المفاضَلة فى العنوان بين كوريا الشماليةوسوريا فى قرب كل منهما لأمريكا، حيث تُصرّ كوريا الشمالية على الإعلان بكل الوسائل عن امتلاكها السلاح النووي، وعن خططها لتطويره، مع تهديداتها الصريحة لأمريكا بضرب أراضيها إذا هى فكرت فى القيام بأى عمل عدوانى ضدها، ولم تكف عن تجريب الصواريخ بعيدة المدى لاختبار قدرتها على ضرب مناطق حيوية لدى أقرب حلفاء أمريكا فى الجوار الكوري، ولا تدع الأمر للاستنتاجات التى قد تحتمل الاختلاف فى الرأى والتقدير، وإنما تصرح بأنها تنوى استخدام صواريخها ضد هذه الدول إن هى فكرت فى مساعدة أمريكا فى أى عدوان..إلخ!! وبعد كل هذا الوضوح أمام العالم أجمع، يتنازل ترامب عن شراسته, ويبدى مرونة غير عادية ويرحب بأن يلتقى بالزعيم الكورى الشمالى لتبادل الآراء المختلفة ولسماع وجهات النظر، وأن كل شىء قابل للتفاوض..إلخ. أما سوريا فعلى العكس تماماً، فهى تتعرض منذ سنوات لنقد شديد بسبب الحكمة غير المبررة فى تعاملها مع قضية أراضيها التى تحتلها إسرائيل منذ 1967، كما احتلت تركيا جزءاً آخر شمالى البلاد، وهبطت على أراضيها جيوش دول عدة، قليل منها بالتنسيق مع الدولة وكثير بالقوة، كما أنها باتت مضعضعة من عصابات الإرهاب المكلفة بمهمة تدمير البلاد داخلياً، وملايين من شعبها فرّوا بحياتهم من مدنهم وقراهم، وركب بعضهم البحر مع أطفاله للهروب من الموت والهوان إلى الموت غرقاً أو التعرض لمهانة التوقيف فى معسكرات اللاجئين..إلخ. وبعد كل هذه المآسي، لم تترفق أمريكا مع الأوضاع الإنسانية، بل جاء الموقف على أوضح ما يكون قبل يومين على لسان مندوبة أمريكا فى مجلس الأمن، عندما قالت إن سوريا ليست جديرة بإجراء محادثات مباشرة مع واشنطن، وأكدّت: «لن نجرى محادثات مباشرة مع الأسد». وهكذا، فإن قدرة كوريا الشمالية على إيذاء أمريكا هى التى تزكيها بمعاملة خاصة من أمريكا، وأما حكمة سوريا التى كان يأمل الحكماء أن تحل مشاكلها فهى التى أودت بها إلى هذا المأزق. ومن المفيد التذكير دائماً بما سرَّبته ويكيليكس عن هيلارى كلينتون عندما كانت وزيرة للخارجية عن تمسكها بتغيير الحكم السورى لأنه يحقق مصلحة إسرائيل! [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب