«كيف أصبح عالمنا اليوم أقل عنفا وأكثر سلاما من أى فترة سابقة؟!». هذا السؤال الذى يؤكده الكاتب الأمريكى «ستيفن بينكر» ويحاول الإجابة عليه فى كتابه «طبيعتنا الملائكية الأفضل.. لماذا تناقص العنف». وكان «بيل جيتس» مؤسس «مايكروسوفت» وثانى أغنى واحد فى العالم، و«مارك زوكر بيرج» مؤسس موقع «فيسبوك» ورابع أغنى واحد فى العالم اتفقا على ترشيحه لقائمة كتب منتدى دافوس الاقتصادى العام الفائت باعتبارهما مشاركين دائمين فيه ونصحهما للمشاركين بأهمية قراءته!! يقول جيتس عن الكتاب: «إذا كان بمقدورى منح كل منكم هدية ستكون هذا الكتاب.. أكثر الكتب إلهاما فى حياتي». موضحا أنه يرفع معدلات الرحمة لدى القاريء. وذكر رأيه هذا فى إحدى تغريداته مايو 2017، وأدت تغريدته لإرتفاع مبيعاته على موقع أمازون إلى ستة آلاف %. أما زوكربيرج فقال: «800 صفحة وكثير من البيانات من عالم نفسانى بجامعة هارفارد قد يبدو مخيفا». ويتحدث الكتاب عن إنخفاض معدل العنف فى المجتمع عن الفترات الماضية، رغم تركيز الإعلام على العنف بما يوحى أنه تزايد. مؤكدا أننا نعيش عصرا أكثر سلاما محاولا الإجابة سبب ذلك؟! . تحدث الكتاب الصادر 2011عن تاريخ العنف فى المجتمعات البشرية، موضحا دوافعه الخمسة، وهى «الشراسة والهيمنة والانتقام والسادية والأيديولوجية»، وبالمقابل ذكر أربع خصال تقاوم العنف، وهى «التعاطف والحس الأخلاقى وضبط النفس والمنطق». وهى صفات حميدة أثبتت قدرتها على البقاء وانتصار الخير بداخلنا. وضمن بينكر معلومات هائلة عن الصراعات والحروب الدولية والإبادة الجماعية والتعذيب والاغتيالات وقتل الأطفال مؤكدا أنها تسير فى منحنى تاريخى نحو التناقص، وأظهر أن معدلات جرائم القتل فى أوروبا أقل من 10إلى 50 مرة مما كانت عليه فى العصور الوسطي، وانخفضت معدلات القتل مائة مرة بشمال شرق أمريكا مما كانت عليه فى 1625إلى 1900بجانب إنخفاض معدل عنف الدول فى العقاب البدنى والإعدام والعبودية والاستبداد التى كانت حتى قبل 800 سنة. وأوضح أن نبذ العنف بدأ منذ خمسة آلاف عام مع ظهور المجتمعات الزراعية، والتجارة الناجحة التى تتطلب حلول السلام، إضافة إلى فلسفة التنوير وحركات حقوق الإنسان. وأرجع تراجع العنف إلى عدة عوامل منها ظهور الدولة الحديثة التى تواجهه بالشرطة والقانون، وظهور المجتمعات الديموقراطية التى تتفادى محاربة بعضها، وتنامى التجارة الدولية الأمر الذى يجعل الدول تعتمد على بعضها، بجانب تمكين المرأة فى الحياة العامة، وانتشارالتعليم الذى يعزز التعاطف مع الآخرين. وستيفن بينكر(64عاما) أستاذ علم النفس بجامعة هارفارد، ومتخصص فى اللغويات وعلوم الإدراك. وينشر مقالاته فى كثير من الصحف الأمريكية، وله مؤلفات عديدة مثل «الغريزة اللغوية»، و«كيف يعمل العقل»، و«الكلمات والقواعد».