يعتبر إعلان السلطات المصرية عن إبرام صفقتين لشراء الطائرات الحربية من روسيا الاتحادية، علامة فارقة تشير إلى تحقيق مصر لاستقلالية قرارها السياسي، وتخلصها من الضغوط الأمريكية المزمنة والتى تحجب المعونات الأمريكية أو تمنع تسليم الطائرات الحربية (إف-16) ومروحيات (أباتشي) لفترات ثم تستأنفها لفترات أخري. متذرعة بقيام ثورة 30 يونيو العظمي، أو إطاحة الإخوان الإرهابيين من على عرش حكم مصر، أو الادعاء بانتهاكات تعنون حالة حقوق الإنسان فى بلادنا، وقد أعلنت مصر منذ أكثر من عام تعاقدها على شراء خمسين طائرة (ميج-29) و(46 مروحية كا) من روسيا، وأفصحت أنها ستستخدم المروحيات على ظهرى حاملتى الطائرات «ميسترال» اللتين اشترتهما من فرنسا، بعد أن كانت روسيا متعاقدة عليهما ثم اضطرت لإلغاء الصفقة.. ولكن لفتتنى حادثة وقعت منذ أيام فى جلسة الاستماع بلجنة العلاقات الدولية فى مجلس الشيوخ الأمريكي، إذ طلع علينا دافيد شينكير عضو المجلس الذى رشحه دونالد ترامب ليصبح نائبا لوزير الخارجية لشئون الشرق الأوسط ليهدد بفرض عقوبات على مصر إن هى اشترت المعدات الروسية، ويقرن ذلك بتهديدات للسعودية وقطر إن اشتريتا منظومات (إس-400) الروسية للدفاع الجوي، وكذلك تهديداته لتركيا بمنع تسليم طائرات (إف-35) الأمريكة إن اشترت المنظومات الروسية (إس-400)، والحقيقة أن هذا تجل آخر لحالة الهياج الأمريكي، نتيجة الإحساس بتقلص دور واشنطن وبزوغ قوى دولية بإمكان العالم الاعتماد عليها كبديل فى ساحة العلاقات الدولية، ويمكن ضم ورقة الاعتراضات والتهديدات الأمريكية إلى ملف حروب واشنطن التجارية مع أوروبا والصين ومخاصمتها اتفاق المناخ الدولي، كل ذلك يشير إلى وضع متوتر مأزوم عنكبوتى وجدت أمريكا أسيرة له فاشتبكت مع معظم حلفائها حول العالم.. أما التهديد الأمريكى لمصر فلا ينبغى أن نتوقف عنده لحظة واحدة، فهم هددونا لسنوات دون أن نعقد صفقتى الطائرات الحربية مع موسكو، والآن يواصلون نفس المنهج عقب عقدها، ولم يفهموا أبدا أن معوناتهم وصفقات سلاحهم كانت للحفاظ على وضع السلام مع إسرائيل بعد المعاهدة، فلا ينبغى أن يمدوا مساحة شروطهم إلى أمور أخرى ضمنها عدم عقد اتفاقية سلاح مع روسيا الاتحادية. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع