قبل سنة 1957، كانت القومية العربية هي الأيديولوجية السائدة في الوطن العربي، واعتبر المواطن العربي ناصر زعيمه بلا منازع، وأرجع المؤرخ عديد دويشا الفضل في ذلك إلى "كاريزما" عبد الناصر، والتي عززها انتصاره في أزمة السويس،واتخاذه من القاهرة مقرا لإذاعة صوت العرب،التي نشرت أفكار عبد الناصر في جميع أنحاء العالم الناطقة باللغة العربية، وكتب المؤرخ يوجين روغان:غزا ناصر الوطن العربي عن طريق الإذاعة. اللبنانيون المتعاطفون مع عبد الناصر والسفارة المصرية في بيروت اشتروا الكثير من وسائل الإعلام اللبنانية للمساهمة في زيادة نشر أفكار عبد الناصر عالميا، كما تمتع ناصر بدعم من المنظمات القومية العربية، في جميع أنحاء المنطقة. وكان العديد من أتباعه يمولونه تمويلا جيدا، ولكنهم افتقروا إلى أي هيكل أو تنظيم دائم. دعوا أنفسهم "الناصريين"، على الرغم من اعتراض عبد الناصر على التسمية، حيث قال إنه يفضل مصطلح "القوميين العرب". في يناير 1957، اعتمدت الولاياتالمتحدة مبدأ أيزنهاور وتعهدت بمنع انتشار الشيوعية في الشرق الأوسط، على الرغم من أن ناصر كان معارضا للشيوعية في المنطقة، كانت زعامته للعرب مُعتبَرة كتهديد من قبل الدول الموالية للغرب في المنطقة، حاول أيزنهاور عزل ناصر وتقليل نفوذه الإقليمي بالمنطقة. تدهورت العلاقات بين عبد الناصر والملك حسين عندما اتهم حسين ناصر بالتورط في دعم محاولتي الانقلاب ضده، التى قادها علي أبو نوار ورفاقه على الرغم من أن عبد الناصر لم يشترك معهما، وحل حسين حكومة النابلسي، انتقد ناصر في وقت لاحق حسين على راديو القاهرة، واصفا إياه بأنه "أداة للامبريالية"،و أصبحت علاقات ناصر مع الملك سعود عدائية أيضا، حيث شعرالأخير بالقلق من زيادة شعبية عبد الناصر في السعودية وتهديدها لبقاء العائلة المالكة، وعلى الرغم من معارضة حكومات الأردن والمملكة العربية السعودية، والعراق، ولبنان له، حافظ ناصر على مكانته بين المصريين ومواطني البلدان العربية . بحلول نهاية سنة 1957، أمم ناصر كل ما تبقى من الشركات البريطانية والفرنسية في مصر، بما في ذلك مصانع التبغ والإسمنت والأدوية، والفوسفات، بينما لم تسفر جهود ناصر لتقديم حوافز ضريبية وجذب الاستثمارات الخارجية عن نتائج ملموسة، لذا أمم ناصر المزيد من الشركات وجعلها جزءا من منظمة التنمية الاقتصادية،حيث كان ثلثا الاقتصاد لا يزال في أيدي القطاع الخاص حينها، حقق هذا المجهود قدرا من النجاح، مع زيادة الإنتاج الزراعي والاستثمار في التصنيع. وقرر ناصر إنشاء مصانع الصلب بحلوان، والتي أصبحت فيما بعد أكبر المشاريع في مصر، ووفرت عشرات الآلاف من فرص العمل، وتعاون مع الاتحاد السوفيتي في بناء سد أسوان كبديل للولايات المتحدة التي سحبت تمويلها للمشروع. رغم شعبيته ناصرالكبيرة لدى الشعب العربي، بحلول منتصف 1957 كانت سوريا هي حليفة عبد الناصر الإقليمية الوحيدة ، وفي سبتمبر من نفس العام، احتشدت القوات البرية التركية على طول الحدود السورية، معطية بذلك مصداقية للشائعات التي ادعت أن دول حلف بغداد كانت تحاول إسقاط الحكومة اليسارية في سوريا، أرسل ناصر بعض الوحدات إلى سوريا كعرض رمزي للتضامن، مما رفع مكانته في الوطن العربي، وخاصة بين السوريين. في يناير عام 1958، تمكن الوفد السوري الثاني من إقناع ناصر بقرب استيلاء الشيوعيين على سوريا، وما يترتب عليه من انزلاقها في حرب أهلية،و اختار ناصر الوحدة في وقت لاحق، مشترطا توليه رئاسة الوحدة التي ستقوم بين الدولتين وحل حزب البعث لقيمة مصر، وقد وافق المندوبون والرئيس السوري شكري القوتلي على ذلك. في 1 فبراير، أعلنت الجمهورية العربية المتحدة، وكانت ردة الفعل الأولية في الوطن العربي هي الذهول وفقا للكثير من المؤرخين، ولكن سرعان ما تحول الذهول إلى نشوة كبيرة، وأمر ناصر بشن حملة ضد الشيوعيين السوريين، نافيا العديد منهم من وظائفهم الحكومية. يوم 24 فبراير، سافر ناصر إلى دمشق في زيارة مفاجئة للاحتفال بالوحدة وكان في استقباله مئات الآلاف و اُرسل ولي عهد الإمام بدر في شمال اليمن إلى دمشق ليعرض عليه ضم بلاده إلى الجمهورية الجديدة. وافق ناصر على إنشاء اتحاد فدرالي مع اليمن ليسمى "الدول العربية المتحدة". أعلن عبد الناصر صدور الدستور المؤقت الجديد الذي أعدته الجمعية الوطنية المكونة من 600 عضو (400 من مصر و200 من سورية)، وحل جميع الأحزاب السياسية، أعطى ناصر كلا من جانبي الوحدة نائبين للرئيس: البغدادي وعامر في مصر، وصبري العسلي وأكرم الحوراني في سوريا، ثم غادر إلى موسكو للاجتماع مع نيكيتا خروتشوف. في الاجتماع، ضغط خروتشوف على ناصر لرفع الحظر المفروض على الحزب الشيوعي، ولكن ناصر رفض، مشيرا إلى أنه شأن داخلي وليس موضوعا للمناقشة مع القوى الخارجية. وعندما شعر اعداؤه بمد نفوذ ناصر واحتمال نجاحه في تكوين امبراطورية عربية موحدة تحت زعامته اجتهدوا في ضرب الوحدة مع سوريا ونجحوا في ذلك لكنهم فشلوا في النيل من زعامة ناصر والتفاف العرب حوله قادة وشعوبا . لمزيد من مقالات فهمى السيد;