انطلقت ثورة الخامس والعشرين من يناير بقوة هادرة تحمل حلما واعدا بالعدالة الاجتماعية والمستقبل المشرق لمصر, إلا أنها سرعان ما تعثرت في الطريق حتي اعتبر البعض أن الثورة المصرية امتلكت مقومات الانطلاق وافتقدت لمقومات الاستمرار, وفي كتابها( مرشد المحتجين والثوار)تؤكد الناشطة الأسترالية آيدان ريكتس أن الحركات الاجتماعية والسياسية تشبه نظام المناعة في الجسد حيث يتحرك النشطاء في مواجهة مواطن الخلل الوظيفي والظلم والسلبية والحرمان واليأس والتخلف بهدف المقاومة والإصلاح. يؤكد الكتاب علي أن من بين مقومات نجاح أي حركة اجتماعية هادفة للتغيير وضوح الرؤية والتخطيط لاستراتيجيات وتكتيكات مرنة قابلة للتنفيذ و يقظة الوعي و رفض التبعية وقوة الإرادة والثقة بالنفس والتواصل المثمر والتخلص من الذاتية الضيقة والانفتاح علي الخير العام و نبذ الخلافات لا الاختلافات, كما تري أنه يجب التنبه لفنون سرقة الإنجازات و تكتيكات الإندساس والهدم و التضليل مع جمع المعلومات عن الخصم و القوي المضادة و أسلحتهم المهلكة و مواطن قوتهم و مكامن ضعفهم. تعتبر ريكتس أن الديمقراطية ممارسة يومية وأن استخدام مصطلح الديمقراطية كما تراه يتخطي مجرد وصف نظام الحكم أو الترتيبات المؤسسية لانتخاب أعضاء البرلمان ليصف مدي واسعا من ممارسات مجموعة من الأهالي التي تؤثر في المجتمع ككل., حيث تقدم لكتابها بقولها: كناشطة ساعدتني مشاركتي في الحملات علي اتساع نظرتي إلي العالم, وبدلا من التركيز علي قضية بعينها أصبحت أهتم بعملية التغيير الاجتماعي بل والديمقراطية التشاركية ذاتها, وبالتالي انصب حماسي علي تطوير وسائل إرشاد النشطاء الآخرين والمناصرين لقضايا التغيير الاجتماعي ومساعدتهم علي تنمية بصيرة أكثر نفاذا, حيث يعمل الإسهام في حركات التغيير الاجتماعي وفي مختلف الحملات علي تغيير وضع الأفراد من رعايا إلي مواطنين ثم إلي نشطاء وثوار فاعلين يأتون بالتغيير. أكدت أن الديمقراطية الحقة لا تعني الذهاب إلي صناديق الاقتراع مرة كل ثلاثة أو أربعة أعوام بل هي نظام ثقافي سياسي تشاركي يزدهر باستمرار, ومن ثم تأتي أهمية مشاركة المواطنين في تسيير شئونهم وتغيير عالمهم, وفي نفس الإطار تجدد تأكيدها علي اللاعنف فتنصح برسم خريطة للحلفاء والأعداء, أولئك الذين لا يدعمونك وكذلك الذين بوسعهم تقديم العون, وهو ما قد يراه البعض متناقضا مع قولها إن دعاة اللا عنف يرون وجوب تحاشي الإضرار بالممتلكات بشكل مطلق بينما يقبل نشطاء آخرون الحد الأدني من الأضرار كجزء من استراتيجية الاحتجاجات السلمية بحيث يتم تحاشي التدمير العشوائي مع السماح بمساحة من حرية الحركة التكتيكية والاستراتيجية في آن, ويشمل هذا علي حد قولها: قطع الطرق, والاعتصامات والكتابة علي الجدران وغير ذلك من الأضرار الثانوية التي تلحق بالممتلكات من أجل تحقيق الفاعلية, مؤكدة أن الجمهور بعامة يتقبل الحد الأدني من الأضرار, بل إنه مع نجاح أهداف تلك الحملات يتنامي دعم الجماهير للناشطين. وتعزز من أهمية استخدام وسائل التعبير السلمي عن الاحتجاج مثل الاجتماعات, واستطلاعات الرأي, والإضرابات, والمظاهرات, والاعتصامات, والتقاضي أي رفع الدعاوي القضائية لتعزيز التغيير, وهو ما تطلق عليه التقاضي الاستراتيجي كوسيلة من وسائل تحقيق النجاح للحملات التي تستهدف الصالح العام, وكذلك استخدام الفاعليات الرقمية و توظيف وسائل التكنولوجيا الحديثة في مقدمة وسائل تفعيل الحملات وهو ما حدث في ثورات الربيع العربي التي نجحت في توظيف مواقع التواصل الاجتماعي, لافتة إلي أن نسبة كبيرة من فعاليات الإنترنت علي مختلف المواقع لا تترجم دائما إلي أفعال سياسية مؤثرة ولا تؤدي إلي نتائج علي أرض الواقع, وعلي الرغم من نجاح بعض حملات فيس بوك فإن الأغلبية الساحقة منها تظل حملات وهمية غير مؤثرة فيمن بيدهم مقاليد الأمور لأنها لا تحمل دعم الشارع ولا تترجم إلي نتائج علي أرض الواقع فيما يشعر الأفراد أنهم قد أحدثوا فرقا خلافا لما هو واقع. ترجمة: فاطمة نصر صدر عن: دار سطور الجديدة