* الإفتاء: دورات لتأهيل المقبلين على الزواج * علماء ومتخصصون: حملات التوعية والدراما لها دور فاعل فى الحد من الظاهرة
ربما لا يفكر الزوجان المتخاصمان فى النتيجة التى ستئول إليها خصومتهما، ألا وهى التفكك الأسرى بما ينشأ عنه من مفاسد فى المجتمع وانتشار للجريمة وتشريد للأطفال. ولما كانت الأسرة هى اللبنة الأولى فى قوام المجتمع حرص الإسلام على تأهيلها ونهوضها ورسوخها حتى يسلم المجتمع من الآفات والجرائم والنوائب. وربما كانت وسائل التواصل الاجتماعى نعمة تحولت إلى نقمة على المجتمعات المسلمة ، فأصبحت سببا مباشرا أو غير مباشر فى المشكلات التى تنشأ بين أفراد الأسرة عازلة لأفرادها فأصبح كل منا يعيش فى عالمه، وليست الدراما الهابطة ببعيدة عن ذلك فى نشر مفاهيم وتصرفات وسلوك تأباه أخلاق المسلم، وبدلا من أن تكون دافعة إلى أقوم الأخلاق والفضائل، صارت دافعة إلى أرذل الصفات والتصرفات، علاوة على استلاب عقول الشباب إلى الفكر المتطرف والإرهابي. وأكد علماء الدين والاجتماع والإعلام أن مواجهة مشكلة التفكك الأسرى تكمن فى معالجة أسبابه التى فى مقدمتها غياب الوازع الدينى والأخلاقى وتقديم الدراما الهابطة والبرامج الحوارية غير المسئولة، التى تسببت فى تشريد الأطفال وبالتالى زيادة معدلات الطلاق والجريمة بمختلف صورها. ويقول الشيخ خالد عمران، أمين عام الفتوى بدار الإفتاء، إن التفكك الأسري، مشكلة باتت فى تزايد مستمر، خصوصا بعد اتساع الفجوة بين الأجيال وتسارع وتيرة ما يسمى بثورة الاتصالات من مظاهر هذه المشكلة، موضحا أهم أسبابها، المتمثلة فى تراجع دور الأب، فالأب - مثلا - الذى يقضى معظم وقته خارج المنزل، ويحرم زوجته وأطفاله من الجلوس معه أو الخروج معه، وكذلك الأم الحاضرة الغائبة، التى تنشغل أيضا بالزملاء والأصدقاء عن البيت والأسرة، ويتراجع دورها كزوجة وأم، وما يحتاجه زوجها وأطفالها منها من العناية والحب، كما أن الصراع على القيادة بالمنزل من أهم مسببات التفكك الأسري. مخاطر «الفيس بوك» وأشار إلى أنه على الرغم من الفوائد الإيجابية العديدة التى حصدناها من وراء الاتصالات الحديثة، إلا أنها تعد من أسباب التفكك الأسري، حيث إن إفراط الفرد فى التعامل معها ليقضى الجزء الأكبر من وقت الفراغ فى متابعتها، أدى إلى نسيان مسئولياته وواجباته تجاه أسرته، يضاف إلى ذلك المحتوى الهزيل، الذى يقدم من قبل بعض المواقع، والذى لا يهدف إلا للإثارة وجلب أكبر عدد من المشاهدين، بالإضافة إلى الجفاء الذى يقع جراء هذه الملهاة، كما يتسبب التعامل غير الرشيد مع دخل الأسرة وميزانيتها فى نشوب حالة من التفكك الأسري، مطالبا كلا من الأم والأب بالسعى الدائم لتقوية العلاقة بينهما، وحل مشكلاتهما بأسلوب راق، بعيدا عن العنف والصراخ، مع إحسان إدارة الوقت من كل أفراد الأسرة بتخصيص وقت خاص لمعرفة مشاكل الأبناء واهتماماتهم وحاجاتهم،. مقومات الأسرة ويشير الدكتور نبيل السمالوطي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، إلى أن الأسرة الناجحة لا بد لها من توافر عدة مقومات، أهمها حسن الاختيار للزوجين وفق ما أقر الشرع الحكيم، مع تعليم الشاب والفتاة معنى تحمل المسئولية الزوجية بمختلف صورها، من خلال إكسابهما القدرة التربوية والدينية والسلوكية فى التعامل فيما بينهما، موضحا أن تلك المقومات وغيرها إذا لم تتوافر فى تكوين الأسرة من البداية، تفككت ونتج عنها أطفال مشردون وجعلهم عرضة لأن تحتضنهم أى فئات مخربة ومتطرفة، بما يشيع الفساد فى المجتمع. الإعلام والدراما وحول دور الإعلام فى مواجهة ظاهرة التفكك الأسرى وشيوع الطلاق يقول الدكتور محمود يوسف، الأستاذ بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، إن الإعلام بمختلف مؤسساته وأشكاله، عليه مسئولية كبيرة لمواجهة التفكك الأسري، الذى يعد إحدى حاضنات التطرف والإرهاب، فيجب علينا أن نعيد تقديم النماذج المثالية للأسرة من خلال وسائل الإعلام والدراما والسينما، وأن نقدم نماذج صالحة للاقتداء للشباب بدلا من النماذج السيئة، التى أسهمت فى انتشار البلطجة والعنف فى المجتمع، كما يجب أن تهتم البرامج الإعلامية فى مختلف الوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية، خاصة الإعلام الإلكتروني، بتكثيف المادة الإعلامية الخاصة بمعالجة أسباب التفكك الأسري، بوسائل العصر وبلغة يفهمها الشباب. دور المؤسسات الدينية وحول دور المؤسسات الدينية فى التوعية بالحياة الأسرية والتحذير من شيوع الطلاق بين المتزوجين حديثا، يقول الدكتور سعيد عامر، الأمين العام المساعد للدعوة بالأزهر، إنه يتم دائما التأكيد على الوعاظ بضرورة التركيز فى الدروس والندوات، على الموضوعات التى تهتم بشأن أفراد الأسرة، مثل بر الوالدين وحسن معاملة الأبناء. أما دار الإفتاء فقد أخذت على عاتقها تنظيم دورات تثقيفية للمقبلين على الزواج، وأوضح الدكتور عمرو الورداني، أمين التدريب بدار الإفتاء، أن الدار تعمل على تنفيذ خطة استباقية متكاملة، لتحصين الأسرة من التفكك والانهيار، تتمثل فى عقد دورات تأهيلية للمقبلين على الزواج، تشمل جميع الجوانب الشرعية والنفسية والثقافية والاجتماعية والطبية والتنمية البشرية، من خلال متخصصين على درجة وكفاءة عالية فى تلك الجوانب، بهدف تهيئة الزوجين للحياة الأسرية وتدريبهما على حل المشكلات الزوجية والتعامل مع ضغوطها، وقد أتت هذه الدورات بثمارها.
