الدول الناضجة التى ترغب فى إحراز التقدم وتطوير حياة شعوبها إلى الأفضل دائما، لا تتوقف عن التعلم من تجارب الدول المتقدمة التى نجحت فى ابتداع أساليب راقية فى كل مناحى الحياة، فى السياسة والاقتصاد والتعليم وكل شيء.. وتعد تجربة اليابان، أو كما أحب أن أطلق عليها دائما «كوكب اليابان » من الثراء بحيث يمكن أن نتعلم منها لو أردنا كل يوم درساً جديداً فى الحياة. ومن بين الأسرار التى حققت لليابان التقدم والتحضر المبهر الذى يتحدث عنه العالم، هو «إدمان» اليابانيين ثقافة الادخار وكيف استفادت الدولة واستثمرت تلك المدخرات فى إحراز التقدم والتطور فى كل مجالات الحياة. وربما تكون هناك شعوب أخرى تتمتع بنفس ثقافة الادخار مثل اليابانيين، ولكن الفرق الشاسع هو فى الكيفية التى استخدمت فيها الدولة تلك المدخرات.. فقد نجحت الدولة اليابانية ليس فقط فى تشجيع اليابانيين على الادخار وتوفير كل الضمانات وإجراءات الأمان لوضع أموالهم فى البنوك والنظام البريدى بكل ثقة واطمئنان، بل وهذا هو الأهم هو الكيفية التى أدارت بها الدولة اليابانية هذه المدخرات وكيف استغلتها وإستخدمتها فى مشروعات قومية رائعة حققت فى النهاية التقدم والتحضر الذى ينبهر به كل زائر إلى هذا الكوكب. ومنذ نهاية الخمسينيات من القرن ال 20 واليابان تستخدم مدخرات مواطنيها فى مشروعات عملاقة لتطوير السكك الحديدية والمتروهات والشوارع والصناعات والطرق العملاقة والقطار الرصاصة «الشين كان سين» وغيرها من الصناعات التى جعلت من اليابان أكثر الدول المبدعة صناعيا فى العالم. ونحن فى مصر لدينا نحو ثلاثة تريليونات جنيه مدخرات المصريين فى البنوك، ونردد مقولة إن الحكومة تريد من الشعب أن يسحب تلك المدخرات لإنفاقها وبالتالى ضخها فى الاقتصاد، لأن الحكومات السابقة فشلت فى استخدام وإدارة هذه المدخرات فى مشروعات لتطوير الدولة المصرية وتحديثها على الطريقة اليابانية. وإذا كنا فشلة فى الإدارة، فلماذا لا نتعلم من الدول الأخرى كيف تدير أموالها وتستثمر مدخرات مواطنيها ؟! لمزيد من مقالات منصور أبو العزم