لم يكن هذا هو المتوقع من قرار الاتهام فى القضية التى نفخ فيها الإعلام الأمريكي، منذ إعلان فوز ترامب، بتأكيد كبار المعلقين عن تدخل روسى رهيب فى العملية الانتخابية أدَّى إلى فوزه، وقيل إن عدداً من مساعديه متورطون فى المؤامرة..إلخ! ولكن جاء قرار الاتهام قبل أيام ليحدد وقائع بعينها، لا يمكن، وفق الاتهام، أن تصل إلى حد التأثير فى نتيجة الانتخابات! فقد انحصر الاتهام، فقط، فى 13 مواطناً روسياً ومعهم ما قيل إنها 3 كيانات. وأما التهم المنسوبة إليهم فهى لا تمسّ من قريب أو بعيد الإجراءات الحاكمة فى سير عمليات التصويت والفرز وإعلان النتيجة، وإنما لا يتعدَّى التدخل المنسوب إليهم سعيهم للتأثير فى جماهير الناخبين، ولما كانت هيلارى كلينتون قد فازت بأصوات الناخبين، فهذا يؤكد أن التدخل المشار إليه كتهمة قد فشل فى تحقيق الغرض المنسوب إلى المتهمين، كما يُوحِى أيضاً، وهذا مهم جداً، وكأن المتهمين غافلون عن القواعد الحاكمة فى الانتخابات الأمريكية التى لا تحسمها جماهير الناخبين وإنما اقتراع المجمع الانتخابي، الذى لم يُشر قرار الاتهام إلى أى تدخل روسى فى أعماله!! فهل بالفعل تجهل المخابرات الروسية هذه القواعد، فتغفل عنها فى حالة تخطيطها للتدخل فى سير الانتخابات؟!. كل هذا كان سبباً فى أن يُسرِع ترامب فى الإعراب عن سعادته لإبراء ساحته، هو ومعاونيه، من أى تواطؤ. وعلى الناحية الأخري، سخرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية من الاتهامات وقالت إنها حقاً سخيفة. هذا الكلام لا يعنى أن الروس أبرياء من محاولة التدخل، ولكن المقصود هو الإشارة إلى دور سطوة الإعلام الأمريكى فى التأثير الهائل على الرأى العام، داخل أمريكا وعلى مستوى العالم كله، إلى حد أن الجميع كانوا مهيئين لتلقى تفاصيل مُفحِمة عن التدخل الروسي، ولكن جاء الاتهام بهذه الصورة! وأما النتيجة السلبية الكبري، فهى أن أمريكا قفزت قفزة خطيرة منذ بدأ التشكيك فى نزاهة الانتخابات فى الفوز الأول لبوش الابن، وتدهور الأمر سريعاً، إلى حد استنزاف الطاقة الحيوية لأمريكا فى مهاترات يتخلى فيها الإعلام عن قاعدة الحياد التى كان يَدَّعِى تقديسها فيما سبق! لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب