رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن 4 أشخاص    تراجع سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه اليوم 16 أكتوبر    وزير المالية يزف أخبارًا سعيدة للمستثمرين لتخفيف الأعباء | فيديو    ارتفاع جماعى لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة نهاية الأسبوع    وزير الخارجية يلتقى رئيس اتحاد الغرف الصناعية والتجارية الهندية    بفائدة 15%.. مبادرة حكومية لتوفير 90 مليار جنيه تمويلات للصناعة والزراعة    محافظ الجيزة يتابع استعدادات انطلاق المهرجان الدولي الثامن للتمور المصرية بالواحات البحرية    السفيرة «نبيلة مكرم» تتفقد المساعدات الإغاثية لغزة وتشيد بالمؤسسات المشاركة    «الهلال الأحمر المصري»: 400 شاحنة مساعدات تستعد للانطلاق نحو غزة    فنزويلا تدين العمليات السرية الأمريكية: انتهاك للقانون الدولي    بروكسل تستعد لإعادة تفعيل بعثتها المدنية عند معبر رفح    الإدارة الأمريكية: تركيا مستعدة للمشاركة في البحث والإنقاذ بغزة    الاحتلال الإسرائيلى يقتحم عدة مناطق فى بيت لحم    مدرب شباب المغرب يتحدث عن الإنجاز التاريخي بعد التأهل لنهائي المونديال    سعد شلبي: لا ديون على الأهلي ونسعى لفرع جديد.. ونستهدف عقود الرعاة بالدولار    محمد صلاح يغادر الغردقة متجهاً إلى لندن لاستئناف مشوار ليفربول    تحرير 316 محضرًا للمخابز والأسواق خلال حملات تموينية بأسيوط    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة والعظمى تسجل 27 درجة مئوية    السيطرة على حريق نشب فى بدروم بقنا    سقوط عصابة فرض السيطرة بعد الاعتداء على طفل بحلوان    الجريدة الرسمية تنشر قرار الداخلية برد الجنسية المصرية ل23 شخصا    «ممنوع عنها الزيارة».. عمرو ياسين يكشف تطورات الحالة الصحية لزوجته    «إلهام شاهين عن مهرجان الجونة»: أجمل تجمع فني    مصر والسعودية تبحثان تعزيز التعاون الصحي المشترك وتوطين الصناعات الدوائية    وزارة الصحة تنصح بتلقى لقاح الانفلونزا سنويا لهذا السبب    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    أغذية الشتاء الذهبية.. 10 أطعمة تمنحك الطاقة والمناعة والدفء    اليوم.. محاكمة أوتاكا بتهمة نشر فيديوهات خادشة لطليقته هدير عبد الرازق    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. تنظيم قوافل دعوية بالفيوم تناقش «مخاطر التحرش وآثاره»    مصرع 4 وإصابة 3 في حادث تصادم سيارتي نقل جنوب أسوان    «الري»: مشروع مشترك بين مصر والأردن وتونس والمغرب لتحلية المياه لإنتاج الغذاء    انخفاض جديد ل الدولار الأمريكي اليوم الخميس 16-10-2025 أمام بقية العملات الأجنبية عالميًا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 16كتوبر 2025    ترامب يعتزم لقاء مودي خلال قمة آسيان    كوريا الجنوبية.. عودة خدمة "يوتيوب" للعمل بشكل طبيعي بعد انقطاع مؤقت    محافظ الغربية ووزير الاوقاف يشهدان احتفالية مولد السيد البدوي    محسن صالح: شخصية الخطيب ستتغير في الولاية المقبلة للأهلي    امتداد لتاريخ من الحضور الوطني تحت القبة.. وجوه سياسية وفنية وإعلامية ضمن المعيّنين ب«الشيوخ»    تجهيزات مسرح النافورة لفعاليات مهرجان «الموسيقى العربية» ال33    دوري المحترفين.. «وي» يواجه الترسانة في الجولة التاسعة    في العمرة.. سهر الصايغ تشارك جمهورها أحدث ظهور لها أمام الكعبة    ترامب: نزع سلاح حركة حماس لا يحتاج إلى الجيش الأمريكي    ننشر أسماء مرشحي انتخابات النواب 2025 بالفيوم بعد غلق باب الترشح    الأخبار السارة تأتي دائمًا من بعيد..    بعض المهام المتأخرة تراكمت عليك.. حظ برج الدلو اليوم 16 أكتوبر    أسعار التذاكر بعد حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    أكتوبر.. فصلُ الانتصارات المصرية    .. ورضي الله عن أعمال الصالحين الطيبين لاغير    مشكلة الميراث    أوسكار يجتمع مع حكام تقنية الفيديو بعد عودته من تشيلي    أحمد الجندي: هدفي ذهبية أولمبياد لوس أنجلوس.. وظروف طارئة منعتني من التواجد بقائمة أسامة أبوزيد في نادي الشمس    شوقي غريب يرشح 6 لاعبين من منتخب الشباب ل حسام حسن    بعد استبعادها من القائمة الوطنية.. أمين مستقبل وطن بسوهاج تقدم استقالتها "مستند"    بعد تراجع الدولار.. هل تنخفض أسعار الدواء في مصر؟    غادة عبد الرازق تعود بقوة في رمضان 2026 ب«عاليا»    هل يجوز شراء شقة بنظام التمويل العقاري بقصد الاستثمار؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الألعاب الإلكترونية المدرة لأرباح مالية حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان الذي لايعرفه أبناء النيل:
فتح الطريق البري مع السودان‏..‏ هل يفعلها الرئيس؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 08 - 2012

لو سألتني‏:‏ ماهي أمنيتك الآن‏..‏ لأجبتك علي الفور‏:‏ كنت اتمني أن يخرج علينا الرئيس محمد مرسي ليعلن عن أن أول زيارة خارجية له ستكون إلي السودان.. وليس الي اي بلد آخر.. فكما يقول أمير الشعراء أحمد شوقي: مصر الرياض وسودانها.. عيون الرياض وخلجانها وماهو ماء ولكنه.. وريد الحياة وشريانها.. وياسلام لو كانت هذه الزيارة غير تقليدية, زيارة فيها خروج عن المألوف يتنقل فيها الرئيس بين كل اقاليم وعموم السودان يلتقي أهله وولاياته وأراضيه.. يتحاور ويستمع إلي كل رموزه من الفئات والأعمار والطوائف والقبائل.
رسالة الخرطوم: أبو العباس محمد
والأمنية تكتمل لو ذهب إلي وادي حلفا, وهناك وقف يخطب في مؤتمر شعبي سوداني مصري يتذكر ويذكر بالصور والمشاهد التي تؤكد أن مصر والسودان دائما كانت وستظل أرضا واحدة يجري فيها شريان واحد نهر النيل ويعيش عليها إخوة أشقاء وإن اختلف المسمي هذا مصري وهذا سوداني.. ولعلني لا أغالي إذا تخيلت أن الدكتور مرسي قد يعود بذاكرته للوراء ويتذكر ايام الاحتلال الانجليزي وكيف اهتم هذا المحتل بطرق الاتصال البرية بين مصر والسودان, وقاموا بتوصيل خطوط السكك الحديدية من الخرطوم إلي جنوب أسوان وبالتحديد من منطقة الشلال والتي أقاموا بالقرب منها ميناء نهريا لنقل البضائع والركاب إلي السودان عبر النيل وذلك لمساعدتهم في إحكام سيطرتهم علي وادي النيل بشقيه المصري والسوداني.. ثم يقول: الانجليز يوصلون الطرق بيننا ونحن الأشقاء نقطعها ونهملها.. هذا والله عهد انتهي ولن يعود وآن لتلك الطرق ان تعود وتنفتح ولابد أن تعود ومن هذه اللحظة..
نعم هكذا اتخيل رئيسنا المنتخب والهتافات من حوله تؤازره وتؤيده واتخيله واتمناه وهو يعلن: أن مصر ستعمل من هذه اللحظة علي ان يتم تشغيل وتجديد وتطوير خط السكة الحديد من حلفا إلي الخرطوم, ذلك الخط الذي كان يعمل قديما وكان يعمل عليه قطار نوم فاخر يقطع رحلته اليوميه بانتظام من حلفا الساعة الثانية من بعد الظهر ليصل الي الخرطوم في الساعة الرابعة بعد ظهر اليوم التالي.. وعن هذا القطار وتاريخه تصادف أن قرأت كتابا للروائي الراحل محمد حسين هيكل اسمه عشرة أيام في السودان يحكي فيها هيكل كيف كانت رحلته داخل هذا القطار وهو في طريقه للخرطوم.. يقول: وذهبنا إلي القطار الذي يقوم من حلفا في الساعة الرابعة من بعد الظهر ليصل إلي الخرطوم في الساعة الرابعة من بعد ظهر اليوم التالي, فإذا به قطار أبيض وإذا خطه ضيق كسكة حديد الدلتا.. لكنك ما تكاد تدخل إلي عرباته وما تكاد تستقر في غرفة النوم المخصصة لك حتي تشعر بمعني آخر.. معني النظام والنظافة والطمأنينة والراحة, ويدهشك أن عربات النوم في هذا الخط أكثر راحة واستهواء من عربات النوم في مصر.. سررها أكثر سعة وغرفها أرحب وبها مقاعد يجلس عليها الإنسان حين الحاجة به إلي النوم, وبها مروحة ومنضدة صغيرة ودولاب صغير لإناء الماء وما قد تريده من لبن أو فاكهة هذا غير وعاء الغسيل النظيف اللطيف.. تخيلوا ذلك كان في الخمسينات.
نعم ما أجمل ان تستعيد مصر الجديدة مصر الثورة هذه الايام السودانية المصرية.. نتمني ألا يطول الانتظار ويفعلها قريبا الدكتور مرسي ويحقق هذه الأمنية. قد لاتصدقونني إنه من فرط التفاؤل وإن تصبح هذه الأمنية حقيقة أكاد أسمع الرئيس وهو يقول: أهلي وعشيرتي في كل أرجاء السودان نحن نعتذر علي التأخير والتقصير بحقكم ونعدكم بأننا سنصلح ما أفسده النظام السابق بغبائه وجفائه وحماقته.. لن نسمح لانفسنا بأن نفقدكم أيها الأحبة.
قد تسألني: والنبي انت رايق.. هل هذا وقت السودان؟ هل هذا وقت تتحدث فيه عن بلد يعاني من مشاكل اقتصادية واضطرابات سياسية وغلاء أسعار ومظاهرات بل وكما يقولون بلد علي وش ثورة وربيع عربي وتبدل أحواله واوضاعه.. اعتقد أن الرئيس مرسي سيتردد ألف مرة في الذهاب انتظارا لما ستنتهي إليه هذه الأوضاع ومصير النظام الحاكم ونحن نحتاج إلي من يأخذ بأيدينا وينهض بنا وليس من يغرقنا معه في همومه ومشاكله ومشاكلنا تكفينا.. بدون تردد أجيبك: أنا أقصد السودان الناس والشعب والوطن وليس النظام وهذا هو الوقت المناسب للرجوع اليه.. فقد تستغرب أنه عندما تأتي إلي الخرطوم وبمجرد أن تتجول في ولايات السودان بين ولاياته ومساحاته الزراعية الشاسعة.. سيلفت انتباهك شدة هجرتلك المساحات الواسعة الشاسعة من الأراضي الخصبة المحملة بالخير والغذاء والكساء.. وكنت واحدا من الذين انتبهوا بل تألموا كلما مررت بهذه الأراضي المهجورة والمياه تلفها, كنت اسمع صوتها وهي تنادي من يعمرها ويزرعها ويخضرها وينقذها من هذا الهجر.. قال لي مرافقي وهو يتألم شرودي وحزني: أعرف انك تسأل نفسك الأن ما الذي ينقص هذه الأرض حتي يتم زراعتها.. الذي ينقص هذه الأرض انتم حضوركم خبرتكم.. إناس وبشر يأتون إلي هنا يستوطنون ويقيمون لزراعتها, وانتم ايها المصريون الأقدر والأفضل والأحق بشراكتنا وكلانا سينقذ الآخر.. وقتها فقط ستتحسن أحوالنا ومعيشتنا نحن الاثنين.. فلا أمن غذائي لمصر بدون السودان ولا أمن للسودان بدون مصر لن تجد كل هذه الأزمات التي تلاحقنا في المعيشة والغذاء في مصر والسودان.. وقبل ان يختتم الرجل كلامه نظر الي ساخرا ليسأل: بالمناسبة ماهي آخر اخبار وحدة وادي النيل.. ألا تشعر بانها وحدة من أربعة حروف ولاشئ غير ذلك؟.. مامن سوداني التقيته وتفوهت أمامه بهذه الكلمة إلا ووجدت نفسي أدخل معه في عتاب ولوم شديد ولهم الحق في ذلك فكلمة وحدة وادي النيل صارت كلمة مجردة معزولة لامعني لها.. فلاشئ اسمه وحدة وادي النيل هكذا في الهواء.. حالة جغرافية مجردة خالية من الأحاسيس التاريخية البشرية والانسانية والاجتماعية, وما أكثر المقالات التي نقرؤها في صحافتنا تتكلم فيها عن وحدة وادي النيل.. وحدة وادي النيل ماذا؟ وحدة وادي النيل كيف وبأمارة إيه.. لانعرف ؟
خطاب السادات وحلم الزواج من جنوبية
لقد كنا وقوفا علي كوبري رفاعة الحصاحيصا وهو كوبري يقع علي نهر النيل بين مدينتي رفاعة والحصاحيصا بولاية الجزيرة ويبعد نحو150 كيلو مترا جنوب الخرطوم, عندما قال لي أحد الأصدقاء السودانيين: إن الرئيس الراحل أنور السادات كان دائما مهموما بهذه الكلمة وحدة وادي النيل, وطالما سعي وفكر في كيفية إنقاذها وتفعيلها والخروج بها من كبواتها وعثراتها, فقد لاتعلمون انتم ايها المصريون هكذا قال لي محدثي أن السادات ونحن طبعا السودانيون اخواله لأن أمه كما تعرف ست البرين سودانية الأصل, كان ومن شدة انشغاله واهتمامه بهذا الأمر بعث بخطاب إلي جعفر نميري يقترح عليه بأن يرسل له مئات من الشباب المصري يتم توطينهم في الجنوب وتمليكهم أراضي زراعية بواقع خمسة أفدنة لكل شاب يقوم علي زراعتها ويبني منزلا ويعيش فيها في مقابل أن يتزوج هذا الشاب المصري من فتاة سودانية جنوبية, كان السادات يري في هذه الفكرة أن زواج الشباب المصري من السودانيات الجنوبيات قد يحسن نسل الجيل التالي وبناء عليه سيحل وينهي عقدة عزوف أبناء الشمال عن الزواج من الجنوبيات لأن الجيل التاني صار معدلا وخلطة مصرية سودانية مقبولة فالشمالي عقدته الازليه ومازالت هي الزواج من جنوبية حتي لو حملوها بالدهب.. وقد تندهش ان هذه العقدة تكاد تكون واحدة من الاسباب التي ادت الي انفصال الجنوب عن الشمال.. وفعلا كاد النميري أن ينفذ هذا المقترح لولا أن البعض من مستشاريه المقربين اقنعوه بأن السادات بما انه كان معروفا عنه انه رجل مزاج ويبدو انه كان مبسوط حبتين فهذه الفكرة خيالية ومن نبت الدخان الازرق.. ونجح مستشارو السوء في اقناع النميري في أن يتراجع عن حماسه ومات السادات ومات النميري وماتت الفكرة وماتت الوحدة, ورويدا رويدا مع قدوم النظام السابق ولم يعد هناك شيئ حقيقي اسمه وحدة وادي النيل وتمزق السودان. اينما ذهبت كانت تلاحقني هذه الحكاية, ومامن مكان تذهب اليه في الخرطوم او خارجها إلا وتسمع هذه الحكاية وغيرها من عشرات الحكايات والقصص التي تؤكد لك أن مصر لدي السودانيين لم تعد الا مجرد تاريخ وحكايات قديمة.. نحن وبمنتهي الخيبة صرنا في ذيل قائمة الدول التي تستثمر وتعمل هناك في السودان.
مليون فدان.. وغموض لاينتهي
صحيح أنه خبر سار عندما يبشرنا القائم باعمال المتحدث الرسمي بإسم الرئاسة بأن القمة المصرية السعودية كانت قمة ناجحة وأن الاستثمار السعودي قادم, ولكن السرور الحقيقي والاستثمار الحقيقي والابقي والآمن و الاهم لمصر هو السودان.. فلا اعرف كيف يغمض جفن للرئيس مرسي عندما يعرف أنه علي الحدود المصرية السودانية مساحة نحو مليوني فدان منها1.3 مليون علي الجانب السوداني و007 ألف في الأراضي المصرية, من اخصب وأجود الاراضي الزراعية يمكن استثمارها وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب, ومواجهة ارتفاع أسعار الحبوب عالميا.. لاأعرف ماذا سيفعل وكيف سيكون تصرفه عندما يعلم أنه عقب ثورة25 يناير, كان هناك اتفاق مبدئي علي تخصيص مليون فدان في السودان لمصر, ويتم التنفيذ عبر وزارتي الخارجية والزراعة, وكل ما تم الاتفاق عليه في عهد حكومة عصام شرف, هو عمل مزرعة تجريبية حوالي1000 فدان وعندما أعلن السودان عن رغبته في قيام مصر والمملكة العربية السعودية بتسلم الأراضي المخصصة لهما, قامت المملكة بالاستسلام, أما مصر فلم ترسل أحدا, الأمر الذي أثار حفيظة النائب محمد العمدة من أسوان, وتقدم بطلب إحاطة عاجل لرئيس الوزراء السابق كمال الجنزوري, حول تقاعس الحكومة المصرية وعدم تسلمها للأراضي التي خصصتها الحكومة السودانية لمصر, ولكن رضا إسماعيل, وزير الزراعة واستصلاح الأراضي, أكد أن كل شركات الاستصلاح حصلت علي أراض في السودان, ستقوم بري هذه المساحة, التي تقدر ببليوني فدان, خصما من حصة مصر من مياه نهر النيل, وهذا الأمر لانعرف حقيقته ولم يحسمه أحد لنا, وتفاصيل أخري غير واضحة وغير معلنة, فهناك سيناريوهات كثيرة, ومع ذلك مازال هناك من يتفاءل, ويؤكد أن مصر آتية للسودان شاء هذا اللهو الخفي أم أبي, نظرا لكون السودان الحل لأي مشكلة اختناق لمصر.. فالرئيس مرسي أبدا لن يكون مثل النظام السابق متغافلا فالسودان في حاجة إلي5 آلاف فلاح مصري لزراعة ملايين الأفدنة, تخيلوا ونحن هنا نتبادل الهتافات والشعارات والمزايدات.
لاتستطيع أن تجرؤ وتقول إن هناك مشروعا زراعيا مصريا حقيقيا علي أرض السودان سوي مشروع المهندس أحمد شكري نجل المجاهد الراحل إبراهيم شكري في منطقة الجزيرة بالقرب من مدينة الحصاحيصا جنوب الخرطوم ب140 كيلو دونا عن ذلك لن تجد شيئا حقيقيا اللهم مشروع رجل الأعمال أحمد بهجت دريم السودان وهذا مشروع يثير كثيرا من اللغط والغضب بين السودانيين ولاعلاقة له بالزراعة لأنه مجرد مشروع لتسقيع الأراضي واقامة المنتجعات السياحية السكانية التي لاعلاقة لها بما نحلم به ونبتغيه من الذهاب إلي السودان.. وعلي مدار ثلاثة أيام كاملة تنقلت فيها بين مزارع ومشروعات زراعية شتي شعرت كم يسعي المهندس أحمد شكري إلي أن يحقق حلم والده الذي طالما ناضل وتحمل ودافع وبذل حياته لاجل ان يحققه وهو ان تكون مصر هي السودان والسودان هي مصر..
أحلام شكري
كنا جلوسا في بيته الريفي في الحصاحيصا وسط مجموعة من السودانيين اتفقوا علي تشكيل وتأسيس ثلاث جمعيات للانتاج الحيواني والزراعي لخدمة اهل المنطقة عندما حكي لي المهندس أحمد شكري: أنه عندما تخرج من كلية الهندسة قسم الميكنة الزراعية في بداية الستينات سأله والده: ماذا تعتزم أن تفعل الآن وماهي خططك للحياة العملية.. أجاب الابن: ساسعي إلي انشاء ورشة لتصنيع واصلاح الآلات الزراعية.. ابتسم المهندس إبراهيم شكري وقال له بحزم: انت تذهب إلي السودان فلاشئ سيفلح ويحقق أحلامك وأحلامنا كمصريين جميعا الا الذهاب والزراعة في السودان.. ومن يومها حمل الابن الأكبر للمهندس إبراهيم شكري هذا الرسالة وصاريسعي لتحقيقها ونشرها, وما أن انتهي من حكايته قلت له: أنا من الصعيد من قنا فما رأيك ان نرفع شعارا.. تنمية الصعيد تبدأ من السودان فلن يصلح للعمل هنا والزراعة هنا إلا أبناء الصعيد ابتسم شكري وقال: لقد كانت دائما نصيحة إبراهيم شكري وظل يؤكد علي هذا المعني حتي رحيله مؤمنا بان ابناء الصعيد وحدهم من محافظات قنا وأسوان وسوهاج وأسيوط هم القادرون علي التعايش هنا واذا جاءوا إلي السودان واقاموا وزرعوا الأرض وبصحبتهم عائلاتهم قل علي مصر والسودان الطمأنينة والعزة والأمان.. ولفت انتباهي ذلك الرجل الذي يعد واحدا من المناضلين والذي من شدة عشقه للزراعة وايمانه بدعوة إبراهيم شكري ترك كل شئ في قريته أملاكه وعزوته وأسرته وقرر ان يقيم هنا في الحصاحيصا وسط المزرعة التي يملكها لينجح وبمهارة ابهرت كل من حوله ان يكون رائد زراعة الأرز.. وقد فعلها الحاج حسان ابن الدقهلية وبمثابرته وعدد من المزارعين المصريين معه نجحوا في ان يكونوا رواد هذه التجربة زراعة الارز في السودان وتطوير هذه الزراعة لدرجة أن الصين صارت تقول إن السودان مرشحة ان تكون الدولة الأولي في العالم لزراعة الأرز.. دونا عن ذلك وعدد من المطاعم جاد ومؤمن وبعض محلات الملابس.. كما قلت لك لاتجد مشروعات مصرية أخري يمكن ان تستوقفك او تطمئنك.
مصر في المؤخرة وتركيا والإمارات الأفضل
بصراحة الصورة مخجلة ومحزنة ومصر في المؤخرة, مثلي ستتحسر وستتالم عندما تعرف اننا بعيدون كل البعد وبمسافة عن استثمارات الدول الخليجية الإمارات والكويت والسعودية وإيران وتركيا والصين هي أم الاستثمار.. تحديدا الامارات التي تعد الدولة الأكبر في مجال الاستثمار الزراعي في السودان, وقد بلغت تلك الاستثمارات نحو900 ألف فدان في عدة ولايات, وأهمها مشروع زايد الخير علي مساحة40 ألف فدان في ولاية الجزيرة وهناك شركة الروابي الإماراتية التي تكاد تحتكر إنتاج الأعلاف الحيوانية في شمال السودان بالتعاون مع الهيئة العربية للاستثمار الزراعي.. وأما ايران وتركيا وطبعا الصين التي في المقدمة.. فيكفي ان تعلم ايران مثلا بلد بدأ ينافس الوجود الصيني ويكاد يسيطر علي كافة الانشطة البترولية هناك هذا الي جانب استثماراتها الكبيرة في مجالات ومشروعات مياه الشرب وتنقيتها والكهرباء رصف الطرق ومكيفات الهواء أما تركيا فحدث ولاحرج تسيطر علي صناعة النسيج, فلديها اكبر مصنع للملبوسات بالخرطوم بحري, حيث يقوم هذا المصنع بصناعة الملبوسات بكافة أنواعها المدنية وحتي الملابس العسكرية وهنالك اتجاه تركي لتأهيل وإعادة تشغيل عدد من مصانع النسيج السودانية القديمة حتي في التعمير وبناء المساجد تشعر بوجود تركيا بوضوح في كثير من الأماكن من خلال طرازها المعماري الذي بدأ يسيطر بوضوح علي فن العمارة بالخرطوم وكثير من الولايات السودانية ويكفي أن حديث السودانيين عن مركز عفرة التركي التجاري لاينقطع كلما حلت عليهم رغبتهم في التسوق ناهيك عن المنح الطبية والعلاجية لعلاج الامراض المستعصية مجانا مرورا بتدريب الاطباء السوادنيين في كل التخصصات وكوادر التمريض وفنيي التخدير والاشعة بل وتدريب العديد من الكوادر في مجالات الزراعة.. والسودان ياسادة بكل مافيه من اضطرابات سياسية نجح في ان يحتل المرتبة الثالثة عربيا في جذب الاستثمارات الخارجية, لما يملكه من مقومات لا تتوافر لدي غيره من الدول.
فيكفي أن تعرف أن هناك عددا كبيرا من القبائل السودانية يوجد في جنوب مصر والسبب هو انهم من اصول مصرية كالجعافرة وجهينة و الحوازمة و المسيرية و غيرهم. وهل تعلم ان اغلب عرب السودان من اصول مصرية؟ فالسودان عبارة عن قبائل افريقية حكمتها قبائل عربية كانت تقيم بمصر ثم نزحت إلي السودان وتزوجت من الدنكا والنوبة.. وتسمع ان أشهر قصر اشتراه الصادق المهدي ليجعله قصر حزب الأمة هو في الاصل كان قصر مملوكا لعائلة ابوالعلا واحدة من خمس عائلات تنتمي إلي مركز إسنا جاءت إلي السودان قديما واستقرت وصارت من أهم العائلات السودانية وكذلك ابورجيله الذي لايمكن ان تذكر اتوبيسا أو مواصلة هنا في مصر أو السودان فهو ايضا من العائلات الخمس التي تنتمي اصولها الي اسنا لكنه عبد اللطيف ابورجيله شخصيا ولد في أم درمان.. وعبدالرحيم مكاوي الملقب بمدبولي الخرطوم وابو الناشرين له العديد من افرع مكتبات الثقافة والكتب ايضا من بين هذه العائلات المشار اليها من إسنا.. كل حكايات هذه العائلات والأسماء وغيرها.. تاريخ قدومها من صعيد مصر وكفاحها وتأثيرها علي الاقتصاد في السودان هي حكايات راسخة في سوامر وجلسات كل السودانيين تسمعها بمجرد ان تجلس وتتحدث عن الماضي الذي كان.. ياتري متي تنتقل مصر من مرحلة الحدوتة والحكاية وكان يامكان إلي مرحلة الشراكة والجسم الواحد وتوحد البنيان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.