يبدو أن أعراض الفوضى الخلّاقة التى اخترعها فى السياسة بعض خبراء أمريكا بدأت تظهر عليها! فبعد أن استخدموها لضرب الإقليم، ونجحوا فى تخريب عدد من الدول العربية بزلزلة أركانها، بمنطق مجنون أنها ستكتشف بنفسها القواعد الصحيحة الخلّاقة التى تتفق مع أوضاعها..إلخ، ها هى نُذُر الداء فى أمريكا بسبب القرارات التى يرتجلها ترامب وتداعياتها، بما يهدد بتدمير آليات أمريكية كانت تتسم بالاستقرار، مع انقسام داخلى هدَّام غير مسبوق، بسبب المعارك الكبرى التى يفرضها على بلاده، مع أكبر تشكيك فى التاريخ فى صحة انتخاب رئيس أمريكي، مما جعل الخوف وارداً من أن ينفلت التصعيد الذى هو نتيجة طبيعية ومنطقية لهذه السياسات، والتوجس من صعوبة التحكم بعد هذا فى القصور الذاتى الجارف! أنظر إلى قراره بإلغاء المعاملة الجمركية الخاصة فى الفولاذ والألمونيوم الوارد إلى أمريكا، ثم اكتشافه كل يوم تضرر إحدى الدول الحليفة له فيُصدِر قرارا آخر بإعفائها من قراره الأول! بما يؤكد عدم دراسته لآثار أفعاله على حلفائه. ثم المفاجأة الثانية فى الموقف الاحتجاجى الشديد من الصين. أى أنه لم يدرس أيضاً ردود الأفعال المتوقعة من الأطراف الأخرى القوية من خارج دائرة حلفائه. وقُلْ مثل هذا فى قرارات كثيرة أخري، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، فى تحد لقرارات الشرعية الدولية واصطدامٍ مع بقية العالم، وها هو يلوِّح بضرب سوريا بتهمة استخدامها السلاح الكيماوي، دون أن يجرى تحقيقاً فى الموضوع، مع استمرار تهديداته ضد إيران، وتوتر لا يخمد مع كوريا الشمالية، مع العداء المستحكم المتبادل مع الإعلام الأمريكي..إلخ. وبنفوذ المدرسة الترامبية ظهرت نفس الأعراض خارج أمريكا، فى مثل القرار العصبى المتعجل الذى اتخذته بريطانيا، وأيده حلفاء ترامب، بطرد دبلوماسيين روس فى قضية محاولة اغتيال الجاسوس الروسى المقيم فى بريطانيا، أيضاً دون تحقيق يثبت تورط روسيا، بل مع تضارب فاضح بين التصريحات التى أعلنها وزير خارجية بريطانيا كتبرير جنائى لقراره، ثم نفى التبرير من مدير المختبر الجنائى البريطاني! كثيرون يتساءلون فى أمريكا: «متى يتخلص العالم من ترامب وسياساته؟!»، بينما السؤال الأهم هو: «إلى أين تودى بنا هذه السياسات؟!». [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب