في ذروة التراشق اللفظي بالاتهامات، وتبادل الشتائم الشخصية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، والعالم كله يتوقع قيام حرب بين البلدين، أو أن تطلق بيونج يانج صاروخا يحمل رءوسا نووية علي القواعد الأمريكية في كوريا الجنوبية أو اليابان، توقعت الأهرام منذ نحو عام وتحديدا في 18 مايو 2017 أن يعقد لقاء قمة تاريخي بين ترامب وكيم أون، وأن واشنطن لن تشن حربا علي كوريا الشمالية أو حتي عملية عسكرية محدودة تسقط نظام كيم جونج أون، علي غرار ما فعلت مع العراق وأسقطت صدام حسين ودمرت العراق، ولم تعثر علي أسلحة الدمار الشامل المزعومة التي صدعت العالم بها. وها هو البيت الأبيض يعلن أمس أن قمة تاريخية سوف تعقد بين ترامب وكيم جونج أون في مايو المقبل، لتكون الأهرام بذلك أول صحيفة، ربما علي الإطلاق، تتوقع مثل هذا اللقاء التاريخي، في الوقت الذي كان العالم فيه يتوقع نشوب حرب، ربما تكون نووية بين أمريكاوكوريا الشمالية ربما تدمر آسيا أو العالم!
والواقع أن تصاعد الحرب الكلامية، والتراشق بين الرجلين منذ نحو 10 شهور كان هدفه الأساسي رفع سقف المطالب من كل جانب قبل الجلوس إلي طاولة المفاوضات. ولأن كوريا الشمالية تمتلك أسلحة وقدرات نووية وصاروخية فعليا وليس مجرد «طق حنك»، مثلما كان يفعل صدام العراق، وأن واشنطن تعلم يقينا أن بيونج يانج لديها هذه القدرات، فإنه لم يكن ممكنا حتي أن تفكر واشنطن في شن هجوم عسكري علي دولة تمتلك قدرات نووية وصاروخية حقيقية، لأنها غير مستعدة لأن تضحي بمئات أو آلاف الجنود الأمريكيين الذين قد يذهبون ضحية مثل هذه المغامرة غير محسوبة العواقب، كما أن واشنطن لديها «جرح» قديم من هزيمتها في فيتنام ولا تريد أن تكرر سيناريو فيتنام الأسود، فضلا عن أن الصين وروسيا وكوريا الجنوبية كانت تعارض بشدة أي عمل عسكري أمريكي ضد كوريا الشمالية وتفضل الحلول الدبلوماسية والمفاوضات والضغوط عبر «خنق» بيونج يانج من خلال محاصرة الحدود البرية والبحرية ومنع دخول أي مساعدات لها. ومن المؤكد أن لقاء ترامب وكيم جونج أون لن يحل أزمة كوريا الشمالية بسرعة كما يتوقع البعض، وإنما هي خطوة تاريخية في غاية الأهمية، تكسر الحواجز بين بيونج يانجوواشنطن، لتبدأ بعدها محادثات ومفاوضات صعبة حول برنامج كوريا الشمالية النووي، وأتوقع أن يزور كيم جونج أون اليابان عقب لقائه ترامب في البيت الأبيض في مايو المقبل.