المكتبة الاسلامية عموما تزخر بالعديد من المخطوطات النادرة والقيمة والتاريخية.. كلها تشهد للمسلمين في سابق العصر والآوان بتقدمهم وتفوقهم ليس في العلوم الدينية وحوها ولكن في كل نواحي العلوم. ومكتبة المخطوطات بوزارة الأوقاف حيز شاهد علي ذلك التطور الحضاري والتفوق العلمي.. فالشكر لكل من ساهم في الحفاظ علي هذا التراث الذي سيظل يذكر المسلمين دوما بحقهم في حياة رغدة كريمة ينهل العالم من حضارتهم وليس العرب والمسلمين وحدهم. مصحف ثالث الخلفاء الراشدين أمير المؤمنين ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه من أقدم المخطوطات وأثمنها التي تضمها مكتبة المخطوطات الإسلامية. وقد أثبتت الابحاث أن المصحف الموجود بالمشهد الحسيني هو أقدم وأهم المصاحف الموجودة الأن فإنه الوحيد الذي يعتبر كاملا بخلاف المصاحف الموجودة في طشقند ولندن وباريس وبترسبرج فهي غير كاملة. وتأتي هذه النسخة ضمن سنة مصاحف نسخت بأمر عثمان بن عفان تم ارسال أربعة منها إلي الامصار وبقي إثنان بالمدينة المنورة. كانت هذه النسخة من المصحف محفوظة في خزانة كتب المدرسة الفاضلية التي بناها القاضي الفاضل عبد الرحيم البياني العسقلاني في العهد الايوبي ثم نقلة السلطان الأشرف أبو النصر قنصوه الغوري أخر السلاطين المملوكية إلي القبة التي أنشأها تجاه مدرسته داخل باب زويلة والتي نقل إليها الاثار النبوية, وتم عمل حافظة جلدية خاصة بالمصحف نقش عليها أنها صنعت سنة909 ه أي بعد كتابة المصحف العثماني بنحو874 سنة وظل محفوظا بها لمدة ثلاثة قرون. وفي عام1305 ه إستقر المصحف والحافظة الجلدية والآثار النبوية في المشهد الحسيني بعد أن كان محفوظا في قصر عابدين وفي عام2006 ثم نقلة من المشهد الحسيني إلي مكتبة المخطوطات الإسلامية حيث تم لأول مرة توثيق وتصوير صفحاته. ويتكون المصحف من1078 ورقة من الرق من القطع الكبير والرق يعني الطبقة الداخلية الرقيقة من جلد الماعز والغزال وتضم الصفحة12 مسطرا ويصل ارتفاعه40 سم ويزن80 كم ومكتوب بمداد بني داكن غير كربوني وبخط مكي يناسب القرن الهجري الأول وتوجد فواصل بين السور عبارة عن رسوم نباتية متعددة الألوان. الرسم العثماني إتباع الرسم العثماني في كتابة المصاحف واجب يرمي إلي درجة الفرض وهو إتباع الإملاء الأصلي. وأن آيات القرأن الكريم كان يجري تدوينها عقب نزولها علي الرسول وذلك الإملاء هو الذي جري استعماله في زمنه, وكتبت مصاحف سيدنا عثمان بذلك الإملاء, ثم أرسلت إلي المدن والامصار المختلفة وظلت كتابة المصاحف بعد ذلك مستمرة بهذا الإملاء في عهد التابعين ومن جاء بعدهم من الائمة المجتهدين. التنقيط والتشكيل لم تكن مصاحف عثمان تضم حركات التشكيل ولا إرشادات التنقيط, كما لم تحتوي علي همزات. وظلت المصاحف التي ارسلها عثمان إلي الأمصار تقرأ بهذا الشكل حتي عهد عبد الملك بن مروان65 ه 86 ه أي مايقرب من40 سنة وخشي الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق95 ه أن تتفاقم مشكلة اللحن علي السنة الناس فطلب من الكتبة أن يضعوا إشارات للتمييز بين الأحرف المتشابهة إلي أن أكتمل هذا العمل في النصف الثاني من القرن الهجري الأول.