أعتقد أن أول خطوة لترشيد وتحسين المنتج الصحفي المصري لكي تتأهل الصحافة المصرية من جديد لاستعادة دورها الريادي والتنويري في أمتها العربية تبدأ بالقدرة علي سرعة مجاراة الثورة الإعلامية والمعلوماتية التي اجتاحت العالم كله, حتي نكون طرفا فاعلا ومؤثرا فيها, وذلك أمر لا يجيء بمجرد الحلم والتمني, وإنما يحتاج إلي رؤية جديدة لمنظومة العمل الصحفية المسموعة والمرئية والمكتوبة وإلي إعادة ترتيب الأولويات في هذه المنظومة بحيث تصبح للعلم والمعرفة أسبقية تتقدم علي مناهج الارتجال والفهلوة تحت رايات الجدية والانضباط, ومن خلال مناخ يشجع علي الطموح والارتقاء للفرد, والوطن معا! لقد آن الأوان لكي تتحد كل الجهود, والطاقات من أجل إعادة تهيئة الأجواء في مختلف قطاعات العمل الصحفي لكي تكون أكثر ملائمة وأكثر تشجيعا علي تفجير, وإطلاق طاقات الإبداع التي تذخر بها مصر ولكنها مازالت مقيدة ومغلولة نتيجة غياب الأجواء الصحية والصحيحة.. الناجمة عن ضبابية الملكية للمؤسسات القومية ومزاجية التوجه لملاك المؤسسات الإعلامية الخاصة. بل إنني أقول ما هو أكثر وأشدد علي حاجتنا إلي لغة صحفية جديدة ترتقي بالسلوك والذوق, وذلك لا يتأتي إلا من خلال إدراك صحيح لأهمية الفن, وقيمة الثقافة, وعظمة الآداب الرفيعة التي تتوافر في مفرداتها ووسائلها كل إمكانات الارتفاع بالمشاعر وتهذيب الأحاسيس وشحذ الهمم واحتضان المواهب. إننا بحاجة إلي رؤية جديدة تستند إلي لغة عصرية جديدة للمنتج الصحفي القادر علي مجاراة التحول الديمقراطي, وليس المنتج التقليدي الذي يعيش أسيرا لواقع تجاوزته الأحداث والمتغيرات.. ثم إننا أيضا بحاجة إلي منتج صحفي في مختلف مجالات المعرفة يرتكز إلي توسيع قاعدة المشاركة والتفاعل وليس مجرد البث والتلقين وحشو العقول ودغدغة المشاعر... والأهم من ذلك كله أن ندرك أننا في أشد الحاجة إلي تحديد الخط الفاصل بين الحرية والفوضي خصوصا في مجالات حرية التعبير وممارسات النقد وأساليب المراجعة وآليات الحساب, فالحرية في جوهرها التزام وأمانة وليست شططا أو مزايدة!. وأؤكد أن بناء رؤية جديدة بلغة جديدة في مناخ جديد ينبغي أن تنطلق من إدراك ووعي الأجهزة الرسمية المسئولة في الدولة بأهمية توفير المعلومات والبيانات الصحيحة من خلال فهم سياسي مستنير بأن عصر حجب المعلومات قد مضي إلي غير رجعة! خير الكلام: من قلب المصاعب تتحقق المعجزات! المزيد من أعمدة مرسى عطا الله