فى المؤتمر السادس للشباب دارت مناقشات حول هوية مصر وفقاً لرؤية اللجنة التنسيقية للأحزاب المصرية . وقد ذكر أحد الشباب أرقاماً مرعبة حول نسبة الطلاق فى مصر وهى ( 40%)، وأطفال الشقاق نتيجة للطلاق (15 مليونا) والأطفال مجهولى النسب (9 ملايين!). وشعرت أنه من الأهمية بمكان تدقيق هذه الأرقام فوجدتها على النحو التالى : عدد المطلقات 4 ملايين امرأة، وعدد الأطفال ضحايا الانفصال 9 ملايين طفل، وعدد مجهولى النسب مليونا طفل، أما عن معدلات الطلاق فهى حالة طلاق كل أربع دقائق، ورحت أبحث عن أسبابها من خلال تقارير المراكز البحثية المعنية، ووجدت أن أسباب الطلاق طبقاً للمركز القومى للبحوث الاجتماعية تتمحور حول ستة أسباب هى: { عدم التكافؤ الثقافى والاجتماعى بين الزوجين والضعف أو العجز الجنسي. { عدم تربية الأبناء على تحمل المسئولية ولاسيما فى ظل النهم الاستهلاكى المستفز الذى تروج له وسائل الإعلام. { انتشار المخدرات بشكل غير مسبوق وغير معقول طال كل الشرائح والمستويات الاجتماعية. { التحول الاجتماعى القيمى الخطير، حيث إن هناك من الرجال الآن من يفضلون البطالة وترك مسئولية الإنفاق على الزوجة، ومن ثم زيادة ظاهرة (المرأة المعيلة) . { غياب ثقافة ومفاهيم التعامل بين الزوج والزوجة وكونها وفقاً للشرع علاقة مودة ورحمة، فأصبحت العلاقة بينهما أشبه بصفقة تدار من خلال صراع تزداد حدته عند تدخل الأهل والانحياز لطرف ضد الآخر. { الخيانة الزوجية والتى زادت وتيرتها عبر مواقع التواصل الاجتماعى والذى غالبا ما يكتشفه الطرف الآخر (الضحية) مما يوغر صدره من غدر شريك العمر فيتخذ الزوج قرار الطلاق أو تلجأ الزوجة إلى رفع قضية خلع. وليس افتئاتاً على الحقيقة القول إن زيادة معدلات الطلاق فى مصر والتى تعد الأعلى عالمياً لها مردودات سلبية للغاية على منظومة القيم والمبادئ وتربية الأبناء.. أما عن كارثة الأطفال مجهولى النسب فإن وراءها أسبابا كثيرة يأتى انهيار النسق القيمى للمجتمع والعنوسة (وهى تنسحب على الجنسين) على رأسها، ففى عام 2017 قدر عدد المصريين فى السن من 18 إلى 29 سنة ولم يتزوجوا بنحو 21.7 مليون نسمة (51% من الذكور، و 49% من الإناث) وهم يمثلون 23.6% من إجمالى عدد السكان؛ الأمر الذى تناوله مجلس النواب بالمناقشة واصفاً «العنوسة» بأنها قضية أمن قومى ينبغى التصدى لها لأن عزوف الشباب والفتيات عن الزواج سواءً بإرادتهم أو بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة تهدد الأمن القومى بسبب مردوداتها السلبية نتيجة انحلال الشباب وانتشار الزواج العرفى وتفاقم معدلات الأمراض النفسية والعصبية فضلاً عن زيادة معدلات الجريمة، وتجدر الإشارة إلى أن الفتيات اللاتى تجاوزن سن الثالثة والثلاثين عاماً دون زواج وصل عددهن إلى 11 مليون فتاة، وأن معدل «العنوسة» يمثل 17% من عدد الفتيات اللاتى هن فى سن الزواج. وغنى عن البيان أن المغالاة فى متطلبات الزواج بما يفوق إمكانات الشباب تعتبر السبب الرئيسى وراء ظاهرة العنوسة فى مصر إلى جانب أسباب أخرى مثل الانطواء والخوف من تحمل المسئولية فى مستقبل يكتنفه الغموض وكثرة المشكلات بين المتزوجين والتعرض لبعض التجارب الفاشلة، ويرى الدكتور إبراهيم غانم مستشار المركز القومى للبحوث الاجتماعية أن التكنولوجيا الحديثة وما أفرزته من ظواهر خطيرة مثل (الزواج الإلكتروني) تمثل خطرا حقيقيا لابد من الانتباه إليه جيدا، حيث اكتفى الشباب بهذا النوع من (الزواج) عبر الانترنت بكل ما فيه من خداع وتدليس، وهذا الزواج هو أولى خطوات تدمير المجتمع.. إن ظواهر زيادة معدلات الطلاق، وأطفال الشقاق، والأطفال مجهولى النسب، هى ظواهر جد خطيرة تدق نواقيس الخطر ولسان حالها يقول: انتبهوا أيها السادة فإن هذا المثلث الجهنمي، فيروس يدمر الجهاز المناعى للمجتمع، ومن ثم فلابد من سبر أغواره والسعى حثيثا للبحث له عن علاج ناجع اليوم وليس غداً. د. محمد محمود يوسف أستاذ بجامعة الإسكندرية