على إيقاع القتل والصراع والصدام العسكرى يحتفل اليمنيون اليوم بمرور 28 عاما على إعادة تحقيق وحدة الشطرين فى 22 مايو 1990، بشكل اندماجى طوعى سلمى حظى حينها بإعجاب العالم ، وشكل بارقة أمل فى المحيط العربى لإعادة أحلام الوحدة الشاملة . احتفالات اليوم لم يتبق منها سوى برقيات تهانى وشعارات وحفلات استقبال بسبب العواصف الهادرة والقلاقل التى تعيشها اليمن ، منذ أكثر من سبع سنوات خاصة بعد اجتياح جماعة الحوثيين المدعومة من إيران للعاصمة صنعاء، وسيطرتها على مناطق شمالية عام 2014، وهى الأجواء التى لا يشف منها بريق أمل قريب فى أن تضع الحرب أوزارها ويتوقف نزيف الدم . من الناحية النظرية يبدو شعار الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيها ، هدفا نبيلا يلتف قطاع واسع من اليمنيين حوله وتمثله الحكومة الشرعية برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادى، التى تؤكد دائما على يمن إتحادى من ستة أقاليم معروفة وفقا لمخرجات الحوار الوطنى الشامل ، الذى شاركت به مختلف القوى ، وهو الاتجاه المعلن الذى تعززه قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وتوجهات القوى الدولية الكبرى والإقليمية ودول الخليج والجامعة العربية، التى تخشى من تقسيم اليمن إلى دويلات عديدة تفسح المجال لقوى الإرهاب والفوضى للسيطرة على منابع النفط وممرات الملاحة الدولية فى باب المندب ، وتفتح الباب واسعا أمام مطامع دول مثل إيران وقطر وتركيا ، غير أن هذه النظرة المفعمة بالمثالية ربما لا تكون معبرة عن مياه كثيرة تحركت تحت السطح ومتغيرات على الأرض، من بينها مصرع الرئيس على عبد الله صالح فى 4 ديسمبر الماضى ، وتفتت حزب المؤتمر الشعبى إلى كيانات لا تزال تحاول جاهدة الاستفاقة من الصدمة ولملمة أوراقها ، فضلا عن ظهور قوى جنوبية لا يستهان بها تدعو صراحة إلى الانفصال ومنح الجنوبيين حق تقرير المصير .ويصب هذا الإتجاه مع معلومات متداولة عن خطة سلام سيعرضها المبعوث الأممى على مجلس الأمن قبيل 15يونيو المقبل ، توفر إطارا للمفاوضات يبدأ بالتهدئة وتشمل التنازلات العسكرية المطلوبة من الحوثيين، فى مقابل التنازلات السياسية المطلوبة من الحكومة الشرعية، وتتمثل بدعم وقف الحرب والدخول فى حكومة توافقية تشارك فيها مختلف الأطراف . وفيما يبدو فإن حسم مصير الوحدة اليمنية تم ترحيله إلى أجل غير مسمى، لحين حسم الصراع العسكرى مع جماعة الحوثيين، التى تؤكد قيادة التحالف العربى أنها اقتربت، ويؤكد المراقبون أن العملية السياسية التى ترعاها الأممالمتحدة قد لا تنطلق عملياً، قبل حصول تحولات ميدانية مفصلية على الأرض ترغم الحوثيين على القبول بالتفاوض غير المشروط ، وتبقى وحدة اليمن معلقة على جناح التطورات السياسية القادمة وتفاعلات الصراع العسكري، وإرادات القوى الإقليمية والدولية.