى محاولة أخرى من الحكومة لتفادى اتهامها بالانحياز للشركات الكبرى والأثرياء، قال وزير المالية الفرنسى برونو لومير إن فرنسا ستفرض ضرائب على الشركات الرقمية العملاقة فى العام المقبل حتى لو لم يفلح الاتحاد الأوروبى فى التوصل إلى اتفاق بشأن فرض ضريبة على إيرادات الشركات الرقمية للاتحاد بأكمله. وفشل وزراء مالية الاتحاد الأوروبى فى الاتفاق بشأن ضريبة على الإيرادات الرقمية الثلاثاء الماضى رغم خطة فرنسية ألمانية فى اللحظات الأخيرة لإنقاذ الاقتراح عن طريق قصره على شركات مثل جوجل وفيسبوك.