حذر أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة العربية، من أن المساس بمدينة القدس لن يقبله عربي، مسلما كان أو مسيحيا، مشيرا إلى أن العبث بهذا الملف هو لعب بالنار ودعوة لانزلاق المنطقة إلى هاوية الصراع الدينى والعنف والإرهاب. جاء ذلك فى كلمته أمام الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية، الذى عقد على مستوى وزراء الخارجية مساء أمس برئاسة جيبوتي، وذلك لبحث التحرك العربى لمواجهة القرار الأمريكى بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها. ولفت أبو الغيط الى أن العمل العربى فى مواجهة هذا القرار الأمريكى الباطل، وحصار تبعاته، والحد من آثاره السلبية، هو عمل طويل الأمد، ويرتكز على إستراتيجية توظف نقاط القوة فى الموقف العربي، وتوزيع الأدوار بين الدول العربية، على نحو يفضى إلى الحصول على أكبر تأثير ممكن على مواقف الدول وعواصم القرار، مشيرا إلى أنه تم تناول بعض من الأفكار والخطط فى هذا المجال خلال لقاء فى لجنة وزارية عربية مصغرة عقد فى العاصمة الأردنية »عمان« فى 6 يناير الماضي. وتابع قائلا: »إننا نرصد جميعا دلالات تؤشر على أن الأمر لا يتعلق بملف القدس وحده، وإنما بموقف الجانب الأمريكى من قضايا الوضع النهائى كافة، وبمدى التزامه من الأساس بحل الدولتين كصيغة لإنهاء الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين». وقد عرض الدكتور أيمن الصفدي، وزير الخارجية الأردني ورئيس اللجنة الوزارية السداسية، تقريرا فى الاجتماع عن نتائج تحركات واتصالات اللجنة، وقال إن الوزراء الأعضاء فى اللجنة قاموا بالتحرك والتواصل مع مختلف الأطراف والمنظمات الدولية لنقل الموقف العربى الرافض لقرار ترامب والنتائج التى يمكن أن تترتب عليه، والتأكيد أن القرار الأمريكى بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها لاينشئ حقا ولايغير وضعا قانونيا راسخا بشأن القدس. وأعلن الصفدى أن اللجنة السداسية ستكثف خلال المرحلة المقبلة من تحركها وتواصلها مع المجتمع الدولى لتوضيح أبعاد الحق الفلسيطني، معربا عن تطلعه للقاء وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى فى وقت لاحق من شهر فبراير الحالي، لكسر الاستلاب الأمريكى وإطلاق جهد دولى من أجل إنهاء الصراع، يقوم على أن القدس عاصمة لدولة فلسطين. وبدوره، أكد الدكتور رياض المالكي، وزير خارجية فلسطين، أن الأمة العربية تمتلك القدرة الكامنة لتوجيه رسالة كافية للإدارة الأمريكية، تجعلها ترتد عن قرارها بخصوص القدس. وطرح أمام وزراء الخارجية العرب سلسلة من التساؤلات حول مضمون هذه الرسالة وقال: هل يمكن أن نقبل صفقة سلام مزعوم بدون القدس؟ وهل يمكن أن نجلس على طاولة مفاوضات تستثنى القدس كما قال الرئيس ترامب ونائبه أكثر من مرة، ثم تستثنى قضية اللاجئين؟ أم سنقوم بجهد صادق وقوى مثمر ينتج عن ايجاد واقع سياسى وقانونى لا يمكن الرجوع عنه، بما فى ذلك اعترافات دولية جديدة بدولة فلسطين على خطوط حزيران 67؟ وهل سنقوم بجهد جدى مع الدول لرفع كلفة الاحتلال الاستعماري، وجعله غير مستدام؟ وهل سنخفض اعتمادنا على الدور الأمريكى فى عملية السلام؟ وهل سنبحث جديا عن آلية دولية جديدة قادرة على إنجاز سلام عادل وشامل على أسس صحيحة؟ وهل سندعم قرارات المجلس المركزى الفلسطينى بكل الوسائل؟ وحدد المالكى أولويات التحرك العربى فى المرحلة المقبلة للوصول الى أفق جدى لحل الدولتين، ترتكز على مواجهة ورفع كلفة الاحتلال الاستعمارى الإسرائيلي، ومتابعة العمل لتثبيت الحقائق القانونية والسياسية لحماية الحقوق الفلسطينية وحل الدولتين. وكان محمود على يوسف، وزير خارجية جيبوتي، افتتح الاجتماع بكلمة أكد فيها ضرورة اتخاذ خطوات حاسمة فى هذا المنعطف الخطير الذى تمر به القضية الفلسطينية، ومواجهة هذه الأوضاع التى تهدد الحقوق والأوضاع الفلسطينية فى القدس.
.. والبيان الختامى يدعو لإطلاق آلية دولية لعملية السلام جدد مجلس الجامعة العربية رفضه لأى قرار يعترف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلى ونقل البعثات الدبلوماسية إليها لمخالفته قواعد القانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية، مشددا على ضرورة اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمواجهته والحيلولة دون اتخاذ قرارات مماثلة، وذلك تنفيذا لقرارات القمم والمجالس الوزارية العربية المتعاقبة. ورحب المجلس فى بيانه الختامى بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة فى إطار دورتها الاستثنائية الطارئة العاشرة، الذى أكد أن أى قرارات أو إجراءات تهدف إلى تغيير طابع مدينة القدس الشريف أو مركزها أو تركيبتها الديموجرافية ليس لها أى أثر قانونى وأنها لاغية وباطلة، ويجب إلغاؤها امتثالا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. ودعا البيان جميع الدول للامتناع عن إنشاء بعثات دبلوماسية فى مدينة القدس الشريف، عملا بقرار مجلس الأمن 478 لعام 1980 الذى أكد أيضا أن مسألة القدس هى إحدى قضايا الوضع النهائى التى يجب حلها عن طريق المفاوضات وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وأعلن مجلس الجامعة تأييده ودعمه لقرارات الرئيس الفلسطينى محمود عباس وجميع قرارات الأطر القيادية لمنظمة التحرير الفلسطينية، مؤكدا أنه سيعمل مع دولة فلسطين على تحقيق الهدف من تلك القرارات على جميع الأصعدة. وأعاد المجلس فى قراره تأكيد التمسك بالسلام كخيار إستراتيجى، وحل الصراع العربى الإسرائيلى وفق مبادرة السلام العربية لعام 2002، ورفض أى صفقة أو مبادرة لحل الصراع لا تنسجم مع المرجعيات الدولية لعملية السلام فى الشرق الأوسط. وأكد قرار وزراء الخارجية حق الشعب الفلسطينى فى ممارسة جميع أشكال النضال ضد الاحتلال الإسرائيلى وفقا لأحكام القانون الدولى، بما فى ذلك المقاومة الشعبية داعيا إلى العمل مع الأطراف الدولية الفاعلة لتأسيس آلية دولية متعددة الأطراف تحت مظلة الأممالمتحدة لرعاية عملية السلام، بما فى ذلك الدعوة إلى عقد مؤتمر دولى لإعادة إطلاق عملية سلام ذات مصداقية، ومحددة بإطار زمنى.