* ننظر لخطوات إصلاح الاقتصاد المصرى باحترام * نتطلع إلى الوجود فى إفريقيا عبر بوابة مصر لم اشعر بطول المسافة التى قطعتها يقلنى القطار من مدينة أولم إلى شتوتجارت ومدتها ساعة تقريباً، حيث كنت استعد ذهنياً لإجراء هذا الحوار مع فيلى شتاشيليه، رئيس لجنة العلاقات الخارجية ببرلمان ولاية بادن فورتمبيرج الألمانية، فالرجل ليس مجرد شخصية برلمانية فى إحدى المقاطعات، وإنما هو فى حقيقة الأمر صاحب رأى مؤثر فى سياسات المانيا الخارجية، حيث تكمن قوته فى أنه برلمانى قدير تولى من قبل عدة حقائب وزارية مهمة فضلاً عن أن قوته الحقيقية ترجع إلى أن ولاية بادن فورتنبرج تتمتع بقوة اقتصادية كبرى تحرك اقتصاد المانيا، وبالتالى تؤثر على حركة الاقتصاد العالمى حيث يبلغ الناتج المحلى بها 407 مليارات يورو. فيلى شتاشيليه فى أثناء حواره مع مندوب الأهرام ولأن الحوار حول علاقات المانيا ومصر فى مختلف المجالات، فقد كان لابد أن يكون السؤال عن زيارته المرتقبة لمصر، والدوافع وراء تلك الزيارة؟ أشعر بسعادة بالغة ومتحمس لزيارة مصر المرتقبة يوم 12 اكتوبر الحالى، لأننى أتطلع منذ فترة لزيارة مصر التى سمعت عنها كثيرا،و الأهم من ذلك أننى ومن خلال متابعتى لما يجرى فى المنطقة،أرى أن تعاون المانيا مع مصر يستحق أن يزداد أكثر مما هو عليه الآن، بل ينبغى أن يكون على أعلى مستوى. وكيف ترى التعاون بين مصر والمانيا، وعلى وجه الخصوص ولاية بادن فورتمبيرج التى تمثل قلعة الصناعة فى المانيا؟ لقد أصبحنا هنا فى المانيا على يقين من أن الدول الأخرى ذات الكثافة السكانية المرتفعة مثل مصر، يجب أن تتمتع بالاستقرار وأن يكون لديها هدف فى المستقبل، ونحن فى المانيا نحرص دائماً على أن يكون لدى الشباب فى تلك الدول فرص عمل تضمن له مستقبله فى بلده،كما أننا نرى ضرورة توفير فرص مناسبة لتعليم ابناء تلك الدول فى المانيا، وبالطبع حينما يأتى هؤلاء الشباب للدراسة فى المانيا، يكونون مؤهلين أكثر لاقتحام سوق العمل فى المانيا بعد تدريبهم وتعليمهم، مما يجعلهم قادرين على العودة إلى بلادهم وهم يمتلكون الكفاءة التى تجعلهم يقتحمون سوق العمل بقوة، وفى هذه الحالة يمكن بسهولة فتح شراكات المانية فى تخصصات عديدة،وهذا ما تقوم به بالفعل الجامعة الألمانية بالقاهرة تحت قيادة الدكتور أشرف منصور، خاصة ان الجامعة تمثل الآن 42 % من حجم التعليم الالمانى خارج حدود المانيا، حيث يتم تقديم تعليم المانى على أسس سليمة، كما انه يتم الربط بين التعليم والاقتصاد من خلال التعاون مع شركات أجنبية كبرى، وتكمن أهمية ذلك فى أن تلك الشركات الأجنبية تصبح موجودة فى مصر، ولها مشاريع قائمة بالفعل، وهذا من شأنه خلق فرص عمل للجانبين المصرى و الألمانى على حد سواء. مادمنا نتحدث عن الاقتصاد والاستثمار، فلابد أن نتطرق إلى الجانب الأمنى، كيف ترى الجهود التى تبذلها حاليا الدولة المصرية فى هذا المجال؟ مصر فى حاجة الآن إلى استثمارات كثيرة جداً، وبالطبع وكما هو معروف فإن المستثمر لايمكن بأى حال من الأحوال أن يذهب إلى بلد غير مستقر سياسيا،أو يعانى من مشاكل أمنية، فضلا عن ذلك فإن المستثمر يبحث دائماً عن السوق المتطورة بشكل مستمر، وأن يصاحب هذا التطور نمو متزايد فى البنية التحتية، وهذا الأمر يصنع السمعة الطيبة لأى دولة، وهو ما يدفعنى إلى القول بأن مصر تتمتع بسمعة طيبة خاصة، فى خطواتها نحو الاستقرار السياسى والأمنى. إلى أى حد ترى أن مصر نجحت فى خلق مناخ صحى جاذب للاستثمارات الأجنبية بصفة عامة والألمانية بصفة خاصة؟ من الصعب تحديد مستوى معين،لأننا حينما نتحدث فى هذا الشأن، فإنه لا تزال هناك نقاط تقلقنا، نحن فى حاجة إلى التأكد من أن مصر قد انتهت منها بالفعل،ووصلت إلى حد الاستقرار الكامل،على الرغم من وجود شواهد عديدة تؤكد ان مصر تخطو خطوات واسعة فى هذا الأمر. باعتبارك مسئولا ألمانيا، هل ترى أن خطوات الإصلاح الاقتصادى التى تجرى الآن فى مصر كافية لأن تكون على نفس مستوى طموح المستثمر الألمانى؟ من أجل أن نصل إلى هذا المستوى، يجب أن تتوافر معلومات كثيرة وكافية عن مصر، وذلك من خلال عدة قنوات يأتى فى مقدمتها وسائل الإعلام، وحينما نتحدث عنه، علينا ان نعترف بأن هناك اشياء إيجابية يتم تداولها عن مصر عبر وسائل الإعلام، لكن بشكل لا يكفى لتوضيح حجمها الحقيقى. و حينما نتحدث فى المطلق، فاننا ننظر إلى مصر باحترام،خاصة فيما يتعلق بخطوات الإصلاح الاقتصادى، ومتطلبات البنك الدولى، وعلى الرغم من ذلك فإننى أرى أنه لابد من اتخاذ خطوات أخرى تنعكس بالإيجاب على الشعب، حتى يتحمل كل تبعات هذا الاصلاح. وهنا يأتى دور المانيا فى ضرورة مساعدة دولة فى حجم ومكانة مصر، لتتمكن من الاستمرار فى برنامجها للإصلاح الاقتصادى. ومن وجهة نظرك كيف ترى شكل وصورة وقوف المانيا إلى جانب مصر فى مواجهة الزيادة السكانية؟ علينا الاعتراف بأن قناعة أوروبا بضرورة مساعدة الدول المجاورة لها مثل مصر فى جنوب البحر المتوسط وشمال أفريقيا، لا يزال فى بدايتها، وجاءت متأخرة وهناك حقيقة مؤكدة،وهى أن عدم استقرار الدول المجاورة لأوروبا، سوف يؤثر بشكل كبير على القارة الأوروبية بالكامل، وبكل صراحة لن يكون هناك مستقبل لأوروبا دون استقرار تلك الدول المجاورة لها، بل أن عدم الاستقرار هذا قد يشكل خطرا وتهديدا مباشرا لأوروبا. هل لديكم المعلومات الكافية عن مصر والتى تدفعكم للمزيد من الاستثمارات بها؟ نحن فى حاجة إلى توافر معلومات أكثر عن مصر، وعن المناخ الذى سوف يعمل فيه المستثمر الالمانى، فالناس هنا لا تعرف عن مصر سوى الاهرامات وابو الهول ونهر النيل، نحن فى حاجة لمعرفة المزيد عن فرص الاستثمار المناسبة لنا كدولة صناعية كبرى، والتعرف بشكل أوسع على مميزات الاستثمار فى مصر. قلت إن عدم استقرار الدول المجاورة لأوروبا يشكل خطرا وتهديدا مباشرا لها وهذا يدفعنى لأن أسألك عن «اللاجئين» باعتبارها قضية تمثل صداعا فى رأس أوروبا الآن؟ يوجد فى ولاية بادن فورتمبيرج نحو 200 ألف لاجئ وهذا العدد الكبير نتيجة الهجرة غير الشرعية،لذا فإننا لا يمكن ان نوقف هذا الخطر دون تأمين الحدود،وهذا فى رأيى مسألة معقدة وتحتاج الكثير من الاجراءات، أولها ان نساعد هؤلاء الذين يتركون أوطانهم ليتسللوا عبر الحدود إلى دول أخرى،وهذه المساعدة تتمثل فى القيام بخلق تعاون مع هذه الدول، وتوفير فرص عمل مناسبة لمواطنيها، وحثهم على العمل داخل بلادهم. هذا الوضع يمكن أن ينطبق على دولة مثل مصر مستقرة أمنيا وسياسياً.. ولكن كيف يتم مساعدة دول تعيش أحداثاً ملتهبة مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن؟ هذه الدول تحتاج بالطبع للعديد من المساعدات حتى تصبح قادرة على إيجاد سوق للعمل تستوعب اعداد الشباب الذى يتطلع للحصول على وظائف، ولكن فى تقديرى أن هذه الدول سوف تأخذ وقتا أطول حتى تصل إلى ما يجعلها قادرة على التعامل مع قضية الهجرة غير الشرعية. ولكن فى كل الحالات أرى ضرورة زيادة التعاون مع دولة مثل مصر، لأنها بالنسبة لنا دولة محورية فى المنطقة، ومن خلالها نستطيع الوجود فى الدول الأخرى المجاورة، فقد سبق ان قمنا بتقديم مساعدات تنموية كبيرة جداً فى دول إفريقية،ولكنها لم تأت بأى ثمار إيجابية مرضية بالنسبة لنا، الأمر الذى يجعلنى أقول إنه لا بديل عن الإسهام فى تحقيق التنمية قى مصر، لأن هذه التنمية سوف تنعكس بالإيجاب على المانيا، وخاصة فى الوجود داخل السوق الإفريقية. وتوقف عن الكلام ووجه لى سؤالاً مفاجئا حيث قال «هل مصر الآن قد وجدت طريقها بالفعل نحو الاستقرار» أجبته: نعم مصر الآن وبعد أكثر من 4 سنوات خطت خطوات كبيرة نحو الاستقرار جعلها فى صدارة دول المنطقة، ثم سأل عن الحركات الدينية ومنظمات الإسلام السياسي؟ فأجبته:أنها اختفت تماماً عن المشهد باستثناء هذا الوجود الذى هم حريصون عليه الآن عبر وسائل التواصل الاجتماعى، حيث يمارسون حربهم ضد الدولة المصرية، وضد كل ما يجرى من انجازات غير مسبوقة. ولكن هناك معلومات مغلوطة تبثها وسائل إعلامية غربية ضد مصر لحساب منظمات إرهابية؟ لدينا بالفعل هنا فى المانيا الإعلام اليسارى الذى يهاجم مصر بضراوة، ويقدم صورة سيئة عنها، وهو ما يتطلب مواجهته بمفردات وآليات مغايرة لتصحيح صورتها فى أوروبا، وهذا بالطبع سوف يقطع الطريق أمام هذا الاعلام المضاد ويصحح أى معلومات خاطئة يمكن ان يكون قد تم الترويج لها. وعلى الرغم من أن معلوماتى قليلة عن مصر، إلا أننى أعرف جيداً ان الرئيس السيسى يقوم بجهد كبير من أجل النهوض بمصر، ووضعها فى مكانة كبيرة فى العالم. السائح الالمانى يمثل بالنسبة لمصر أهمية خاصة.. كيف يمكن ان يدعم البرلمان عودة السياحة الألمانية إلى سابق عهدها؟ كلما كانت مصر آمنة ومستقرة، فإنه فى هذه الحالة سنجد المواطن الالمانى يسعى جاهداً من اجل السفر إلى مصر.. المسألة من أبسط ما يكون نحن فقط نحتاج إلى استقرار يشعر به المواطن الألمانى الذى يتشوق لزيارة مصر والاستمتاع بجوها وحضارتها. وعلى المستوى الشخصى كيف ترى هذا الموضوع؟ انا شخصيا متفائل جدا، واشعر بأن القادم افضل، وأن التعاون بين مصر والمانيا سوف يشهد طفرة ملحوظة فى مختلف المجالات وعلى كل المستويات.