مع تفاقم المظاهرات بفرنسا واستمرار أصحاب السترات الصفراء فى الشوارع احتجاجا على غلاء المعيشة والضرائب ظهرت مبادرات حكومية جديدة بحثا عن مصادر للدخل وتقليص النفقات التى تتحملها الدولة ويدفعها الشعب عن طريق الضرائب. ومن بين تلك المبادرات رفع نفقات الدراسة للطلاب غير الأوروبيين الراغبين فى الدراسة فى فرنسا بداية من السنة الدراسية 2019-2020. وبعد أن كان هؤلاء الطلبة وعددهم مئة ألف يدفعون الرسوم نفسها التى يدفعها الطلاب الفرنسيون أى 170 يورو سنويا للدراسة الجامعية و243 يورو للماجستير و380 يورو للدكتوراه، سيتوجب عليهم دفع 2770 يورو للدراسة الجامعية و3770 يورو للماجستير والدكتوراه. وستسهم هذه الزيادات فى رفع عدد المنح والإعفاءات من رسوم التسجيل لحوالى 15 ألف طالب من الدول النامية وذلك حسب تصريحات رئيس الحكومة ادوارد فيليب. وكانت بعض احزاب المعارضة قد انتقدت سياسة فرنسا الخاصة بالمساعدات لغير الفرنسيين وطالبت الحكومة بالغائها، بغية توفير مبالغ طائلة تكون عوضا عن اثقال الفرنسيين بمزيد من الضرائب. ورغم هذه الزيادة أكد رئيس الوزراء أنهم لازلوا بعيدين عن مصروفات الدراسة التى تتراوح بين 8 آلاف و13 ألف يورو فى الدول الأوروبية المجاورة مثل هولندا أو بريطانيا حيث تصل مصاريف الدراسة فيها إلى عشرات الآلاف من الجنيهات الاسترلينية دون الحديث عن التكاليف المماثلة فى أمريكا الشمالية. وتبرر الحكومة هذه الاجراءات بأنها ستمكن الحكومة من زيادة عدد المنح أو الاعفاءات من رسوم التسجيل التى سيستفيد منها «15 ألف طالب فى الأشهر القادمة» ويأتى هؤلاء أساسا من الدول النامية مقابل سبعة آلاف حاليا. وتظهر من هذا القرار بداية لتغير سياسة فرنسا فى إطار مساعدات الأجانب والمهاجرين، وتتبقى جزئية أخرى تطالب بها المعارضة وهى تطبيق نظام ضرائب عادل على أصحاب الملايين من رجال الأعمال والأغنياء، لرفع المعاناة عن الأغلبية الشعبية التى نزلت إلى الشارع فى مظاهرات السترات الصفراء، مطالبين برفع الضرائب عن الوقود وتحسين مستوى الدخل وتطبيق زيادة على المعاشات ورفع الرواتب التى لا تكفى لسد فواتير الغاز والكهرباء فضلا عن تحمل مصاريف المعيشة والعلاج وغيرها فى ظل غلاء فاحش أصبح يستعصى حتى على أصحاب الدخل المرتفع. وكانت مظاهرات السترات الصفراء المدعومة من 73% من عامة الشعب الفرنسى طبقا للاحصاءات، قد جاءت برسالة للرئيس ماكرون وحكومته بالرفض المطلق لغلاء المعيشة، حيث قامت الحركة بإغلاق أكثر من 150 موقعا فى محاولة لإحداث حالة شلل جزئى او تام بالبلاد إلا أن قوات الامن تدخلت فى صباح اليوم الثالث من الاحتجاجات لرفع الحواجز التى أغلقت الطرقات. وكانت جلسة البرلمان قد شهدت حلقة نقاش ساخنة حول هذه المشكلة الاجتماعية المتفاقمة فى الشارع الفرنسى ووجهت المعارضة من اليسار واليمين انتقادا شديدا لرئيس الوزراء بسبب سياسة الحكومة التى لا تلتفت إلى صرخات وأصوات المواطنين الذين نزلوا للشارع، وامتدت الانتقادات لكيفية تعامل الداخلية مع المتظاهرين بعنف، وهو ما يتنافى مع الحرية وحق الشعب فى التظاهر والتعبير عن حالة الاحتقان والغليان إلا أن رئيس الوزراء أشار إلى أنه من حق الداخلية معرفة خط سير المظاهرات وذلك لتأمين المواطنين وتيسير حركة البلاد بعيدا عن إحداث حالة شلل فى المجتمع.. أما على صعيد خسائر الدولة من الإحتجاجات التى استمرت أربعة أيام، فقد أعلن الكثير من المحال التجارية نسبة خسائر وصلت إلى 35% من عائد الدخل المعتاد وذلك فى اليوم الواحد من المظاهرات.