هو أحد المصاحف الستة التي أمر عثمان بن عفان رضي الله عنه بنسخها، حيث اتسعت الفتوحات الإسلامية في عهده وشملت بلادا عديدة تنطق بلغات مختلفة مما أدي إلي ظهور عدة قراءات للقرآن الكريم. وكان حذيفة بن اليمان من بين من شهدوا هذه الفتوحات ولاحظ اختلاف القراءات بسبب تعدد اللهجات. فسار إلي المدينة والتقي عثمان وقال له: "أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصاري"، فقرر عثمان رضي الله عنه جمع القرآن في نسخ موحدة علي قراءة واحدة بلغة قريش أو لهجة قريش، وهي لهجة العرب، وبعث إلي السيدة حفصة أم المؤمنين أن ترسل إليه مصحف أبي بكر الصديق ليأمر بنسخه. وهذا المصحف هو أحد المصاحف الأربعة التي أمر عثمان رضي الله عنه بإرسالها إلي الأمصار مع الاحتفاظ بالاثنين الباقيين في المدينة. كان هذا المصحف محفوظا في خزانة كتب المدرسة الفاضلية التي بناها القاضي الفاضل "عبدالرحمن البيساني العسقلاني" في العصر الأيوبي، ثم نقله إلي الملك الأشرف أبوالنصر قنصوه الغوري آخر سلاطين الدولة المملوكية، إلي القبة التي أنشأها تجاه مدرسته داخل باب زويلة، ونقل إليها أيضا الآثار النبوية وعمل له حافظة جلدية عام 909 هجرية، أي بعد كتابة المصحف بثمانمائة وأربعة وسبعين عاما، وظل المصحف محفوظا بهذه القبة لمدة ثلاثمائة عام، ونقل بعد ذلك إلي مسجد الحسين ثم إلي المكتبة المركزية للمحفوظات لتتم فهرسته وتصويره رقميا. ويزن المصحف حوالي 08 كجم، ويصل ارتفاعه إلي 04 سم، أما الحافظة فمكتوب عليها بماء الذهب (بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تبارك وتعالي في كتابه المبين "إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين" صدق الله العظيم الكريم وصلي الله علي محمد وآله وصحبه أجمعين. هذا المصحف الشريف المعظم الذي من حلف به صادقا نجا وكان له من كل ضيق مخرجا ومن حلف به فاجرا هان وأصبح في ذل ومقت بحق من رتب سوره وآياته.. وختمه في كل ركعة من صلاته واقتدي من سماء نبينا بذي النورين زوج ابنتيه ورفيقه في الدارين، من استحيت منه ملائكة الرحمن عثمان بن عفان.. أمر بتجليده وتشرف السلطان الأشرف قنصوه الغوري، كان تجديده علي يديه بعد ثمانمائة وأربعة وسبعين عاما مضت تقبل الله منه ذلك وحفظ عليه بركته ونصره وثبت قواعد دولته وآل محمد).