عندما هب إعصار الثورة .. باركه الجميع .. ووجد استجابة كبيرة من الجماهير التي شكلت نواة هذا الاعصار. انطلق الإعصار. ليدمر في طريقة أصنام القهر.. وخرائب الفساد.. ورموز التضليل.. وأذناب النفاق. جاء الإعصار هادرا مزمجرا .. ليهدم جدران الخوف.. ويبدد ظلمات التردد .. ويكسر القيود التي تكبل الحناجر.. وتكتم الأصوات.. وتخرس الألسنة. أزاح عنا الحجب والأستار التي كانت تخفي وراءها أعمال السلب والنهب المنظم لثروات هذا الشعب المكافح الصابر.. وكشف لنا أساليب الخداع والمراوغة التي ظلوا يمارسونها معنا علي مدي عقود. إعصار الثورة.. أيقظ النيام.. ونبه الغافلين إلي ما كان يدور من خلف ظهورهم.. وإلي ما كان كهنة النظام ينسجونه من خزعبلات وأكاذيب لتخدير الشعب ودغدغة مشاعره.. تارة بالوعود البراقة الكاذبة .. وأخري بالإنجازات الوهمية. لقد أفاق الشعب علي كابوس مزعج. بعد أن عاش أحلام اليقظة .. فانطلقت ثورة الخامس والعشرين من يناير اعصارا كاسحا.. سلاحها الكلمة.. لا هدف لها سوي إسقاط نظام فقد شرعيته. بعد أن أصبح سدنته يعيشون خارج نطاق العصر.. خارج مسيرة التاريخ.. وتحولوا الي لصوص ينهبون ثروات البلاد ويستأثرون بها. بدلا من حراستها والعمل علي تنميتها والنهوض بها. هب إعصار الثورة لكي يهدم كل ما هو قبيح. في سبيل الإصلاح وبناء مصر علي أسس عصرية قوامها الحرية والكرامة والعدالة.. ولكي تحتل بلادنا مكانتها اللائقة بها بين الأمم .. وتستعيد ريادتها الإقليمية والدولية . الآن.. بعد الإطاحة برموز النظام السابق.. بعد أن قرر الجيش تعطيل العمل بالدستور.. وحل مجلسي الشعب والشوري المزيفين. بعد تشكيل لجنة لإعادة صياغة الدستور وتعديله لعلاج ما به من عورات ونقائص. وبعد أن وعد المجلس الأعلي للقوات المسلحة بتسليم السلطة الي حكومة مدنية منتخبة خلال ستة أشهر. بعد كل ذلك.. يجب ألا نترك هذا "الإعصار" يتحول عن مساره فيخرب المقومات الايجابية في بلادنا.. وهي مقومات العمل والانتاج والقوة. آن للإعصار أن يهدأ آن للغيوم أن تتبدد.. وللغبار أن ينقشع آن للأجواء أن تصفو. آن لنا أن نري طريقنا بوضوح. حتي نتمكن من تحديد الوجهة الصحيحة لمسارنا.. وحتي نتمكن من صياغة العقد الجديد بين السلطة والشعب. في مناخ يتيح لنا رؤية صائبة وصحيحة لكل بنوده ومفرداته .. دون أن نترك ثغرة. يمكن أن يتسلل من خلالها الانتهازيون والمتسلقون واللصوص .. لصوص الثروة والسلطة .. وحتي نضمن ألا تعود الأوضاع لما كانت عليه قبل الثورة.