القافلة تجرى 3000 عملية منذ يناير الماضى مجانا بدء إجراء 145 حالة زرع قرنية قبل رمضان الحملة تتعاون مع أكبر المؤسسات الطبية المتخصصة وتقدم العلاج والعمليات مجانا د. عمرو السمرة: ضعف الوعى والرعاية الطبية وعدم تدريب الأطباء وراء انتشار أمراض الرمد
لم تتخيل نجفة أحمد عبد الصادق المرأة الستينية أن تتسرب سنوات العمر من بين يديها وتزداد الغشاوة ويقترب الظلام من عينيها، فتقف عاجزة لا تملك من أمرها شيئا وهى بالكاد تملك ما يسد حاجتها بعد وفاة ابنها الوحيد، وقيامها بتربية أبنائه الثلاثة وهى تعيش بمركز كفر شكر بالقليوبية و تعانى ضعفا بالبصر منذ أربع سنوات تقول « بقالى سنين وعنيا بيوجعونى ومش معايا أعمل عملية» تطول الأيام والسنوات حتى تأتى قافلة علاج حملة « عينيك فى عنينا» لتكون منقذا لها من ضيق الحال وتضيف: « لما جت القافلة وكشفوا عليّ قالوا إنتى هتعملى عملية ومش هتدفعى حاجة» لتستعيد الأمل والنظر معا. نجفة ليست الوحيدة التى أصيبت بأمراض فى النظر، فقرى مصر ونجوعها تمتلئ بآلاف ممن هم مثل حالتها، فها هو الحاج حلمى محمد عواد الرجل السبعينى يسمع عن القافلة مصادفة أثناء مشاهدته التليفزيون» كنت قاعد قدام التليفزيون بسمع اللى بيتقال، لأن نظرى ضعف، وسمعت عن القافلة .. فرحت كشفت وعرفت بميعاد العملية، والحمد الله كله بالمجان». ولا تنتهى القصة عند ما سبق فالتمسك بالأمل وانقشاع العتمة وانتظار شعاع النور ظل أملا يراود ليلى فهمى الغريب التى تعانى منذ أكثر من عامين من ضعف بالإبصار وضعف شديد بالرؤية عند التعرض للشمس و وجود ضباب أمام العين، ولأنها كغيرها ممن ضاقت بهم سبل العيش كانت القافلة حلا وأملا لها، حيث تكفلت بمصاريف العملية والعلاج التى تقدر ب 5 آلاف جنيه، لتعود إلى أولادها وتترك همها وحزنها مع إجراء العملية وتعود سعيدة فرحة بعدما عادت لها الحياة. الحالات التى سبق ذكرها هى جزء من نحو 3000 عملية ما بين مياه بيضاء ومياه زرقاء وغيرها من أمراض الرمد، تكفلت بهم مؤسسة صناع الحياة من خلال حملة « عينيك فى عينينا»، والتى بدأت فى يناير الماضي، واستهدفت فى مرحلتها الأولى 10 محافظات وهي: الفيوم والبحيرة والمنوفية والغربية والأقصر والقليوبية والجيزة والشرقية ومحافظات عام 2019 منها الدقهلية ومدن القناة وسيناء وتنتهى فى 2020 بباقى المحافظات بما فيها من محافظات حدودية. «اطمن على نفسك أولى الخطوات» يسرى العقبى مدير ومسئول المتابعة بمؤسسة «صناع الخير» قال : إن هدف حملة «عينك فى عنينا» هو مكافحة العمى بمصر وجعلها خالية من أى مسببات له، فالحملة تحت رعاية مجلس الوزراء وجمعية صناع الخير حيث جاءت الفكرة للمؤسسة من خلال حملة «اطمن على نفسك» لمكافحة مرض فيروس «سي» ، حيث انطلقت أولى حملاتنا فى أواخر العام الماضى وأوائل هذا العام، وكانت أولى محطاتها محافظة الفيوم، حيث وضعنا خطة للحملة تمتد إلى ثلاث سنوات. ويضيف: حين نقرر التوجه إلى محافظة بعينها نقوم بإخطار المسئولين بها قبل وصول القافلة حتى يعلم الأهالى ، ويصل فريق طبى متكامل مجهز بكل الأجهزة ويتم الفحص والتشخيص ونعطى العلاج لمن لا يحتاج إلى تدخل جراحى .. كمن يعانى من التهاب أو جفاف بالعين حيث تكون معنا صيدلية متكاملة داخل القافلة، بينما من تستدعى حالته تدخلا جراحيا فيتم نقله مجانا بمواصلات خاصة إلى المراكز والمستشفيات المتعاقدين معها ، حيث نتعاون مع اكبر المؤسسات الطبية المتخصصة فى العيون ويتم الكشف على الحالة مرة أخرى قبل إجراء العملية وعمل التحاليل اللازمة ومتابعة الضغط والسكر فى حالة وجودهما، ومن ثم يتم إجراء العملية، ويستمر العلاج بعدها واعطاء المريض الدواء المناسب، حيث قمنا بإجراء 3000عملية حتى الآن وقمنا بعمل مسح لنحو 30 ألف مواطن، مؤكدا أن الغالبية العظمى من المواطنين فى القرى لا تدرك المشاكل الموجودة بأعينهم..لذلك نسعى الى لفت انتباههم الى المرض ونقوم بعلاجهم خاصة أن قدراتهم المادية لا تتحمل مصاريف علاج وتحاليل وعمليات. وأشار مصطفى زمزم رئيس مجلس أمناء مؤسسة صناع الخير إلى أن أحد رجال الأعمال المصريين قرر التبرع ودعم المبادرة بمبلغ 3 ملايين جنيه تخصص لإجراء عمليات زرع القرنية والتى وصل عددها بقائمة الانتظار إلى 145 حالة، مشيرا إلى أنه سيتم البدء فى إجرائها قبل شهر رمضان..و أن عمليات زرع القرنية أمل صعب المنال لكثير من المرضى لارتفاع تكلفة العملية وأسعار القرنية المستودرة التى تصل إلى 30 ألف جنيه، نظرا لعدم وجود بنوك قرنية فى مصر. المياه البيضاء الأكثر انتشارا ولعل من الأسباب التى تصيب غالبية المواطنين بالمياه البيضاء هى تقدم السن، ومن أعراضها حسبما يشير د. محمد هندى مؤسس فريق «عيون العالم» عدم الرؤية بشكل واضح وضعف الإبصار، حيث إن 50% من الاشخاص فوق ال60 من العمر لديهم المرض وتزداد نسبة الاصابة عند مرضى السكرى وعند استخدام الكورتيزون بشكل مفرط أو الاطفال الحديثى الولادة نتيجة لأسباب وراثية حيث إن 40 % من حالات المياه البيضاء مجهولة السبب والبقية تتوزع مابين اسباب وراثية ومرض سكرى وتقدم العمر، وطرق العلاج تتمثل فى إجراء عملية جراحية تحت تخدير موضعى حيث يتم عمل فتحة بسيطة فى القرنية باستخدام الموجات فوق الصوتية والليزر وهى تعد احدث طرق العلاج لسحب المياه البيضاء ثم يتم زرع عدسة مناسبة دائمة غير قابلة للتلف عوضا عن العدسة الأصلية وتستغرق مدة العملية دقائق معدودة ويسترد المريض بصره بمجرد إزالة المياه البيضاء. ويضيف د. هندى أن هناك عدة أمراض أخرى مسببة للعمى تتمثل فى وجود مياه زرقا أو الاعتلال الشبكى السكرى بسبب مرض السكر أو الجلوكوما لذلك ننصح مريض السكر بفحص العين كل 6 أشهر، مؤكدا أن نسبة العمى فى مصر 1% ، أما ضعف الإبصار فيوجد نحو 5 ملايين مواطن يعانون من مشاكل فى الشبكية وضعف الإبصار بالإضافة إلى مشاكل الأطفال والتى نعتبرها من أخطر المشاكل وهى متمثلة فى عيوب خلقية أو حول أو عصب بصرى، لذلك من ضمن خطة الحملة برنامج للكشف على الاطفال بالمدارس بالتعاون مع وزارة التعليم. نقص الخبرة مشكلة وبعيدا عن الحملة وما تقوم به، فإن أمراض الرمد المنتشرة فى مصر يرجعها الدكتور عمرو السمرة استشارى طب العيون، إلى إن مرض التراكوما كان أحد الأمراض المنتشرة فى مصر خلال القرن الماضي، ومن أشهر من أصيب به كان الراحل الدكتور طه حسين.. حيث أطلق عليه «مرض المصريين» حيث كان يصيب الجفون ويحدث تلفا بالقرنية، ومع تطور الطب والدواء اختفى هذا المرض من مصر ولا نجد حالات له إلا نادرا وخاصة فى الريف، أما الآن فإن أكثر أمراض العيون له علاقة أكثر بالعوامل الوراثية منها من العوامل البيئية، خاصة مرض « المياه الزرقاء» أو ارتفاع ضغط العين عند الأطفال، غالبا يكون ناتجا عن زواج الأقارب وإذا أصيب به الكبار، فيكون مصابا ب « الجلوكوما» أو «حرامى النظر» لكن يشكو د. عمرو من ضعف الوعى الطبى والرعاية الطبية، خاصة فى الريف والمحافظات الحدودية» حين تصاب امرأة أو طفل فى الوادى الجديد على سبيل المثال، فلن تجد وعيا طبيا أو طبيبا متميزا قادرا على التشخيص السليم» معللا ذلك بقوله « برغم كفاءة أطباء العيون فى مصر، وأنهم يماثلون فى الكفاءة ما لدى الغرب، لكن المشكلة هى فى ندرة تواجدهم فى القري» حيث يرى أنهم» غالبا ما يتركزون فى المدينة وفى المناطق الراقية ويعزفون عن الريف». ويعزو د. عمرو انتشار أمراض العيون أيضا إلى عدم تدريب الأطباء خاصة الصغار والجدد منهم والجيل الجديد من الأطباء متسرع جدا، ويريد افتتاح مركز طبى للعيون وبالتالى يسعى إلى إجراء عمليات دون تدريب وخبرة كافيين، مما يتسبب فى زيادة أمراض العيون وليس علاجها»..وقد ساعد الفيس بوك فى انتشار إعلانات عن عمليات ليزك وتصحيح نظر، وفى النهاية من يعلن ليست له عيادة ويدعى وجود مركز له» مؤكدا، أن ذلك سبب فى كثرة الأمراض. ويرى د. عمرو أن « المياه البيضاء» من أكثر أمراض الرمد شيوعا فى مصر حيث تتزايد نسبة إصابة المصريين بها و يعود ذلك إلى استخدام الكورتيزون بكثافة وزيادة عملية نقل الأعضاء فى مصر، كذلك انتشار الألعاب النارية فى أعياد الميلاد والأفراح وكافة المناسبات، وهى من مسببات مرض « المياه البيضاء».