تملك كل البلدان ما يسمى بالقوة الناعمة التى تتكون من عناصر تمنحها قدرة اكبر على التأثير فى محيطها الإقليمى بل فى دوائر أوسع من ذلك يشمل بعضها العالم كله. ومصر من البلدان التى تملك من هذه القوى الناعمة ما مكنها من امتلاك القدرة على التأثير فى محيطها الاقليمى واوسع من ذلك. ومن هذه القوى الناعمة السينما المصرية التى تعرض أفلامها فى البلدان العربية منذ الثلاثينيات من القرن العشرين التى بدأت بفيلم زينب قصة محمد حسين هيكل ولا يزال تأثير السينما المصرية قويا حتى الآن وبفضلها أصبحت اللهجة المصرية مفهومة فى كل البلدان العربية. ولعب المسرح دورا مماثلا من خلال فرقة عزيز عيد وفرقة يوسف وهبى والمسرح القومى التى زارت معظم البلدان العربية ولقيت نفس الاقبال الجماهيري. وكانت ام كلثوم تشدو لكل العرب الذين كانوا يسهرون معها حتى الصباح يوم الخميس الأول من كل شهر. وفى مجال الأدب والثقافة لعبت كتابات وروايات طه حسين والعقاد ونجيب محفوظ وعبد الرحمن الشرقاوى ويوسف إدريس ومن تبعهم نفس التأثير فى هذا المحيط. ومن أبرز عناصر القوة الناعمة لمصر المدرسون والخبراء المصريون المبعوثون إلى البلدان العربية والجامعات المصرية والمدارس المصرية التى استقبلت عشرات الالوف من الطلبة العرب للدراسة بها فعادوا يحملون ثقافة مصر إلى بلادهم، وهناك أيضا الازهر الشريف والآثار المصرية وكان آخر عناصر القوة الناعمة الشاب الريفى محمد صلاح الذى يلعب فى الدورى الانجليزى ونال شهرة عالمية وحاز لقب افضل لاعب فى افريقيا وهداف الدورى الانجليزى وأفضل لاعب فى انجلترا ونافس بقوة على لقب أفضل لاعب فى أوروبا، وهو الذى لعب الدور الاكبر مع المنتخب المصرى فى وصول مصر الى كأس العالم بعد غياب 28 عاما ووصولها الى المباراة النهائية لبطولة افريقيا. ورغم هذا كله فإنه عندما تقدم بمطالب عادلة للاتحاد لا تخصه هو شخصيا فقط بل المنتخب كله لم يعبأ به اتحاد الكرة وعندما استاء من تجاهلهم كتب تغريدة غضب لها الاتحاد وشوه مطالبه بزعم أنها مطالب شخصية فقط رغم أنها مطالب عادلة ولجميع لاعبى المنتخب، المطلب الأول هو تأمين المنتخب فى معسكراته وسفرياته بتخصيص عناصر أمنية لهم وله أيضا بسبب تعرضه لمشاكل أثناء إقامته بالفندق فى مونديال روسيا وهو مطلب ضرورى بالامكان تنفيذه بسهولة كما كان الكابتن محمود الجوهرى يفعل بمنع دخول من لا عمل له بالمنتخب اثناء معسكراته. والمطلب الثانى أن يتم تأمين استقباله فى مطار القاهرة الدولى اثناء حضوره لمصر للمشاركة فى معسكر المنتخب وتسهيل خروجه من المطار من مخارج ليس بها ازدحام بعد انتهائه من كل الاجراءات الرسمية المطلوبة. أما المطلب الثالث فهو الحفاظ على حقوقه الشخصية بمراعاة عدم انتهاك تعاقداته مع الشركة الراعية له واستخدام اسمه فى تعاملات الشركة الراعية للاتحاد بما يعرضه لتوقيع غرامات باهظة من الشركة الراعية له والاتفاق معه على اى اجراء دعائى لكى يوفق بين مصالح الطرفين. هذه المطالب العادلة لم يستجب لها الاتحاد بل أصدر بيانا فيه تشويه لها ويقول ان المدعو محمد صلاح يريد أن يشتهر على حساب الاتحاد وأى انسان عاقل يعرف ان صفة المدعو فيها تحقير لمحمد صلاح وانه يتمتع بشهرة عالمية اكثر بكثير مما يتمتع اتحاد الكرة ويكفى ان الاتحاد العالمى لكرة القدم (فيفا) أصدر بيانا أثناء هذه الازمة يشيد فيه بأخلاق محمد صلاح وأدائه الفنى والتزامه بآداب وتقاليد الاحتراف وقال محمد صلاح نفسه إنه عندما لعب فى دول اوروبية اخرها انجلترا تعرف على أسس وقواعد الاحتراف الذى يحمى اللاعبين والأندية ويسهل على الجميع الانخراط فى لعبة كرة القدم بأيسر السبل ويتمنى أن يتم ذلك فى كرة القدم المصرية بما يسهم فى ارتفاع مستوى اللعبة فى مصر. وبالرغم من هذا فإن الاتحاد مازال يدور حول المطالب ويتعلل بأن محامى صلاح طالبه بالاستقالة اذا لم ينفذ هذه المطالب واعتبر ذلك تهديدا من المحامي. صحيح ان الاتحاد بعد حديث صلاح فى بث مباشر على الانترنت تراجع عن توجيه الاتهامات له وعبر عن احترامه وتقديره له وحرصه على مستقبله بعد ان وصل الامر ببعض اعضائه الى حد اتهام صلاح بأصصنه يفعل ذلك لعدم المشاركة فى مباراة النيجر ضمن بطولة افريقيا، وقد اعلن وزير الشباب انه سيتدخل لانهاء هذه الازمة. والمطلوب الآن من اتحاد الكرة أن يتخذ القرارات المناسبة بالتجاوب مع هذه المطالب ليس لمصلحة محمد صلاح فقط بل لمصلحة مستقبل كرة القدم فى مصر وان يعطى اهتماما خاصا بتطبيق نظام الاحتراف كما هو قائم فى اغلب دول العالم. لمزيد من مقالات عبد الغفار شكر