رغم التوترات السياسية التي لاتزال تشهدها مصر في الوقت الحاضر بعد مرور اكثر من عام ونصف العام علي ثورة25 يناير فإن مرحلة البناء يجب ان تبدأ في اسرع وقت لإنجاز الوعود وانقاذ البلاد من حالة التردي الاقتصادي المستمرة منذ سنوات طويلة وازدادت في الشهور الاخيرة. ويأتي دور القطاع المصرفي في هذه المرحلة كلاعب اساسي لرسم خريطة الاستثمار بحيث تركز علي المجالات الانتاجية الحقيقية اكثر من المشروعات التجارية والاستهلاكية وذلك بعد ان توقف النشاط الائتماني بشكل شبه كامل في معظم البنوك المصرية لاكثر من عام ونصف العام بسبب احداث الثورة وعدم وضوح الرؤية السياسية لمستقبل البلاد. و يحتاج الاقتصاد في هذه الفترة اكثر من اي وقت مضي الي دور وطني فعال للبنوك لتمويل المشروعات الكبري ذات العائد التنموي واعطاء مزايا ائتمانية للصناعات الحيوية والاستراتيجية الي جانب تخصيص جزء من خطتها الائتمانية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في مجال الصناعات والمنتجات المتخصصة والبسيطة التي تغذي الصناعات الكبري بجزء من احتياجاتها وتسهم في خطط التصدير. ويشير مجدي عبد الفتاح الخبير المصرفي الي أن البنوك يجب ان تعود الي وظيفتها الاولي والاساسية في تمويل المشروعات بعد ان اكتفت في الفترة السابقة بالاستثمار في ادوات الدين العام خاصة اذون الخزانة لان العائد عليها مضمون ومرتفع ونسبة المخاطرة تكاد تكون معدومة لان الدولة رغم كل الضغوط الشديدة الواقعة عليها اقتصاديا ملتزمة بسداد الديون الداخلية في الوقت المحدد, لذلك اتجهت معظم البنوك الي استثمار السيولة في ادوات الدين العام مما حرم المشروعات والشركات من الحصول علي هذه القروض. واكد ان اكثر اشكال التمويل التي يحتاج اليها الاقتصاد المصري في المرحلة المقبلة هي القروض المشتركة, حيث يتم تمويل مشروعات كبري فيشترك اكثر من بنك في عملية التمويل, كما يشير الي ضرورة توجيه مزيد من الاهتمام بالمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والتي لها دور اساسي في حل مشكلة البطالة الا أن البنوك كانت تحجم عن تمويلها لعدم وجود ضمانات كافية, لذلك لابد من انشاء بنك متخصص لهذه النوعية من المشروعات لان البنوك ليست متفرغة لهذه القروض التي تحتاج الي وقت ومتابعة وجهود عديدة. واوضح ان انشاء شركة للاستعلام الائتماني سيكون له دور كبير في توفير المعلومات الخاصة بالعملاء وموقفهم الائتماني وقدرتهم علي السداد مما سيوفر علي البنوك جهدا ووقتا وتكلفة كبيرة. كما يشير الي ضروة ان يكون للبنك المركزي دور في توجيه البنوك نحو اقراض المشروعات الكبري التنموية ووضع ضوابط لتوجيه السيولة لأدوات الدين العام حتي لا تأتي علي حساب المشروعات الاستثمارية, كما يجب علي البنوك ان تشارك في خطة رئيس الجمهورية للمائة يوم الاولي في المجالات الاساسية الخاصة بالمرور والنظافة ورغيف العيش من خلال توفير التمويل اللازم للمشروعات في هذه القطاعات ومنها مشروعات النقل الجماعي وشركات تدوير القمامة, مضيفا ان البنوك في السنوات الماضية وجهت معظم سيولتها لتمويل طبقة معينة من رجال الاعمال والمستثمرين وحرمت العديد من الفئات من الحصول علي التمويل اللازم لمشروعاتها وهذا الأمر يجب ان يتغير الآن بحيث يتاح التمويل للجميع بشرط جدية المشروع والقدرة علي السداد مع توافر الضمانات الكافية. قال باسل رحمي رئيس قطاع التجزئة المصرفية ببنك الاسكندرية, انه متفائل بتولي الدكتور محمد مرسي الرئاسة, ومطالبا بالسماح ببعض الصلاحيات للبنوك لكي تزيد من دورها التنموي خلال المرحلة المقبلة بعد موافقة البنك المركزي واهمها السماح بالمعاملات البنكية من خلال الانترنت واجراء بعض التعديلات علي نظام التمويل العقاري بما يضمن حق البنك وكذلك التوسع في المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر التي تساند المواطن البسيط.واوضح ان السماح بالمعاملات البنكية من خلال الانترنت ستسهل علي العميل والمستثمر في الحصول علي كشف حساب أو دفع اية فواتير أو سداد المخالفات عند تجديد الرخصة مما يوفر الوقت والجهد, وعلي ان يتم وضع قواعد صارمة من قبل البنك المركزي تلتزم بها البنوك لضمان عدم اختراق سرية حسابات العملاء.وبالنسبة لتفعيل نظام التمويل العقاري للمساهمة في تنشيط الاقتصاد في الفترة المقبلة قال رحمي ان هناك بعض المشكلات التي تحتاج الي الحل واهمها ضرورة ضمان تسلم البنك الوحدة السكنية في حالة امتناع العميل عن السداد لفترة محددة علي أن يتم ذلك فورا أسوة بالدول الأجنبية التي تعطي مهلة90 يوما وبعدها يسترد البنك الوحدة دون الحاجة الي الدخول في منازعات قضائية تستغرق سنوات طويلة مما يعطل حركة الاقراض, وأضاف أن المشكلة الثانية في التمويل العقاري هي عدم القدرة علي ممارسة النظام في المدن الجديدة مثل التجمع الخامس والسادس من اكتوبر. واتفق مع الخبير المصرفي مجدي عبد الفتاح حول أن المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر هي الحصان الرابح خلال المرحلة المقبلة, حيث يتراوح تمويل المشروعات الصغيرة من250 الف جنيه وحتي3 ملايين جنيه, اما متناهية الصغر فتصل إلي35 الف جنيه بفائدة متناقصة نحو25%, مشيرا إلي ان القرض يتم صرفه علي دفعات وفقا لانتظام العميل في السداد وضرب بعض الامثلة لمتناهية الصغر نجح اصحابها في الارتقاء بمستوي معيشتهم كماسح الاحذية الذي حصل علي قرض وتحول الي صاحب محل صغير للتصليح والبيع.