مناطق أثرية فى أحضان الأرض الزراعية بالدقهلية مدير عام الآثار : 95 % من محاولات التنقيب فاشلة يبحثون عن الثراء السريع تحت وهم كبير اسمه الآثار، مستخدمين فأسا واحبالا طويلة ومقاطف للحفر أسفل المنازل ، وأحيانا يلجأون إلى المشعوذين لمعرفة خريطة الكنوز بالجن والعفاريت، لكنهم فى أغلب الأحوال إما يقعون ضحايا وموتى نتيجة انهيار الجدران أو متهمين فى أيدى الشرطة دون العثور على مبتغاهم. عشرات الحالات للتنقيب العشوائى يتم كشفها كثيراً، بل ومئات من البسطاء يسقطون ضحايا هذا الوهم خاصة فى المناطق القريبة من التلال الأثرية التى يصل عددها بالدقهلية إلى 28 تلًا من مختلف العصور الفرعونية واليونانية والرومانية، أهمها «تل الربع» و»تل البلامون» و«تل تبللة» و»تل تمى الأمديد» و«تل المقدام» و«تل عبدالله بن سلام»، ينتظرون ستائر الليل حتى ينقضوا بأنوار خافتة يمنون أنفسهم بالعثور على ذهب مغارة على بابا، لكن لعنة الفراعنة تكون فى اتنتظارهم. على مدار العام الماضى نجحت أجهزة الأمن بالدقهلية فى ضبط العديد من الحالات، منها مصرع عامل داخل حفرة أسفل منزل بقرية العزيزة بعد قيام صاحب المنزل بالتنقيب عن الآثار أسفل منزله، واستقدم عاملا لاستكمال الحفر أسفل المنزل، وضبط 7 أشخاص أثناء بحثهم عن الآثار داخل منزل بقرية الربع مركز تمى الأمديد، وكذلك ضبط خفير وستة من شركائه أثناء تنقيبهم عن الآثار داخل حظيرة ماشية ملحقة بمنزل تاجر حديد بنفس القرية، كما تمكن ضباط وحدة مباحث المركز فى المنصورة، من ضبط أربعة أشخاص أثناء حفرهم عن الآثار فى قرية ميت على، فضلا عن ضبط 6 أشخاص بقرية شاوة مركز المنصورة يقومون بالتنقيب عن الآثار بأحد منازل القرية. ونفس الأمر تكرر فى المطرية وشربين وبلقاس حيث يتم القبض على أشخاص متلبسين بالحفر وتتم إحالتهم إلى النيابة وحبسهم، لكن القضايا يتم التعامل معها على أنها جنحة وليست جناية، وفى نهاية المشوار يحصلون على البراءة والخيبة معا. تقول منى فرج من أبناء تمى الأمديد إن الظاهرة موجودة منذ سنوات، وخاصة فى كفر الأمير وقرب تل بن سلام والربع ويتم الحفر بشكل عشوائى سواء تحت البيوت أو فى مناطق تخضع للآثار بسبب قلة الحراسة. ويقول أحمد محمود من أهالى قرية بدواى التابعة لمركز المنصورة، إن عددا كبيرا من الأهالى يحفرون لأعماق مختلفة فى باطن الأرض بحثا عن قطع أثرية، جرى إيهامهم بأنها موجودة أسفل منازلهم. ويقنعهم الدجالون بإمكاناتهم فى استخدام السحر والدجل وتسخير الجن فى معرفة أماكن القطع الأثرية ويؤكد جمال عبد الحى رئيس مركز ومدينة تمى الأمديد أن المناطق الأثرية تخضع للآثار ولا ولاية للوحدة المحلية عليها ويتم التنسيق أحيانا فى مسائل النظافة لكن التنقيب العشوائى عن الآثار ليس مسئوليتها . ومن جانبه يؤكد سالم البغدادى مدير عام الآثار الفرعونية بالمحافظة أن العابثين ونتيجة حلم الثراء السريع تمتد أياديهم إلى المنازل، وحتى الحقول ويحفرون على مسافة 9 أمتار تقريبا ولا يجد 95 % من الباحثين فى الغالب أى شيء سوى الوهم لعدم معرفتهم بالتفاصيل الفنية والخرائط التفصيلية، وأحيانا يجدون كسورا أثرية لكن الخطير هو تعديهم على مناطق أثرية. ويضيف البغدادى أن هناك 26 موقعا أثريا فى الدقهلية بخلاف أربعة يجرى اخضاعها حاليا، وتوجد ثلاث بعثات أثرية مصرية وفرنسية فى غزالة بالسنبلاوين حيث تهتم قيادات وزارة الآثار بمتابعة الكشف عن أهم جبانات العصر العتيق بالدقهلية، وهناك بعثات أمريكية وبريطانية ذهبت منذ عامين ولم تعد حتى الآن، وكانت البعثة الفرنسية بالتعاون مع منطقة آثار الدقهلية اكتشفت بقعة ثقافية، بمنطقة تل السمارة بمركز تمى الأمديد، تعود لعصر المعادن، وبوتو ونقادة، من 5 آلاف سنة قبل الميلاد تضم أدوات صيد، ومطحنة حبوب، وبعض أحجار العقيق، وهى من أقدم الآثار، كما تم جمع 30 ألف قطعة أثرية، بداخل مخزن تم تصميمه خصيصا للآثار بمبلغ 10 ملايين جنيه، بقرية الربع التابعة لمدينة تمى الأمديد وتعد هى الأولى من نوعها على مستوى الجمهورية. ولفت البغدادى إلى نقص شديد فى الحراسات الخاصة بالمناطق الأثرية، حيث تحتاج إلى 350 حارسا والموجود حاليا 110 فقط ثلثهم فى المخزن المتحفى بتمى الأمديد، وأحيانا تقوم السيدات العاملات بالآثار بأعمال الحراسة أو يقوم حارس واحد بحماية موقعين نتيجة شحة الأفراد وعدم تعويض المحالين إلى التقاعد.ويلفت مدير عام آثار الدقهلية الانتباه إلى ضرورة تغليظ العقوبات على المغامرين والذين يحفرون، حيث تقوم الشرطة بحبسهم عدة أيام بمحاضر إدارية أو أحوال ، مشيرا إلى أن النيابة تحيل حالتي حفر عشوائي ومخالف على الأقل أسبوعيا أي حوالي 8 حالات شهريا وما يقارب 100 حالة في السنة ، مشددا على أهمية زيادة الوعي لدى المواطنين المخدوعين بأن باطن الأرض ملك للدولة ويجب ألا يسقطوا بسهولة في فخ الدجالين.