في ندوة المرأة والديمقراطية في العالم العربي والتي أقيمت في إطار موسم أصيلة الثقافي الدولي34 ألتقيت بمجموعة متميزة من النساء العربيات اللواتي يحتللن مواقع متقدمة في بلادهن منهن بسيمة الحقاوي وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية. ومسعودة بنت أبحام وزيرة الزراعة الموريتانية, د.بهية جواد الجشي, النائب الثاني لرئيس مجلس الشوري البحريني, ورولا الدشتي عضو مجلس الأمة الكويتي,, فضلا عن إعلاميات وفنانات منهن إلهام شاهين وتهاني راشد وإيناس الدغيدي, وقد أجمعن علي أهمية مشاركة المرأة العربية في مسيرة الإصلاح ومختلف مراحل الحراك السياسي العربي وضرورة وضع تشريعات واضحة تلبي مطالب النساء في ممارسة حقوقهن المشروعة والإسهام بفاعلية في مسيرات التنمية. وقد آمنت دائما بوجود علاقة تكاملية تربط النساء العربيات ومسيرة الديمقراطية, وهي علاقة شهدت تناميا كبيرا بعد الانخراط الفاعل للمرأة في ثورات الربيع العربي في تونس, مصر, ليبيا, اليمن, وسوريا والذي أكد أن الحركات النسوية لم تعد منكفئة علي ذاتها كما كان أغلبها سابقا, بل مثلت جزءا فاعلا من القوي الديمقراطية المحركة للثورات في تلك البلدان. الأمر الذي حظي باحترام دولي تبدي في حصول اليمنية توكل كرمان علي جائزة نوبل للسلام, أرفع الجوائز العالمية, وشكل اعترافا دوليا بدور المرأة العربية في صنع الثورة. إلا أنه ذ وللمفارقة- برغم ذلك لا تزال تعشش فينا نظرة خاطئة شاعت في الغرب وعنه أخذتها مجتمعاتنا, تتمثل في اتهام الإسلام بأنه وراء تخلف المرأة في شتي المجالات, ومنها مجال ممارسة الديموقراطية, وهي نظرة تتجاهل حقائق التاريخ, فالإسلام أعطي قبل15 قرنا للمرأة حقوقا, لم تنلها قرينتها الغربية حتي قبل قرن, حين كان الغرب يعقد المؤتمرات ليناقش أهلية المرأة وهل يجوز أن كون لها ذمة مالية منفصلة عن وليها, وهل يحق لها المشاركة في الانتخاب, وهي أمور قررتها شريعة الله حقا للنساء منذ قرون, ولو عدنا مع التاريخ 15 قرنا لوجدنا أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر ذ رضي الله عنهما ذ قد خاضت معترك السياسة, ولم يحل حجابها دون ترأسها حزبا معارضا للسلطة في موقعة الجمل, مما ينفي كون الإسلام عائقا يحول بين المرأة وممارسة الديمقراطية. الأمر الذي يعني أن العيب ليس في الشريعة وإنما في القائمين علي تطبيقها, إذ أتاحت لنا شريعة الله ثروة نفيسة من الأحكام والحقوق ترسخ الديمقراطية وتوضح أشكالها, لكننا لم نستفد منها إلا بالقشور بينما استفاد الغرب بما لديه من قليل, فأسس ديمقراطية قائمة علي التعدد, ولعل الرئيس مرسي حين يدرس ملف الإصلاح السياسي يتبني وجهة النظر الإسلامية التي تتيح للمرأة الإسهام بشكل فاعل في مسيرة التنمية, فالتمكين الديمقراطي للنساء خطوة ضرورية لابد منها في ملف الإصلاح الشامل, خصوصا مع سعي الغرب ومن يتابعنه لحصر قضية حرية المرأة في مسألة شكلية لا علاقة لها بالديمقراطية هي مسألة الحجاب, وهي مسألة تندرج في صميم عقيدة المجتمع العربي المسلم وتثير سخط قسم لا يستهان به من الشعب, وترسخ للخوف الذكوري من منح المرأة حقوقها. وفي تقديري أن المرأة إذا أرادت إحداث تغيير حقيقي في العقلية الذكورية التي تحكم المجتمع, يجب أن تبدأ بنفسها, عبر تصحيح شكل ولهجة الخطاب النسوي الذي يستمد محتواه وهيكله في أحيان كثيرة من قيم غربية يرفضها المجتمع, وطرح استراتيجيات جديدة منها عدم التركيز علي النخبة والنزول إلي حيث توجد المرأة المهمشة, لتوعيتها بحقوقها وتقوية مصداقية الحركة النسائية, وبناء تحالفات مع القوي السياسية المحلية والإقليمية الفاعلة, وتبني مشروع نهضوي يتناسب مع المرحلة التي تحياها مصر, كما لا يجب الاكتفاء بمجرد سعي النساء لدخول البرلمانات, ولكن أيضا إسهامهن في إنجاح المؤمنين بقضايا المرأة كي يتبنوا ما يعيد لهن حقوقهن, وتبقي النقطة الأهم وهي عدم سماح المرأة بتهميشها بعد مشاركتها الفاعلة في ثورات الربيع العربي وإقصائها عن معترك الحدث, مثلما حدث سابقا مع جميلة بوحريد عقب نجاح ثورة التحرير بالجزائر, ومع عشرات الثائرات الفلسطينيات عقب اتفاقية أوسلو, ومع الثائرات المصريات عقب نجاح ثورة25 يناير, واللواتي تم تجاهلهن حين تشكيل لجنة صياغة الدستور. إني انتظر من الرئيس مرسي الذي استبشرنا به خيرا أن يشدد علي ضرورة إعطاء دور أكبر للمرأة في التخطيط للمشروعات التنموية, فلا خير في مجتمع نصفه غائب أو مغيب, والمرأة المصرية التي قدمت للعالم أنموذجا راقيا من الكفاح والتضحية, لجديرة أن تتبوأ مكانتها الحقيقية في المجتمع, بما يمكنها من بناء أجيال مستنيرة لمصر المستقبل. المزيد من مقالات أسامة الالفى