استكمالا لحديث الأمس عن المتغيرات الدراماتيكية التي يشهدها العالم منذ الألفية الجديدة أقول: إنه مع تسارع وتتابع التحديات والمتغيرات التي تصعب ملاحقتها كل يوم.. بل كل ساعة وكل لحظة في مختلف مجالات الحياة لا أظن أنه تكفينا متعة الانبهار بكل جديد, والسعي للحصول عليه, وإنما بات من المحتم علينا أن نسعي سعيا حثيثا لكي نكون جزءا أساسيا من منظومة التطور السياسي والاقتصادي والعلمي والإنساني الراهن! لقد آن الأوان لكي ندرك أن أدوات ومقاييس الماضي لم تعد تصلح للتعامل مع هذا التسارع الجنوني في التطور, والتقدم لعصر جديد يرتكز إلي العلم ويتعامل بالتكنولوجيا ويجدد في الأفكار, والعقائد السياسية والاقتصادية ويراجع القيم, والسلوك, والعادات الاجتماعية. ولست أقصد من ذلك أن نخلع جلبابنا أو أن نتخلي عن عاداتنا وإنما أقصد أن نسعي لكي نكون شركاء في معادلة هذا العالم الجديد بدلا من أن نظل مجرد مشاهدين ومن ثم ربما يؤدي ضغط, وثقل الانبهار الذي نستمتع به أو الهلع الذي نبالغ في تصويره إلي نوع من البلاهة التي تقود إلي تخلف, وتراجع لا يليق بنا, ولا بتاريخنا! إن هدفي ومقصدي أن نسرع الخطي لكي نجاري هذه المتغيرات الدراماتيكية وأن نكون طرفا فاعلا ومؤثرا فيها, وذلك أمر لا يجيء بمجرد الحلم والتمني, وإنما يحتاج إلي مزيد من جدية وانضباط دولاب العمل في مجتمعنا من ناحية, وإعادة ترتيب الأولويات بحيث يصبح للعلم والمعرفة أسبقية تتقدم علي مناهج الارتجال والفهلوة. والذي أتحدث عنه ليس أمرا يتعلق بالتقدم العلمي, والتكنولوجي الرهيب الذي يمثل إحدي أهم سمات العصر الذي نعيشه, وإنما أتحدث عن أجواء سياسية جديدة يجب أن يستظل بها عملنا تحت رايات الجدية, والانضباط, ومن خلال مناخ يشجع علي الطموح, والارتقاء للفرد, والوطن معا! وغدا نواصل الحديث خير الكلام: أفضل الحكمة ما نتعلمه من أخطاء الجهلاء. [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله