يعتبر جيمس لفلوك من أبرز العلماء المعاصرين الذين تحدثوا وحذروا البشرية من الارتفاع المتزايد لدرجات حرارة الأرض, وما سيؤدي في النهاية إلي كوارث بشرية وطبيعية, منها الزلازل والمجاعات وانقراض بعض الكائنات الحية المنحدرة, من مناطق حارة نسبيا., وتعود فكرة ارتفاع درجات الحرارة إلي القرن الثامن عشر, حيث لاحظ علماء الفيزياء والمناخ, أن درجات الحرارة في ازدياد مستمر, إلا أنهم لم يضعوا التصور العلمي الدقيق, لتلك المخاطر, التي أصبحت اليوم حقيقة علمية, تؤرق المجتمعات الدولية. في هذا الكتاب يعلن لفلوك العصيان علي جميع النظريات الحديثة في مجال تفسير المناخ, مقدما عبر كتابه تحذيرا أخيرا للحفاظ علي كوكب الأرض قبل أن يتلاشي بفعل الاحترار العالمي, حيث يسعي عبر أبحاثه إلي تأكيد نظريته البيئية الخاصة, فيركز علي موضوع التغير المناخي بطريقة مختلفة و طريفة, متناولا نظرية غايا( الأرض في الأساطير اليونانية) التي تري الأرض كنظام يتحكم في نفسه ذاتيا, يتألف من مجموع الأحياء و الصخور السطحية و المحيطات و الغلاف الجوي المرتبطة بقوة بعضها مع البعض كنظام يتطور باستمرار., حيث تري هذه النظرية أن لهذا النظام هدفا و هو يتحكم في الظروف علي سطح الأرض, بحيث تشكل دوما البيئة المناسبة لاستمرار الحياة, و هو يري أن وجه الأرض أو ملامحها من غابات وقبعات جليدية و أحياء تتلاشي بسبب الاحترار العالمي. يستعرض الكتاب رحلة الزمان والمكان في الأرض' غايا' بتنبؤات مناخية قريبة من الواقع الذي نشاهده, مستعرضا العواقب التي تنتظرنا والسبيل إلي البقاء بشكل منطقي, باحثا عن مصادر الطاقة والغذاء ومؤكدا للقارئ جدية توقعاته, نافيا أن تكون مبنية علي تشاؤم خاص أو شخصي, علي الرغم من كونها تبدو كذلك بالفعل, فمثلا فيما يتعلق بالتنبؤ بالمناخ تبدو توقعات المؤلف متشائمة مقارنة مع ما يصدر عن المؤسسات الدولية الرسمية, حيث يتوقع ارتفاعا قدره4 درجات سليوس عام2050, ويعتمد في ذلك علي ارتفاع مستوي المحيطات, وظاهرة الانصهار المتزايد للجليد القطبي, والانحسار المتواصل للطحالب عن سطح المحيطات, مبرزا اختلافه مع المنظمة الحكومية لتغير المناخ في أن قراراتها تراعي التوافق بين الدول المشاركة كلها علي حساب الحقيقة العلمية, و بالتالي فإن سيناريوهاتها حول التغير المناخي و آثاره جاءت أدني مما هو في الواقع, مرجعا ما أقرته المنظمة وغيرها من الهيئات الشبيهة إلي خضوعها للسياسيين والمديرين الاقتصاديين الذين أجبروها علي تقديم استنتاجات بطرق غير حقيقية أو واقعية ليكون التلاعب بالعلم لإرضاء ممثلي الدول النفطية وغيرهم حيث استبدلت الكلمات والعبارات التي استخدمها العلماء للتعبير, عن عواقب الاحترار العالمي لتكون مقبولة من ممثلي الدول المنتجة للنفط.. ويشبه لفلوك البشر ببحارة تعساء في غواصة غارقة في الأعماق, لكنها تحتوي علي بضع علب نجاة يمكن لبعضهم أن يطفوا بواسطتها إلي السطح بأمان, هذه الغواصة تشبه الأرض التي تفيض بسكانها, ولن يتاح إلا لبعضهم فرصة الحياة في المساحة المحدودة المتبقية القابلة للسكني, مشيرا إلي أن خطر الاحترار العالمي لا يتمثل فقط في نزوات الطقس المتطرفة كالعواصف والفيضانات, وإنما في الجفاف الطويل والمتواصل. كما يناقش موضوع الحد من إصدار الغازات الدفيئة و التحول إلي مصادر بديلة للوقود الأحفوري. و هو يخالف من يقول بالاعتماد علي الطاقات المتجددة, كالطاقة الشمسية و طاقة الرياح, و يدعم استخدام الطاقة النووية لأنها توفر البديل اللازم بالسرعة المطلوبة لإنقاذ الأرض من الاحتباس الحراري. ترجمة: د. سعد الدين خرفان صدر ضمن سلسلة عالم المعرفة عن المجلس الوطني لثقافة والعلوم والآداب بالكويت [email protected]