* تطبيق نظام (العقد المتوازن) بدلا من اللجوء للتحكيم الدولى * استقرار منظومة القرارات الإدارية والتشريعات الضريبية * تحرير أسعار الخدمات وتوفير دراسات الجدوى بتكلفة مناسبة
تنفيذا لتكلّيفات الرئيس عبد الفتاح السيسى للحكومة الجديدة بمواصلة الجهود لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية فى قطاعات البنية الأساسية والمشروعات القومية الكبرى - لتعزيز قدرة الاقتصاد الوطنى على تحقيق التنمية المستدامة لتوفير فرص العمل - يتطلب إزالة المعوقات أمام هؤلاء المستثمرين والاستمرارية فى تنقية مناخ الاستثمار من خلال تحديث البنية الإجرائية والتشريعية وإعلاء مبادئ الحوكمة والشفافية خاصة بعد أن تبوأت مصر المركز الثانى فى تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة. (الأهرام) استطلعت آراء مجموعة من خبراء الاقتصاد والاستثمار والتنمية المحلية والمقاولات حول كيفية جذب هذه الاستثمارات، وفى السطور التالية نقدم الرؤى المختلفة. مشروعات الطاقة يؤكد المهندس حسن عبد العزيز رئيس اتحاد مقاولى أعمال التشييد والبناء أن الاستثمارات الأجنبية تشارك الآن على نطاق واسع فى مجال إنشاء محطات توليد الكهرباء وفى المشروعات الضخمة مثل مشروع الطاقة الشمسية فى أسوان وهو مشروع قومى ضخم ومثل هذه الشركات الأجنبية تتحمل تكلفة هذه المشروعات العملاقة على نفقتها الخاصة بشرط أن توفر الدولة لها الأراضى وتقدم الحكومة التسهيلات لإدخال مستلزمات الإنتاج الأساسية التى تمكنها من تنفيذ هذه المشروعات، بل إن معظم المستثمرين الأجانب يميلون إلى الاستثمار فى هذا المجال بعد أن لجأت الحكومة إلى وضع برنامج زمنى لتحرير أسعار الطاقة للمشروعات الصناعية وتحسين أسعار بيع الكهرباء للمستهلكين فى المنازل مما يجعل هذه الشركات تشعر بأن هناك هامش ربح لها من وراء إقامة هذه المشروعات يشجعها على ارتيادها، أما مشروعات تنقية وتحلية المياه وكذا مشروعات الصرف الصحى فلا تزال عمليات تشييدها تعتمد على القروض والمنح الأجنبية والمحلية التى تبرمها الحكومة مع المؤسسات التمويلية العالمية والوطنية لأن أسعار المياه لاتزال تدعمها الدولة مما يجعل هذه المشروعات لا تحقق عوائد مناسبة للمستثمر الاجنبى لذا لا ينجذب إليها، وهذا لايمنع قيام استثمارات وطنية خاصة فى الأنشطة السياحية والفندقية بمشروعات للتحلية لخدمة السياحة لكنها مكلفة ..لكن فى حال استطاعة الحكومة شراء المياه المحلية من الشركات الأجنبية بسعر التكلفة وإضافة هامش ربح مناسب لها ثم بيعها للمواطنين بسعر مدعم فإن هذا القطاع سوف يجذب استثمارات ضخمة. ويطالب بتطبيق (الفيديك) أى (العقد المتوازن) فى المقاولات بين الحكومة والمستثمر الأجنبى لأنه يحقق الطمأنينة للمستثمر على مستحقاته ومعداته، خاصة بعد التجارب المؤسفة التى حدثت لعدد من المستثمرين الأجانب عقب ثورة 25 يناير 2011 وصدور عدة أحكام قضائية ببطلان عدد من عقود بيع بعض شركات القطاع العام لهم، ورجوع هذه الشركات الى الحكومة وبعد أن قام هؤلاء المستثمرون الأجانب بتسليمها وفقاً لأحكام القضاء عجزت الحكومة عن رد قيمة هذه الشركات المباعة للمستثمرين الأجانب مما أضعف مصداقية الحكومة أمام المستثمر الاجنبى والعربي، إضافة إلى أن الجهاز الادارى يخشى العقد المتوازن لأنه اعتاد على طول الإجراءات والتقاضى التى يعانيه المستثمر الاجنبى وذلك وفقاً لما تفرضه البيروقراطية والتشريعات العقيمة عليه. ويقول انه يفضل الاستثمارات الأجنبية فى مشروعات البنية الأساسية والقومية الضخمة لأنها تجلب العملة الأجنبية والخبرات التكنولوجية التى نفتقر إليها، علاوة على ذلك فإنها تضيف خبرات فنية عالمية للمهندسين والعمال المصريين. تمصير عقود الفيديك ويوضح المهندس محسن صلاح رئيس شركة المقاولون العرب أن السوق المصرى من اكبر الأسواق للمشروعات المطروحة على مستوى العالم فى الإعمار حيث تحرص الشركات العالمية على أن يكون لها نصيب سواء بالعمل كمقاول ينفذ وفقاً لعقود حكومية أو خاصة أو بالاستثمار فى مشروعات البنية التحتية أو المشروعات الكبري، وان الحكومة تسعى إلى تنقية مناخ الاستثمار وتوفير الطمأنينة لهؤلاء عند دخول أموالهم ومعداتهم ..لذا فهناك عدد من الشركات الألمانية والفرنسية تتسابق على دخول السوق المصرى سواء فى الإعمار أو إنشاء البنية التحتية، وانه يحفز الشراكة بين الحكومة وهذه الشركات لاكتساب الخبرات مثل مشروعات أنفاق قناة السويس وشرق التفريعة ببورسعيد..ويطالب بتمصير عقود (الفيديك ) لأن الأجانب يستبدلونها باللجوء إلى مراكز التحكيم العالمية لحفظ حقوق الطرفين. طول إجراءات التقاضي شمس الدين يوسف رئيس إحدى شركات المقاولات يرى أن العناصر الرئيسية الطاردة للمستثمر الاجنبى هى البيروقراطية والفساد الادارى وطول إجراءات التقاضى فى المحاكم وعدم تغير ثقافة الموظف ووسائل الإعلام تجاه المستثمر الاجنبى بأن قدومه الاساسى إلى مصر ليس بغرض سرقة الأموال، لكنه يبغى تشغيل أمواله بغرض الربحية ..وان غياب الشفافية هو السبب فى ظهور حالات الفساد بين بعض الشركات الأجنبية التى أدانتها التحقيقات..ويطالب بالاستقرار فى منظومة القرارات الإدارية والتشريعات الضريبية لمدة 10 سنوات على الأقل، لأن المستثمر الاجنبى يجرى دراسات جدوى اقتصادية قبل الدخول للسوق ويجد أن تغير هذه المنظومة بشكل دورى وعلى فترات قصيرة يصيبه بخسائر مادية تجعله يخرج من السوق قبل أن تتفاقم مشاكله المالية ويتعرض لإجراءات قانونية يترتب عليها مصادرة أمواله ومعداته بل ودخوله السجن أحياناً. ويطالب أيضا بتوحيد جهة تدريب العمالة الفنية وتحقيق التوازن بين حقوق العامل وأصحاب الأعمال لأن تكلفة العمالة الماهرة عالية وهى مشكلة يعانيه أصحاب شركات المقاولات وان جلب العمالة الأجنبية مرتبط بقيود عديدة مما ينعكس على أسعار المنتج أو الخدمة التى تقدمها هذه الشركات. المطور الصناعى والعقاري أما خبير التنمية المحلية الدكتور هشام الهلباوى مدير برنامج تنمية محافظات الصعيد فيتحدث عن تجربة المطور الصناعى أو العقارى المعمول بها فى شتى دول العالم ودخولها مصر مؤخرا، وهى تعتمد على جذب استثمارات أجنبية لإقامة مدن صناعية أو عمرانية متكاملة فى كل الاحتياجات سواء للبنية التحتية أو الأساسية ، وقد بدأت هذه التجارب فى مدينة 6 أكتوبر والسادات لإنشاء المدن الصناعية المرفقة وتمليكها للصناع جاهزة ومزودة بجميع الاحتياجات الأساسية من طرق وكهرباء وصرف صحى لذا لابد للدولة أن تضع خريطة لهذه الأراضى التى سيقام عليها مدن صناعية أو عقارية متكاملة ومنحها للمستثمرين الأجانب لإقامتها، بل يجب أن تكون كل منطقة لها مميزات وعناصر جذب عند تسليمها لهؤلاء المستثمرين، مثل منحها الاراضى بأسعار مخفضة وأن تكون هناك شفافية عند توزيعها ، وضرورة الإعلان عن مثل هذه الفرص الاستثمارية محليا وعالميا، وان توفر للمستثمرين دراسات الجدوى الاقتصادية والبيئية والاجتماعية لهذه المشروعات، وبيع هذه الدراسات لهم بأسعار مناسبة وأن يحصلوا على جميع الموافقات الإدارية لمشروعاتهم قبل وصولهم إلى مصر لاتخاذ إجراءات التنفيذ لأن عنصر الوقت له ثمن غال عند الأجانب. الموانى وشبكات الطرق والأنفاق من ابرز مشروعات البنية الأساسية التى يقبل عليها الأجانب كما يقول هشام الهلباوى هى مشروعات الطاقة والموانى وشبكات الطرق والأنفاق والنقل الجماعي، ويفضل الشراكة فيها بين المستثمر والحكومة أما مشروعات الصرف الصحى وتنقية وتحلية المياه فيفضل أن تقوم الحكومة بتنفيذها بموجب اتفاقات مع مؤسسات التمويل الدولية لأنها تعطى قروضاً بفوائد وتسهيلات ميسرة فى الوقت الذى لاتزال الحكومة تدعم هذه المرافق الخدمية لخدمة المواطنين ولم تحرر أسعار الخدمات. ويرى أن مشروعات إنشاء الموانى والمطارات لا داعى من الخوف من إنشائها باستثمارات أجنبية وإدارتها بواسطة هذه الشركات طالما أن الرقابة الحكومية قوية بعدما اتجهت العديد من دول العالم إلى هذا الأسلوب. مراكز التحكيم الدولية يضيف الدكتور سهل الضمرانى مستشار وزير الرى للمشروعات المائية ان توفير الشفافية للمشروعات المراد تنفيذها من أهم العوامل التى تجذب المستثمر الاجنبى حال قيامه بالتنفيذ كمقاول من خلال اتفاقه مع الحكومة التى يجب أن تجهز جميع أساليب التمويل للمشروع سواء كان من خلال القروض أو المنح التى تحصل عليها من الداخل أو منظمات التمويل العالمية والإقليمية حتى لا يتوقف المقاول المنفذ عن العمل، ويضطر الى فرض غرامات على الحكومة مع الأخذ فى الاعتبار أن الشركات الأجنبية تلجأ إلى التحكيم والعقود الدولية عند تنفيذ المشروعات الكبرى لضمان مستحقاته، موضحاً أن الجهات الدولية الممولة لمثل هذه المشروعات ترسل خبراء على مستوى عال من الخبرة التكنولوجية لمتابعة تنفيذ هذه المشروعات. تحرير أسعار الخدمات ويؤكد المطور العقارى المهندس حسين صبور ضرورة احترام العقود التى تبرمها الحكومة مع الأجانب وعدم تغييرها بتغير الحكومة، وإنشاء هيئة متخصصة تضم خبراء على أعلى مستوى من الكفاءات العلمية والمهنية ويكون لهم كادر ادارى ومالى خاص للتعامل مع المستثمرين الأجانب، وسرعة إيجاد حلول عاجلة لمشكلة تخصيص الأراضى وفض التشابكات بين الجهات الإدارية حول حيازتها ، وتقديم تسهيلات فى إجراءات التسجيل للاراضى والعقارات واختصار فترة التسجيل إلى شهر واحد بحد أقصى بدلاً من بضعة أشهر تنفق خلالها ملايين الجنيهات على الإجراءات والرسوم. الفائدة المصرفية ويضيف المطور الصناعى الدكتور سعودى ألياف (عربى الجنسية) أن المشكلة الأساسية التى تواجه المطور الصناعى هى تخصيص الاراضي، حيث يستغرق ذلك فترات زمنية طويلة تصل إلى خمس سنوات، مشيرا إلى أن دور المطور الصناعى يتكامل مع دور الدولة فى إعداد مناطق صناعية متكاملة حيث يقوم بإنشاء المصانع وتمليكها للصناع بعد تزويد الاراضى بكل المرافق الحيوية التى تحتاجها البيئة الصناعية، ويراعى فى إعداد هذه المصانع الظروف الصناعية والبيئية والمجتمعية على أحدث المستويات العالمية لكن المشكلة أن الصناع يدعون ارتفاع سعر تكلفة هذه المصانع عند تمليكها ويتناسون المعاناة التى يواجهها المطور عند بناء وتجهيز هذه الاراضى بداية من التعامل مع الجهات الإدارية للحصول على الموافقات الرسمية والمتمثلة فى طول الفترات الزمنية للرد على الطلبات المقدمة والرسوم الإدارية المقررة، إضافة إلى ارتفاع معدل الفائدة على القروض التى يحصل عليها من البنوك التى تصل إلى 20% وارتفاع أجور العمالة خاصة الماهرة، موضحاً انه حصل على 1.1 مليون متر مربع فى السادس من أكتوبر لإنشاء مدينة صناعية متكاملة قام بتمليكها للصناع باستثمارات 400 مليون جنيه بخلاف قروض البنوك، وبعد سنوات عديدة حصل على مساحات مماثلة من الاراضى فى مدينة السادات وجار إعدادها وتجهيزها باستثمارات مبدئية 300 مليون جنيه. تخصيص الأراضي اما خبراء الاستثمار والاقتصاد فقرروا أن الاستثمار فى مشروعات البنية الأساسية والمشروعات الكبرى مخاطرة عالية ويتطلب إنفاق رءوس أموال ضخمة لا يقابلها عائد مغر، كما يقول الدكتور إبراهيم فوزى وزير الاستثمار الأسبق، لذا فإنه يطالب بتخصيص الاراضى لهؤلاء المستثمرين الأجانب بتكلفة رخيصة طالما انه سيقوم ب »ترفيقها» وإعدادها سواء للإسكان أو الصناعة لتكون جاهزة للتشغيل لذا لابد من توفير الضمانات والحماية لرءوس أمواله سواء عند دخولها أو خروجها، ولا مانع من فرض الضريبة التصاعدية على الأرباح الرأسمالية حيث أن الأجانب لا يعترضون على ذلك لكنهم يطالبون باستقرار منظومة الضرائب لفترة لا تقل عن خمسة أعوام، وأن يكون هناك آلية للشركات الأجنبية للحصول على مستحقاتها إذا دخلت مع الحكومة فى عقد شراكة لتنفيذ مشروع ما. عوامل جذب أما الدكتور فخرى الفقى الخبير بصندوق النقد الدولى سابقاً وأستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية فيرى أن الحكومة لابد أن تقدم عوامل جذب مغرية للمستثمر الاجنبى أهمها غرس الثقة للعقود التى تبرمها مع الأجانب لتشجيع نظام حق الانتفاع لهذه الشركات عند تنفيذ مشروع ما، مع تحرير أسعار الخدمة المقدمة من خلال هذا المشروع أو الشراكة مع المستثمر، لكن هنا تظهر مشكلة الحصول على المستخلصات وهى شكوى عامة لمن يتعامل مع الجهاز الاداري، موضحا أن حجم القروض التى حصلت عليها الحكومة على مدى الخمسة أعوام الماضية لتمويل مشروعات البنية الأساسية يتراوح مابين 10 إلى 15 مليار دولار معظمها من منظمات تمويل دولية وإقليمية بفوائد وإجراءات ميسرة لكنها لا تكفى لتلبية متطلبات التنمية الشاملة والمستدامة التى تسعى إلى تحقيقها الحكومة وهو ما يستلزم تقديم حزمة متكاملة من الامتيازات والتسهيلات للمستثمرين فى البنية الإجرائية والتشريعية بما يجعل مناخ الاستثمار جاذبا لهذه الشركات.