لم أفهم كثيرا سبب غضب أعضاء الجبهة الوطنية من السياسات التي اتبعها رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة. ويرجع عدم الفهم إلي تقدير لتلك الجماعة التي وقفت إلي جانب الرئيس قبل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية. فجميعهم ممن عركتهم الأيام, والسياسة خلال العقود الماضية, وكان هناك ما يكفي منها خلال الفترة التي تلت ثورة يناير. ولما كان الحال كذلك فقد كان علي الكل أن يعرف أن اتفاق فيرمونت الفندق الذي جري فيه اتفاقات ومؤتمر صحفي عالمي قرأت فيه وثيقة الوحدة بين القوي الثورية- جري علي أساس إدعاء خاطئ وهو أنه قد جري تزوير الانتخابات وفاز بسببها الفريق أحمد شفيق ومن ثم وجب الاستعداد لمرحلة نضالية جديدة تستدعي الوحدة والاتحاد بين جماعات ليبرالية ويسارية وحتي إسلامية وجماعة الإخوان المسلمين. ولكن ما قامت عليه دعوة الوحدة ثبت خطأه التام, فلا كان هناك تزوير, ولا كان هناك فوز للفريق مهما تكن الشائعات التي رددت غير ذلك بإصرار عجيب, ولا كان هناك السيناريو الروماني الذي يعيد النظام القديم مرة أخري. نجح النظام الجديد, وتم تسليم السلطة في احتفال بهي إلي جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة تماما كما كانت تريد جماعة الجبهة الوطنية. ولكن تولي السلطة يولد حقائق جديدة, والفارق بين لحظة المؤتمر الصحفي في فيرمونت, والمسئولية السياسية لرئيس الجمهورية تختلف كثيرا عما تتصوره الجماعة الغاضبة التي شعرت بخذلان كبير. المسألة ببساطة أن الرئيس أصبح رئيسا لكل المصريين, ومن لحظة توليه الرئاسة كان عليه التعامل مع حقيقة لا يزال أعضاء الجبهة الوطنية يرفضون التعامل معها وهي أن أقل قليلا من نصف المصريين قد صوتوا للطرف الآخر في الانتخابات, أو وفق حسابات أخري من كانت لديه النزعة الإيجابية وذهب للتصويت في صناديق الاقتراع. الحقيقة الأخري كانت أن مصر أصبحت ممتلئة بالعديد من الجبهات الوطنية التي لها رؤاها لما يجب أن تكون عليه الأحوال; وهذه بدورها استندت إلي ملايين الأصوات التي حصل عليها زعماؤها أ. حمدين صباحي, د.عبد المنعم أبوالفتوح- في الجولة الأولي من الانتخابات الرئاسية. الأمر هكذا يعكس أثقالا نسبية حقيقية علي أرض الواقع السياسي لا يوجد ما يؤكد أن جماعة الجبهة الوطنية تمتلك بعضا منها; خاصة أنها لا تساعد كثيرا أو قليلا في الحقيقة الثالثة, وهي الكم الهائل من المشكلات والمعضلات والتحديات التي علي رئيس الجمهورية التعامل معها, سواء خلال المائة يوم الأولي من رئاسته, أو مئات الأيام التي سوف تليها. [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد