من جورج واشنطن وحتى دونالد ترامب.. تاريخ من الفضائح الجنسية التى تلاحق الرؤساء الأمريكيين، لكن لم تحظ فضيحة منهم بمثل ما حظيت به فضيحة بيل كلينتون مع مونيكا لوينسكي. 20 عاما مرت على تقرير نشرته صحيفة «درودج» عن علاقة بين كلينتون ومتدربة سابقة «مجهولة» فى البيت الأبيض، وفى وقت لاحق كشفت «واشنطن بوست» عن اسم مونيكا للمرة الأولي، وخلال هذه الفترة، خرجت مونيكا عن صمتها أكثر من مرة لتؤكد شعورها بالخزى والعار، ولتقدم الاعتذار للسيدة الأولى السابقة هيلارى كلينتون والابنة الأولى تشيلسي، إلا أنها قررت الآن الكشف عن كل التفاصيل بداية من إغواء الرئيس حتى افتضاح أمرها، وكيف جندتها المباحث الفيدرالية للإيقاع بسيد البيت الأبيض وقتها. «علاقة كلينتون» فيلم وثائقى جديد من ثلاث حلقات على قناة «أيه آند إيه» يتحدث عن علاقة الرئيس الأمريكى الأسبق مع المتدربة مونيكا لوينسكي. الفيلم يبدأ بشهادة الرئيس فى قضية بولا جونز، الذى اتهمته بالتحرش الجنسى بها عندما كان حاكما لولاية أركنسو، ونفى بيل علاقته بجونز وكاثلين ويلى ومونيكا تحت القسم فى يناير 1998، لكن الصحف بدأت فى البحث عن المتدربة الصغيرة التى كانت تبلغ من العمر 22 عاما، ودخلت فى علاقة مع بيل. تتذكر مونيكا هذه اللحظة عندما استيقظت لتجد عائلتها تمسك بالصحف، وتقرأ الفضيحة، وكيف شعرت بأنهم «يدقون المسمار الأخير فى النعش»، فقد تحولت الحياة التى اعتقدت أنها شأن خاص إلى شأن عام. ومنذ ذلك الوقت لم تستطع الحديث عن نفسها، فهى أكثر من يعرف الحقيقة، لكن المحققين دفعوها دفعا إلى الصمت القسرى بمنحها حصانة من المقاضاة إذا أوقعت بالرئيس، وخرجت التحقيقات إلى النور أمام العالم، وفيها رسم توضيحى للعلاقة الجنسية بين بيل ومونيكا. قالت مونيكا إنه على مدى سنوات كان يتم تقديمها على أنها مشكلة سياسية أو «الفقرة الساخرة فى آخر الليل»، لكنها قررت أن تقوم بدور جديد، دور الراوى لقصتها الخاصة. وفى عام 1995، بادرت مونيكا، التى قررت أن تلتحق بالتدريب فى مكتب ليون بانيتا كبير موظفى البيت الأبيض بدون أجر، بالاعتراف للرئيس بإعجابها به وأنها تضع عينيها عليه، وضحك كلينتون ودعاها إلى المكتب الخلفي، كما تحدثت عن الهدايا التى منحها إياها ومنها أشعار «أوراق العشب» لوالت وايتمان، لكن بعد أن بدأت الإغواء، خرجت اللعبة عن السيطرة. وقالت: «إذا اتصل بي، لم أكن استطيع أن اتصل به، كنت تحت رحمته بشكل كامل». كما تحدثت عن فضيحة الفستان الأزرق، الذى كان سببا رئيسيا فى إجبار بيل كلينتون على الاعتراف بوجود «علاقة غير مناسبة», كما وصفها بكلماته أمام الشعب الأمريكى مع المتدربة، بعد أن كان قد أنكرها فى وقت سابق، وقالت مونيكا إن الرئيس كان مصابا بعد إجرائه جراحة ويستخدم عكازات للمشي، ولم يكن قادرا على الوقوف، وهو ما تسبب فى تلطيخ فستانها بالسائل المنوي. ودارت الشكوك بين فريق كلينتون الرئاسى داخل البيت الأبيض حول وجود علاقة بين الاثنين، وهو ما اضطرهم إلى اتخاذ قرار بنقل المتدربة فى إدارة الشئون القانونية إلى وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون». وشكت لوينسكى أن قرار نقلها جاء بموافقة من عشيقها «الذى خيب آمالها»، وظلت تنتظر مكالماته بعد منتصف الليل، حيث وعدها بأنه سيعيدها إلى البيت الأبيض بمجرد انتهاء الانتخابات. وحول افتضاح أمر هذه العلاقة، قالت لوينسكى إنها شعرت باليأس وعدم الأمان تجاه الرجل الذى أحبته ونكث وعده لها بعودتها إلى البيت الأبيض، ولذلك لجأت إلى زميلتها السابقة ليندا تريب ووثقت فيها، لكنها قامت بتسجيل جميع مكالماتهما، وسلمتها إلى المدعى الخاص. وفى المواجهة بين تريب ومونيكا أمام المدعى العام، حاولت الثبات خصوصا أنها تحب كلينتون، حتى قاموا بتهديد عائلتها. تم استجواب كلينتون أمام مجلس الشيوخ لمدة 12 يوما، لكن تمت تبرئته فشلت محاولات عزله من منصبه من قبل الأغلبية الجمهورية فى الكونجرس بسبب قدرته على اختيار ألفاظه بعناية، فهو كمحام كان قادرا على اختيار كل كلمة خلال محاكمته الطويلة، وتدريجيا استطاع أن يستعيد سيطرته على الساحة السياسية، ويعود أكثر قوة بفضل كاريزمته. وفى أوج هذه الفضيحة، التى أطلق عليها عدد من الأسماء «مونيكا جيت» و«لوينسكى جيت» و»فضيحة الباب الخلفي» و«الفضيحة الجنسية» .. فكرت الفتاة، فى الانتحار بسبب شعورها بالخزى من تأثير كل ما حدث على عائلتها. لكن الجزء الذى أثار رعبها, على الرغم من أنها أصبحت حديث العالم، تهديدات مكتب التحقيقات الفيدرالى «إف. بي. آي»، وإجبارها على التعاون من أجل الإيقاع بالرئيس. وقالت: «من أجل التعاون وتجنب توجيه اتهامات، كان يجب السماح لهم بمراقبة مكالماتى والتنصت عليها وتسجيلها، ومقابلة الناس وجها لوجه بعد تركيب جهاز تنصت فى ملابسي». وبكت مونيكا خلال الفيلم الوثائقى عندما تذكرت كيف هددها العملاء الفيدراليون بمقاضاة والدتها، وكيف أن فريق المدعى الخاص كينيث ستار قال إنها وأمها يواجهان السجن لمدة 27 عاما بتهمة الكذب حول وجود علاقة، وذلك بعد فترة تحقيقات استمرت 12 ساعة حيث احتجزوها واستجوبوها داخل فندق شهير. وفى هذا الوثائقي، ولأول مرة يتحدث والدا مونيكا، فوالدها الدكتور برنارد، الابن ليهود ألمان فروا إلى أمريكا الوسطى خلال الحرب العالمية الثانية، شعر بسعادة غامرة عندما التحقت ابنته بالتدريب داخل البيت الأبيض، وبسعادة أكبر عندما دعاه كلينتون إلى التقاط صورة معه داخل المكتب البيضاوي، إلا أنه لم يكن يتصور أبدا ما آلت إليه الأمور فى وقت لاحق. أما الأم مارسيا فقد وصفت ابنتها بالجمال والذكاء الحاد، وبالعناد الشديد. الأم كانت طرفا فى الأزمة بعد أن تم تسجيل مكالمات تكشف عن معرفتها بتفاصيل العلاقة، وغضبت كثيرا بسبب خطاب اعتراف الرئيس الذى تعامل مع ابنتها كفتاة مجهولة. مونيكا تأمل فى أن تتغير الفكرة الشائعة عنها ، فهى ليست «فضيحة لوينسكي» فى رأيها بل «علاقة كلينتون»، وقالت «وداعا فضيحة لوينسكي، أعتقد أن 20 عاما وقت كاف لتحمل هذه المسئولية». وترى أنها تحملت المسئولية كاملة، وأنه ربما آن الأوان أن يعتذر كلينتون نفسه عن ارتكاب هذا الخطأ، وأنها على الرغم من مرور كل هذه السنوات، مازالت تبكى كلما تذكرت وقائع العلاقة، «الأرض تدور بى هذه اللحظة، أشعر بالذنب، وأشعر بالرعب». قررت مونيكا، كما كتبت فى مقالة بمجلة «فانيتى فير»، «الحفر حتى لو كان مؤلما، وذلك بالضبط ما يتطلبه الأمر لبدء التصالح مع الماضي».