تموج الحياة السياسية في مصر بموجات من الحراك السياسي التي تزداد مع إقتراب موعد إجراء انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري التي تكتسب أهمية خاصة باعتبارها أول انتخابات تجري عقب إقرار التعديلات الدستورية في عام2007 . والتي أقرت صلاحيات جديدة لهذا المجلس الذي اختفي دوره الاستشاري وحل محله دور فعال وقوي في إقرار العديد من القوانين. وبالاقتراب من المشهد السياسي, خاصة من الحزب الوطني الذي عكف خلال الفترة الماضية علي الاستعداد لخوض انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري مستخدما كل أدواته وسلاحه التنظيمي القوي والذي تمت إعادة هيكلته في صورة تطور كبير تواصلت فيه عناصر الخبرة مع الأجيال الشابهالجديدة, كان لابد لنا من طرح كافة الأسئلة حول كيفية اختيار مرشحي الحزب في هذه الانتخابات, وماهو التشكيل الجديد للمجمع الانتخابي الذي يفرز اختيارات القاعدة الحزبية؟ وهل انتهي البرنامج الانتخابي والذي يمثل كلمة الحزب وعهده أمام المواطنين أم لا؟ وكيف يستعد الحزب؟ وماهي خطته لخوض أول انتخابات نيابية عقب التعديلات الدستورية لعام2007 ؟ وللإجابة عن هذه التساؤلات جميعها كان الحوار مع الدكتور مفيد شهاب الأمين العام المساعد للحزب للشئون البرلمانية والذي حرص علي الإجابة باستفاضة عن كافة التساؤلات, بل واصطحابنا في جولة سريعة مع تاريخ إنشاء أول مجلس نيابي في مصر, والذي سجل في عصرنا الحديث عدد30 دور إنعقاد, ويبدأ الدور الجديد الحادي والثلاثون في24 يونيو المقبل, وعقب الانتهاء من انتخابات التجديد النصفي للمجلس. وفي بداية الحوار حرص الدكتور مفيد شهاب علي تسليط الضوء بصورة سريعة علي تاريخ إنشاء مجلس شوري النواب في مصر أقدم المجالس النيابية في عام1866 ليمثل البداية الحقيقية للمجالس النيابية في مصر, وبعد الإنشاء تعددت التعديلات في عهد الاحتلال البريطاني, وعند إعلان الحماية علي مصر ثم مع إقرار دستور1923, ووصولا إلي دستور عام1971 ومع التعديل الصادر في عام1979, حيث تم إجراء استفتاء وبمقتضاه أضيف باب عن مجلس الشوري إلي الدستور, والذي حدد في أحد مواده عدد الأعضاء بحيث لايقل عن132 عضوا وبحيث يتم اختيار ثلثي الأعضاء بالاقتراع السري المباشر, ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي.. وعقب ذلك تم تعديل العدد عدة مرات حتي وصل إلي عدد الأعضاء الحالي(264 عضوا), وبحيث تكون مدة عضويته المجلس6 سنوات, وعلي أن يتم انتخاب واختيار نصف الأعضاء كل ثلاث سنوات, ويجوز إعادة انتخاب أوتعيين من انتهت مدة عضوية, ويتم أيضا تحديد من انتهت مدة عضويتهم في السنوات الثلاث الأولي عن طريق القرعة. ويوضح شهاب أن بعد الانتهاء من العملية الانتخابية في يونيو المقبل سوف يعقد المجلس الجديد جلسة في24 يونيو لانتخاب رئيس المجلس والوكيلين وتشكيل اللجان. وعقب التعديلات الدستورية كما يضيف الدكتور مفيد شهاب المشهد السياسي أصبح مجلس الشوري بمثابة الفرقة الثانية للسلطة التشريعية باعتبا ر أن السلطة التشريعية كانت ممثلة قبل التعديل الدستوري في غرفة واحدة وهي مجلس الشعب. ويطرح الدكتور مفيد شهاب توقعاته بأن هذه الانتخابات سيكون لها مذاق خاص وسوف تتمتع باقبال كبير علي الترشيح في العضوية المنتخبة مع إقبال نوعية من المرشحين لم تكن تقبل في الماضي ويمكن القول أنها من شريحة الأغلبية الصامته. ويبقي الجزء الخاص بالتعيين والذي يمثل رئيس الجمهورية فيه ضمانه للاختيار سواء قبل التعديل أو بعده. وتبذل حاليا كل الجهود لتجري الانتخابات بنزاهة, بحيث تصبح بحق مقدمة لانتخابات أصعب تليها بأشهر قليلة وهي انتخابات مجلس الشعب في أكتوبر المقبل, وبمعني آخر فإن من المنتظر أن تصبح انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري بروفه لانتخابات مجلس الشعب. ومع بدء كافة الأحزاب والقوي السياسية في الاستعداد للانتخابات المقبلة يوضح الدكتور مفيد شهاب أن الحزب الوطني عكف علي الاستعداد لها بشكل منظم كامل, وسوف تفي كافة الترتيبات في اجتماع هيئة مكتب أمانة الحزب مع عرضها علي الأمانة العامة للحزب بعد غد الثلاثاء. وسوف تعلن خطة التحرك الحزبي للكوادر التنظيمية وتسلم مهام التخطيط لكافة المستويات مع البرنامج الانتخابي للشوري وهو البرنامج الذي تعده أمانة السياسات بالحزب برئاسة السيد جمال مبارك الأمين العام المساعد للحزب وأمين السياسات. ويضيف الدكتور شهاب أن البرنامج الانتخابي العام سوف يستند إلي مبادئ أساسية لتحرك الحزب في السنوات المقبلة, وبالطبع فإن هذه المبادئ والأسس تتفق مع أسس ومبادئ البرنامج الانتخابي للحزب في الانتخابات المقبلة لمجلس الشعب, ولكن البرنامج المقرر طرحه مصاحبا لانتخابات مجلس الشعب سوف يكون أكثر تفصيلا. وحول مراحل اختيار مرشحي الحزب لانتخابات الشوري أوضح الدكتور مفيد شهاب أن الحزب انتهي من المرحلة التمهيدية الأولي لاستطلاعات الرأي في يناير وفبراير الماضيين والتي تشمل توقعات المواطنين والمطالب التي يرغبون فيها ومن هم أصلح المرشحين من وجهة نظرهم. ووفقا لخطة التحرك, سوف يتم فتح باب الترشيح في المجمعات الانتخابية في منتصف ابريل الجاري علي أن يتم عقد المجمعات الانتخابية من21 إلي25 إبريل, وعقب الانتهاء من إعلان النتائج سيتم رفعها إلي المكتب السياسي للحزب لاعتماد أسماء مرشحي الحزب لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشوري في الاسبوع الأول من مايو. ويتم عقد المؤتمر الانتخابي في أمانة الحزب بالمحافظة ولايحضر المجمع المتقدمين للترشيح, وتتحقق صحة الانعقاد بحضور60% من أعضاء المجمع مع حضور ممثل لأمانة التنظيم والمتابع المسئول من الامانة العامة من المحافظة, ويقوم كل من أمين الحزب بالمحافظة ومسئول المتابعة برفع تقرير الي أمانة التنظيم بنتائج المجمعات الانتخابية ومجرياتها. وردا علي سؤال حول طبيعة الرقابة علي الانتخابات وماهو موقف الحزب تجاه الرقابة الدولية عليها أجاب الدكتور مفيد شهاب بقوله: في رأيي الشخصي كمواطن وكعضو في الحزب الوطني فإنني أري أنه من المناسب والطبيعي وجود الرقابة من جانب مؤسسات المجتمع المدني علي عملية الانتخاب وهي منظمات مصرية تدعم العمل الحكومي والبرلماني, وقد تم ذلك من قبل في انتخابات2005, وبذلك تكون ضمانات إضافية إلي جانب ضمانات الإشراف القضائي علي مستوي اللجان العامة ووجود مندوبين للمرشحين داخل اللجان. ولكنني أرفض الرقابة الدولية علي الانتخابات لأن ذلك يعد شأنا داخليا, وأرفض وجود مراقبين من منظمات دولية لأن في ذلك مساسا بالسيادة الداخلية للدولة والأصل أن تكون الدولة مسخرة لتحقيق نزاهة العملية الانتخابية ودعمها. وفي النهاية فإننا جميعا يحدونا الأمل في نجاح أول انتخابات نيابية عقب التعديلات الدستورية ومن خلال التجديد النصفي لمجلس الشوري تحقيقا ليس فقط للمزيد من الديمقراطية ولكن للمزيد من العدالة الاجتماعية للمواطنين.
