باعلان هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف بالإجماع وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانَه وشروطَه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق.. تسدل الستار على قضية أثارت جدلا كبيرا في الاونة الاخيرة. جاء ذلك خلال الاجتماع الطارئ الذي عقدته الهيئة اليوم الأحد برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ ورئيس الهيئة، لمناقشة الرأى الشرعى بشأن قضية الطلاق الشفوى وفق ما توصلت إليه لجان الهيئة الشرعية ومناقشات الأعضاء بخصوص تلك القضية وإصدار بيان رسمى بشأنها. وفي بيان صدر اليوم .. أكدت الهيئة ان ذلك جاء انطلاقًا من المسؤوليَّة الشرعيَّة للأزهر الشريف ومكانته في وجدان الأمَّة المصريَّة التي أكَّدها الدستور المصري، وأداءً للأمانة التي يحملُها على عاتقِه في الحِفاظ على الإسلام وشريعته السمحة على مدى أكثر من ألف عام من الزمن ، حيث عقدت هيئة كبار العلماء عدَّة اجتماعاتٍ خلالَ الشهور الماضية لبحثِ عدد من القضايا الاجتماعية المعاصرة؛ ومنها حكم الطلاق الشفويِّ، وأثره الشرعي. وأعدَّت اللجان المختصَّة تقاريرها العلمية المختلفة، وقدَّمتها إلى مجلس هيئة كبار العلماء الذي انعقد اليوم وانتهى الرأي في هذا المجلس بإجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم وتخصُّصاتهم إلى وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانَه وشروطَه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، وهو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – وحتى يوم الناس هذا، دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق. وعلى المطلِّق أن يُبادر في توثيق هذا الطلاق فَوْرَ وقوعِه؛ حِفاظًا على حُقوقِ المطلَّقة وأبنائها، ومن حقِّ وليِّ الأمر شرعًا أن يَتَّخِذَ ما يلزمُ من إجراءاتٍ لسَنِّ تشريعٍ يَكفُل توقيع عقوبةً تعزيريَّةً رادعةً على مَن امتنع عن التوثيق أو ماطَل فيه؛ لأنَّ في ذلك إضرارًا بالمرأة وبحقوقها الشرعيَّة. شيوع الطلاق هيئة كبار العلماء رأت قي بيانها الذي صدر اليوم أنَّ ظاهرةَ شيوع الطلاق لا يقضي عليها اشتراط الإشهاد أو التوثيق، لأن الزوجَ المستخفَّ بأمر الطلاق لا يُعيِيه أن يذهب للمأذون أو القاضي لتوثيق طلاقه، علمًا بأنَّ كافَّة إحصاءات الطلاق المعلَن عنها هي حالاتٍ مُثبَتة ومُوثَّقة سَلَفًا إمَّا لدى المأذون أو أمام القاضي. ولكن أكدت الهيئة ان العلاج الصحيح لهذه الظاهرة يكون في رعاية الشباب وحمايتهم من المخدرات بكلِّ أنواعها، وتثقيفهم عن طريق أجهزة الإعلام المختلفة، والفن الهادف، والثقافة الرشيدة، والتعليم الجادّ، والدعوة الدينية الجادَّة المبنيَّة على تدريب الدُّعاة وتوعيتهم بفقه الأسرة وعِظَمِ شأنها في الإسلام؛ وذلك لتوجيه الناس نحوَ احترامِ ميثاق الزوجية الغليظ ورعاية الأبناء، وتثقيف المُقبِلين على الزواج. كما تُناشِد الهيئةُ جميعَ المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الحذَر من الفتاوى الشاذَّة التي يُنادي بها البعض، حتى لو كان بعضُهم من المنتسِبين للأزهر؛ لأنَّ الأخذَ بهذه الفتاوى الشاذَّة يُوقِع المسلمين في الحُرمة. وتهيب الهيئة بكلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ التزام الفتاوى الصادرة عن هيئة كبار العلماء، والاستمساك بما استقرَّت عليه الأمَّةُ؛ صونًا للأسرة من الانزلاق إلى العيش الحرام. الاستهانة بالطلاق وتُحذِّرُ الهيئة المسلمين كافَّةً من الاستهانة بأمرِ الطلاق، ومن التسرُّع في هدم الأسرة، وتشريد الأولاد، وتعريضهم للضَّياع وللأمراض الجسديَّة والنفسيَّة والخُلُقيَّة، وأن يَتذكَّر الزوجُ توجيهَ النبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – أنَّ الطلاق أبغَضُ الحلال عند الله، فإذا ما قرَّر الزوجان الطلاقَ، واستُنفِدت كلُّ طرق الإصلاح، وتحتَّم الفراق، فعلى الزوج أن يلتزم بعد طلاقه بالتوثيق أمام المأذون دُون تَراخٍ؛ حِفظًا للحقوق، ومَنعًا للظُّلم الذي قد يقعُ على المطلَّقة في مثلِ هذه الأحوال. كما تقترحُ الهيئة أن يُعادَ النظرُ في تقدير النفقات التي تترتَّب على الطلاق بما يُعين المطلَّقة على حُسن تربيةِ الأولاد، وبما يتناسبُ مع مقاصدِ الشريعة. وتتمنَّى هيئةُ كبار العلماء على مَن "يتساهلون" في فتاوى الطلاق، على خلاف إجماع الفقهاء وما استقرَّ عليه المسلمون، أن يُؤدُّوا الأمانةَ في تَبلِيغ أحكامِ الشريعةِ على وَجهِها الصحيح، وأن يَصرِفوا جُهودَهم إلى ما ينفعُ الناس ويُسهم في حل مشكلاتهم على أرض الواقع؛ فليس الناس الآن في حاجةٍ إلى تغيير أحكام الطلاق، بقدر ما هم في حاجةٍ إلى البحث عن وسائل تُيسِّرُ سُبُلَ العيش الكريم. يذكر أن هيئة كبار العلماء برئاسة فضيلة الامام الاكبر شيخ الأزهر هى أعلى مؤسسة دينية فى مصر وتختص وفق القانون بالبت فى القضايا الدينية وكذلك الاجتماعية ذات الطابع الخلافى التى تواجه المجتمع على أساس شرعى، وهى المرجع النهائى فى كل ما يتعلق بعلوم الإسلام وتراثه واجتهاداته الفقهية. قنبلة موقوتة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، حذر من ارتفاع نسب الطلاق خلال الفترة الماضية؛ حيث شهدت حالات الطلاق خلال الخمسين سنة الماضية ارتفاعا بنسبة من 6% إلى 40% حسب الإحصاءات الرسمية، و أضاف ان كلمة الطلاق أصبحت كلمة سهلة في المجتمع ومنتشرة؛ يجب أن نمتنع تمامًا عن تكرار كلمة الطلاق على الألسنة، بالاضافة الى ان قانون الخُلع الذي صدر في عام 2002 ساهم في زيادة نسب الطلاق. وأضاف المفتي ان 3200 حالة طلاق تصل إلى دار الإفتاء المصرية شهريًّا ، و"بدراسة هذه الحالات؛ نجد أنه يقع منها طلاق واحد أو اثنان فقط؛ وذلك لأن الطلاق قد لا يكون معبرًا عن الحقيقة حتى وإن كان رسميًّا، ويحتاج إلى تحقيق من المفتي، وقد لا يستطيع الزوج توصيف الحالة للمأذون على حقيقتها". وحول وقوع الطلاق الشفهي؛ قال المفتي: "نعم يقع وفق القانون المصري، والقانون يُلزم أيضًا من يقع الطلاق منه؛ أن يوثِّقَه، والسائل عندما يأتي لدار الإفتاء ونرى أن الطلاق قد وقع منه؛ ننصحه بالذهاب للمأذون وتوثيق الطلاق خلال 30 يومًا". وأوضح أن المأذون إذا وجد شكاً في حالة طلاق؛ لابد أن يحيل الموضوع إلى دار الإفتاء؛ لحل الأمر.. ونحن من جانبنا إذا وقع الطلاق؛ نقول للزوج لابد من الذهاب إلى المأذون وتوثيق الطلاق. وأشار "علام" إلى أن تخوف الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن قضية الطلاق الشفوي؛ في محله، لأنها مشكلة كبيرة، وتحتاج إلى عناية خاصة من كافة الجهات من مؤسسات دينية ومراكز الأبحاث الاجتماعية وعلماء الاجتماع والنفس وكافة الجهات المعنية وذلك للبحث عن أسباب الطلاق وطرق علاج هذه الظاهرة. وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي، قد دعا شيخ الأزهر بالبحث عن مخرج فقهي للطلاق الشفوي، بعد أن ساهم في ارتفاع نسب الطلاق خلال الفترة الماضية، إلي 40 %- علي حد قوله-. الطلاق..الحل الأخير "إن أبغض الحلال عند الله الطلاق" .. هذا ما أكده فضيلة المفتي ، باعتباره آخر طرق العلاج، فالخلافات الزوجية ينبغي أن يتم تداركها داخل الغرف المغلقة، ولابد من وجود فن لإدارة هذه الخلافات، وفي حالة عدم الوصول إلى حلول يجب أن نلجأ إلى أشخاص لديهم الخبرة والصلاحية . المفتي أوضح أن هناك أسبابًا كثيرة لظاهرة الطلاق منها ما هو اجتماعي وما هو اقتصادي بجانب جهل الزوجين بحقوق وواجبات بعضهما البعض، وبدراسة كل هذه الأسباب والسعي لوضع حلول لها نصل إلى حل لهذه الظاهرة، والدعاة والمشايخ وأمناء الفتوى يقع على عاتقهم مسئولية تبصير الناس بالأمر الشرعي في مسألة الطلاق. وأضاف أن كل النصوص الشرعية تتجه إلى أن الطلاق هو آخر طرق العلاج، وبالتالي ينبغي أن ننظر إلى الطلاق على أنه علاج لحالة مرضية، وفي حال ما إذا استعصى حل المشكلات الزوجية بكافة الطرق العلاجية يكون الطلاق هو آخر طرق العلاج لهذه المشكلات، كما أن اللجوء إلى القضاء لابد أن يكون آخر المطاف طالما أن الزوج قادرًا على حل المشكلات الزوجية. تأهيل المقبلين على الزواج وحول علاج الظاهرة ، ودور المؤسسات الدينية في المساهمة في حل أسباب الظاهرة، أكد علام، أن الدورة الرابعة لتأهيل المقبلين على الزواج التي تنظمها دار الإفتاء ستبدأ في الرابع والعشرين من هذا الشهر؛ وتهدف الى بناء زوج وزوجة قادرين على مواجهة وحل المشكلات الزوجية، لأن بناء الإنسان مهم جدًّا. فقد حرص الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم على بناء الإنسان أولاً، وهذه ثقافة ورثناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالرسول أخذ خمس عشرة سنة في بناء الإنسان قبل أن ينزل قانون، لذلك بعد أن قام بإعداد الإنسان الجيد أصبح هذا الإنسان قادرًا ومؤهلاً لتنفيذ القانون؛ لأن المنظومة القانونية يجب أن يصاحبها حسن التربية وثقافة بناء الإنسان. يشار الى ان دار الإفتاء، بما أنها أحد مؤسسات الدولة المجتمعية والخدمية، قامت باعداد برنامج تأهيل المقبلين على الزواج، فمرحلة التحول التى شهدتها مصر خلال الفترة الماضية، تحتاج إلى وعى إضافى، وأكدت أبحاث أجرتها الدار وجود مشكلة لصيقة بالعنوسة وهى الطلاق بنسب مرتفعة فى الخمس سنوات الأولى للزواج، وتكون نسبتها أعلى في السنة الأولى، واكتشفت الدار بعد ذلك أن هناك مشاكل أخرى بجانب المشكلة الاقتصادية وهى عدم وجود وعى، لذلك تم التفكير فى طريقة لمعالجة تلك المشكلة، فأنشأت برنامج تأهيلى للمقبلين على الزواج.