في ختام هذه الإطلالة علي المشهد الراهن لابد أن نسأل أنفسنا بكل صراحة: هل يمكن أن تتغير ظروف مصر وأحوال شعبها إلي الأفضل والأحسن وبما يلبي الحد الأدني- علي الأقل- من الحاجات الاقتصادية والمعيشية والنمائية بها. رغم أن كيمياء الناس ورغباتهم لم يحدث بها تغيير جوهري في الفكر وفي أساليب العمل بما يلبي متطلبات أحلام التغيير والتطور المنشود؟ وإذا جاز لي حق الاجتهاد في الإجابة علي هذا السؤال فإنني أقول صادقا: إن التغيير المطلوب للوصول إلي النتائج والأهداف المطلوبة يحتاج إلي تغيير في أرقام المعادلة التي تتشكل من مزيج مشترك من الفكر المتطور والأساليب العصرية. نحن مطالبون بأن نحدث تغييرا في المظهر وفي الجوهر لأن تعاطي السياسة في عالم اليوم يتطلب احترام المبادئ بقدر ما تتم مراعاة المصالح في ظل أكبر قدر من المصارحة وأقل قدر من المراوغة. والحقيقة إن الذين يغلفون المظهر ويصونون المحتوي لقادرين علي الصعود فوق الأحداث والوصول إلي بر الأمان إنهم يعرفون كيف يغطسون إلي قاع الماء وكيف يستقرون علي سطحه حسبما تقتضي الظروف ولكن معدنهم يبقي كما هو! ومعني ذلك أن الأفكار المتجردة تغرق في محيط التطورات السياسية المتلاحقة, وأن تغليفها قد يساعد علي إبقائها طافية علي سطح الأحداث ولكن لفترة محدودة جدا! ولأننا نواجه خطر الغرق في بحار كثيرة أمواجها متلاطمة ورياحها عاتية وشواطئها مليئة بالأشواك والأحجار المدببة فليس أمامنا خيار آخر غير أن نتحسب لكل هذه المخاطر حتي نتجنب الغرق ونتمكن من مواصلة السباحة سواء مع أو ضد التيار والقدرة علي انتقاء مرفأ آمن علي بقعة من الشاطيء تخلو من الأشواك والأحجار المدببة... وما أكثرها في عالم السياسة اليوم! ولم أكن في سطر واحد مما كتبت علي مدي ثمانية أيام بعيدا- ولو بالإيحاء- عما يجري حولنا من أحداث وتحديات... و لكنني- علي وجه التأكيد- لم أكن أقصد حدثا بعينه أو قضية بعينها! خير الكلام: الأفكار الجامحة تسقط مثلما يسقط الجواد الجامح! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله