فى كل مكان تذهب إليه فى اليابان تسمع كلمة «سومي ماسين » أو «جوميناسى» بمعنى أنا أسف، باعتذر منك أو بعد إذنك.. فى السوبر ماركت، فى المترو، فى المطعم، وكثيرا ما تجد وزيرا أو رئيس الوزراء أو رئيس شركة مايلقى بيان اعتذار إلى الشعب عبر التليفزيون سواء عن خطأ وقع من الحكومة أو داخل وزارته، أو أخطاء أو خسارة أو فساد وقع داخل الشركة حتى أصبحت كلمة «سومى ماسين» من أشهر الكلمات التى يتقنها الأجانب فى اليابان بعد أيام قليلة من العيش هناك مثل «أريجاتو جوزيمس» شكرا أو «كوتنشى وا» «ازيك». والعيش فى اليابان يؤكد لك دوما أن الاعتذار ثقافة يابانية فريدة ربما لا تجدها لدى شعوب أخري، فقد سافرت كثيرا شرقا وغربا ولم ألمس لدى شعوب أخرى تمتعها بثقافة الاعتذار مثل اليابان. وتشير ثقافة الاعتذار لدى اليابانيين إلى أى مدى يتمتع هذا الشعب بالأدب والاحترام والثقة بالنفس، لأنه لا يعتذر عن خطأ أو تقصير إلا الشخص الأمين الواثق من نفسه القادر على تحمل المسئولية، ويتم توارث وتعلم الاعتذار عند اليابانيين من الطفولة داخل الأسرة، ويفسر اليابانيون عبارات الاعتذار بأن هدفها تلطيف أجواء الحياة فى مدن اليابان المزدحمة حيث تتلاطم الأمواج البشرية فى الشوارع والمحطات والمتروهات والقطارات نظرا لصغر مساحة اليابان البالغة نحو 300 ألف متر مربع أى ثلث مساحة مصر ونحو 71% منها غابات وجبال و29% فقط هى المساحة المسكونة والمزروعة، ولا يتجاوز نصيب الفرد فى المساحة نحو 22 مترا مربعا ويقل فى العاصمة طوكيو عن 19 مترا مربعا وبالتالى تقل المساحة الشخصية ويصبح اليابانيون قريبين جدا من بعضهم، ولذلك كان لابد من مراعاة ذلك، من هنا نتجت ثقافة الاعتذار، ولكن فى دول أخرى كثيرة مثل مصر والبرازيل وباكستان وإندونيسيا وبنجلاديش الزحام أكثر قسوة ووطأة من اليابان، ولكنهم لا يتمتعون بثقافة الاعتذار مثل اليابانيين. ونجد المصريين يهجمون على باب المترو والمصعد بالرغم من أن بعضهم جاء متأخرا ويهرس قدمك ويدفعك بوعى أو دون وعي، ودون أن يعتذر حتى، إذا لفت نظره يصرخ فيك طالبا منك أن تستقل تاكسيا إذا كنت تخشى على ملابسك «الاسموكن» أو أقدامك من الهرس، ويرتكب كبار المسئولين أخطاء فادحة تصل إلى حد الكوارث فى وزاراتهم وتهم فساد لقيادات دون أن يعتذرو للشعب أو حتى يفكروا فى أن يقدمو استقالتهم، ناهيك عن أن يفكروا فى الانتحار كما يفعل المسئولون اليابانيون! لمزيد من مقالات منصور أبو العزم