بسبب سوء الأحوال الجوية.. تعطيل العمل والامتحانات بجامعة جنوب الوادي    محمد جبران رئيسًا ل«المجلس المركزي» لنقابات العمال العرب    بالصور.. رفع المخلفات والقمامة بعدد من شوارع العمرانية    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    رغم قرارات حكومة الانقلاب.. أسعار السلع تواصل ارتفاعها في الأسواق    شهداء وجرحى جراء قصف طائرات الاحتلال منزل في مخيم النصيرات وسط غزة    الرجوب يطالب مصر بالدعوة لإجراء حوار فلسطيني بين حماس وفتح    قطر تصدر تنبيها عاجلا للقطريين الراغبين في دخول مصر    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    أحمد عبد القادر بعد الفوز على مازيمبي: ببارك لجماهير الأهلي والترجي متعودين عليه    موعد مباراة الأهلي والترجي التونسي في نهائي دوري أبطال أفريقيا    أرقام مميزة للأهلي بعد تأهله لنهائي دوري أبطال أفريقيا    علي فرج يهزم مصطفى عسل ويتوج بلقب بطولة الجونة الدولية للإسكواش    نهائي دوري أبطال أفريقيا.. تعرف على موعد مباراة الأهلى والترجي    رد حاسم من وائل جمعة على مقارنة كولر بجوزية    السيطرة على حريق في جرن قمح بقنا    %90 من الإنترنت بالعالم.. مفاجأة عن «الدارك ويب» المتهم في قضية طفل شبرا الخيمة (فيديو)    عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. بيان مهم بشأن الطقس اليوم السبت: «توخوا الحذر»    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    أوكرانيا: تسجيل 79 اشتباكا قتاليا على الخطوط الأمامية للجبهة مع الجيش الروسي    بمشاركة مصطفى محمد، نانت يتعادل أمام مونبلييه بالدوري الفرنسي    جهاز منتخب مصر بقيادة التوأم في مباراة الأهلي ومازيمبي    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    تعرف علي موعد صرف راتب حساب المواطن لشهر مايو 1445    "مخاطر الهجرة غير الشرعية ودور الجامعة في الحد منها" ندوة آداب الوادي الجديد    محافظ القاهرة: حملة لرفع الإشغالات وإعادة الانضباط بشبرا    بلاغ يصل للشرطة الأمريكية بوجود كائن فضائي بأحد المنازل    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    محمد التاجي: فاتن حمامة فضلت محافظة على وزنها 48 كيلو وهذا ما ورثته من عبد الوارث عسر (فيديو)    ناهد السباعي تحتفل بعيد ميلاد والدتها الراحلة    أول تعليق من تامر حسني عن مشاركته في احتفالية ذكرى تحرير سيناء    سميرة أحمد: رشحوني قبل سهير البابلي لمدرسة المشاغبين    أخبار الفن| تامر حسني يعتذر ل بدرية طلبة.. انهيار ميار الببلاوي    البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة "باتريوت" متاحة الآن لتسليمها إلى أوكرانيا    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    ذوي الهمم والعمالة غير المنتظمة وحماية الأطفال، وزارة العمل تفتح الملفات الصعبة    أسعار النفط ترتفع عند التسوية وتنهي سلسلة خسائر استمرت أسبوعين    الصحة تكشف خطة تطوير مستشفيات محافظة البحيرة    كرم جبر : الرئيس السيسي رفض الرد على نتنياهو أكثر من مرة    برلماني: استرداد سيناء ملحمة وطنية تتناقلها الأجيال    محافظ القاهرة: تطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال بكل حزم    الزراعة: إصلاح الفدان الواحد يكلف الدولة 300 ألف جنيه    فصل طالبة مريضة بالسرطان| أول تعليق من جامعة حلوان.. القصة الكاملة    العمل في أسبوع.. حملات لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية.. والإعداد لإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل    الكشف الطبي بالمجان على 1058 مواطنا في دمياط    أحمد فايق يقدم نصائح لطلاب الثانوية العامة عبر «مصر تستطيع»: «نجتهد دون قلق»    شركة GSK تطرح لقاح «شينجريكس» للوقاية من الإصابة بالحزام الناري    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    مصرع طفل سقط في مصرف زراعي بالفيوم    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    إقبال كثيف على انتخابات أطباء الأسنان في الشرقية (صور)    بعد حادث شبرا الخيمة.. كيف أصبح الدارك ويب السوق المفتوح لأبشع الجرائم؟    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تديين الدُنيا.. وتسييس الآخرة
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 01 - 2018

هل يُمْكن أن يحدث تحالف يوما ما بين بعض الأنظمة الحاكمة فى الدول العربية، وبين تيار الإسلام السياسى بمختلف جماعاته؟.. أعرف أن هناك أطرافا عديدة تقف صراحة ضد السؤال، وغير معنية بالإجابة عنه، كما أن هناك قوى فاعلة تعتقد واهية بوراثتها فضاء ذلك التيار بعد تورِّطه بشكل علنى فى الأعمال الإرهابية، وأخرى تقتات من الخلاف الذى وصل إلى حدّ القطيعة والاقتتال بين التيارين الوطنى والإسلامي، وبغض النظر عن المواقف السابقة وتأثيرها على صياغة مشاريع تُسهم فى إخراجنا من أزماتنا السياسية، فإن التجارب أثبتت فى معظم الدول العربية ألا جدوى من التحالف أو حتى التعاون بين الحكومات وتيار الإسلام السياسي، أو حتى إعطائه الفرصة للمشاركة السياسية، ليس فقط لكونه عدواّ للديمقرطية، ولكن لأنّه يعمل على تدمير الدولة الوطنية، مع أنه فى أدبياته يسعى لإقامة الخلافة من جديد، وهذه لن تؤسس إلا بتجميع الدول ووحدتها، وتعدد شعوبها، فكيف له أن يسعى لها، وهو يحوّل دولنا إلى ساحات حرب، بحجة عدم شرعية الحكام، ويتحالف مع الأعداء، وينشر الخراب فى كل مكان؟.
لقد انتهت تجارب التعاون والاعتراف، والدعم من طرف القيادات العربية لتيار الإسلامى السياسى بمذاهبه المختلفة، بالقتل والتآمر والخيانة والتحالف مع قوى خارجية، ومن الأمثلة على ذلك: التجربة المصرية (محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر، واغتيال الرئيس محمد أنور السادات، والتآمر ضد الرئيس محمد حسنى مبارك)، وفى التجربة الجزائرية( إسقاط الرئيس الشاذلى بن جديد، واغتيال الرئيس محمد بوضياف)، وفى التجربة الليبية(قتل الرئيس معمر القذافى بتحالف مع الناتو، ودول عربية وإسلامية)، وفى التجربة اللبنانية (اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري)، وفى التجربة العراقية التحالف مع القوى الغربية بزعامة أمريكا والقضاء على نظام الرئيس صدام حسين، ثم إعدامه، وأخيراً اغتيال الرئيس على عبد الله صالح من حلفائه الحوثيين. مع ذلك فإن هناك بعض الحكومات العربية لا يزال يٌصر على الّشراكة مع تيار الإسلام السياسي، مستندا إلى ثلاثة مبررات، أولها: أن التيار الدينى موجود بحكم الواقع، وبِحُجَّة الحقيقة أيضا، وثانيها: تمكنه الواضح فى الفضاء المجتمعي، والقبول بأطروحاته، وشبه مشاريعه الوهمية والحقيقية الأمر الذى عجزت عنه مؤسسات الدولة، وثالثها: أن التعاون معه، أو تطويعه سياسيا، قد يساعد الأنظمة على مواجهة الجماعات الإرهابية، أو على الأقل يتم تحييده، وتلك المبررات صحيحة من ناحية التنظير، لكنها فى التطبيق العملي، كشفت عن خلل فى التقييم وفى القراءات، وحتى فى التوقعات، دون أن ننفى أنه فى تجارب بعينها، تمّ تدعيم الدولة الوطنية من الأحزاب الدينية، على خلفية مُحاربة وإبعاد أحزاب إسلامية أخرى، وذلك نوع من الصراع لا يختلف فى مضمونه ونتائجه عن الحروب الدائرة بين الميليشيات الدينية، من أجل التمكين لسيطرتها من جهة، وإقصاء مثيلاتها من جهة ثانية، والانتقال بعد ذلك إلى حرب الوجود من جهة ثالثة.
بعد هذا كلّه، نجد أنفسنا فى حيرة من أمرنا، فمن ناحية نعيش فى دول دينية، دستوريا ومؤسساتيا، تحارب عبر اجتهادات سياسية واقتصادية من أجل التطوير والنماء، مع وجود بعض المواقف المخالفة للدين أحيانا، وهى لا تؤثر على السياق العام لإيمان الدولة، حيث الاختلاف فى التطبيق بينه وبين تدين الأفراد والتزامهم، ومن ناحية أخرى يتم التشكيك فى التزامنا الدينى من طرف تنظيمات وجماعات دموية وغير دموية اختارت لها نهجا خاصا تريد فرضه علينا، وتجاوزت ذلك فى بعض الحالات إلى تكفير الحكام والقادة، بل والمجتمعات أيضا، وهذا يدفعنا إلى السؤال الآتي: هل يمكن الخروج من وضعيتنا الراهنة؟.
قبل الإجابة عن السؤال أعلاه، لابد من الإشارة إلى أن الغالبية منا غير راضية عن عمق الخلافات الدائرة الآن التى ظاهرها الدين وباطنها السياسة، لأنها تجنى نتائجها السلبية، هذا أولاً، وثانيا: إن أسلمة المجتمعات العربية من جديد لا يختلف عن تسييس الدين، وثالثا: أن الخلاف الدائر دنيوى وليس أخرويا، وإن أصرت الجماعات الدينية على طرحه من هذا المنظور، ورابعا: أن اتخاذ سفك الدماء منهجا وقضية يخالف رسالة التوحيد، ويحيلنا إلى سخط نتيجة لما فعلته أيدينا ليُذِيقنا بعض الذى نعمل، كما أن اللجوء إلى الحل الأمنى كمخرج وحيد، يزيد من رد الفعل، بدموية أكبر وأبشع. مهما بلغت حالاتنا العربية من السوء، إلا أن إمكانية الخروج منها لا تزال قائمة، وهى لا تتعلق بالنيات، وإنما بالعيش فى هذه الدنيا بأمان، وهذا لن يتحقق إلا إذا حسمنا المسألة الجوهرية، ذات الصلة المباشرة بالدين، المتمثلة فى الاتفاق حول المشترك دنيويا، وترك المختلف حوله أخرويا إلى الله سبحانه تعالى، ليحكم فيه، وهو خير الحاكمين، أليس ذلك تسليما بالقدر؟.. فهل نلتقى حول وَعْدٍ يُحَقِّقُ ذلك؟.
لمزيد من مقالات خالد عمر بن ققه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.