أين من يُسمّون أنفسهم «أنصار بيت المقدس» فى التصدِّى لقرار ترامب الذى اعترف فيه بالقدس عاصمة لإسرائيل؟ ماذا ينصرون إذن وهم متقاعسون عن الوفاء بمهمتهم الأولى، على الأقل حتى يتسقوا مع الاسم الذى أطلقوه على تنظيمهم؟ وكيف يقبلون على أنفسهم أن يفرّوا من جهادهم هكذا ويلقوا بمسئولياتهم على غيرهم من جماهير كل الدول العربية والإسلامية بل وعلى نشطاء فى دول غربية يتهمونها بالتآمر تاريخياً مع أمريكا وإسرائيل؟ وقُلْ نفس الشيء عن الاختفاء المتزامن المريب لكل الأشاوس الآخرين الذين رفعوا شعارات الجهاد الإسلامى طوال السنوات الماضية، وأذاقوا بها شعوب المنطقة العذاب بزعم التمسك بالشريعة، فى وقت لم ينفقوا دقيقة واحدة ولا خطبة واحدة ولا طلقة رصاص واحدة ضد إسرائيل فى عز عملياتها الإرهابية ضد المدنيين الفلسطينيين! ثم ها هم يصمتون بالمطلق أمام السعى للاستيلاء على القدس بالكامل! ويشترك فى هذا الموقف الغريب، أيضاً، جبهة النصرة وداعش والقاعدة وأحرار الشام..إلخ. وأما جماعة الإخوان فكان أفضل لهم أن يختبئوا مثل حلفائهم، ولكنهم فضحوا أنفسهم بأنفسهم فى البيان الذى وجهوه إلى اجتماع منظمة التعاون الإسلامى فى تركيا والذى أعلن منظموه أنه خُصِّص لبحث أفضل الردود لمواجهة قرار ترامب! فما هى خطط الإخوان للمواجهة المقترحة؟ يكفى أن البيان يخلو من أى كلمة تُوحِى بأى نية لاتخاذ أى موقف ضد ترامب! وحتى توصيتهم عن قطع العلاقات مع الصهيونية فإنهم لم يفسروا كيف تتفق مع التمنيات الرومانتيكية بمستقبل مزدهر لإسرائيل! وهى سياستهم التى أعرب عنها صراحة محمد مرسى عندما كان يمثلهم فى القصر الرئاسى! وكانت جرائم إسرائيل أيامها تزيد بشاعة عن جريمة القدس الحالية. ولم يفت الإخوان، فى رسائلهم الضمنية التطمينية إلى واشنطن وتل أبيب، أن يتبرأوا فى بيانهم من أنهم يطالبون بحشد الجيوش، بل طالبوا شعوب الأمة أن تواجه هذا العدوان بالرجوع إلى تلمس طريق العبودية الخالصة لله سبحانه، وأكدوا أن الأمة تتوق إلى أن تكون دساتيرها وقوانينها لا تُحرِّم حلالاً أحلَّه الله، ولا تُحلِّل حراماً حرَّمه الله،..إلخ إلخ!! فهل هنالك تدليس نضالى بهذا الحجم؟!