لما تشوف فى كل مكان أينما وقعت عيناك أقواما من الزبالة وتشم رائحة كريهة فلا تسأل عن السبب ولا تدعى التأفف لأنه بكل بساطة الإجابة معروفة.. الحكومة والناس.. الحكومة لأنها لا تضع منظومة صحيحة ولا قوة بشرية وقوانين ناجعة للتخلص من ذبالة المحروسة، هذا المرض المستشرى فينا.. والناس لأنهم جميعا سببا فيه؛ لأننا نتعلم سلوك النظافة فى التعليم (شفويا) وليس عمليا، وكعادتنا التعليم (الشفوى) حبر على ورق بعد الامتحانات يتبخر. قبل الثورة كان طبيعيا أن ترى رجلا فى أفخر وأهم شوارع مصر يعطيك ظهره ووجهه للحائط، وعندما يسترعى انتباهك المشهد وقبل أن تأخذك الظنون ستجد خيطا رفيعا يسيل من بين قدميه فتعرف أنه يتبول على الحائط، وعندما تسأل أى شخص عما يفعله الرجل سيقول بابتسامة خجلى (بيفك زنقته)، ولو حاولت أن تنكر ما يفعله المتبول وتقول له (عيب ما يصحش) سيرد عليك بكل بجاحة (يعنى اعملها على نفسى) !! ما الحل..؟! الحكومة لا توفر دورات مياه عمومية ولو بأجر مثل الدول المتقدمة لكى (يفك) صاحبنا (زنقته)، والمواطن غالبا لا يضع جملة (النظافة من الإيمان) فى حساباته أمام زنقته ولا نظافة شوارع المحروسة التى تحولت إلى (مذبلة).. وإذا كان هذا الفعل لا ينكره الناس والمارة فى الشارع فكيف نقول لمن يرمى الزبالة فى الشارع هذا خطأ؟! بعد الثورة زاد عدد الذين يعطون ظهورهم للمارة، وظهرت ظاهرة أشد خطرا منها وهى احتلال الأرصفة وتحويلها إلى أكشاك خشبية ومحلات، وغالبا كل من يفعل ذلك إما بلطجى قديم أو بلطجى جديد يجرب حظه مع جهاز البلدية الذى لا يهش ولا ينش، وترك الجمل بما حمل لكل مستبيح لأرصفة الشوارع، والخاسر والمتضرر الوحيد من ذلك أنا وأنت.. والذين يسيرون فى نهر الطريق وسط السيارات تجنبا لرزالة الباعة أو صاحب الكشك الذى احتل وانتهك حقك فى المرور على الرصيف بوضع كراسى وصناديق عليه ليصبح ملكية خاصة لفخامته.. وسيستفذك المشهد عندما تجد بعض الشباب العاطل (يلفون السجائر المحشية بالمخدرات) داخل هذه الأكشاك وخارجها بلا خشى أو حرج (واللى معاك اعمله)، ولو مرت فتاة من أمامهم تسمع أفظع وأقبح الألفاظ وقد تمتد الأيدى، ولو حاولت تمنعه (يتسطل عليك ويعمل مش فى وعيه).. وبعد ذلك نسأل متى يسترد الشارع أمنه وأمامنا أصل المشكلة ولا نفعل شيئا!! عندى الكثير من السلبيات والانتهاكات التى تحدث فى شوارع المحروسة ومصالحها الحكومية سأحاول الحديث عنها فى مقالات قادمة لعل أحد من المسئولين تقع عينه على سطر مما أكتبه فيفعل شيئا لله والوطن والمواطنين. لحظة: النظافة من الإيمان.. والدين المعاملة المزيد من مقالات على جاد