يشغل مثلث جزيرة سيناء حيزًا إستراتيجيًّا في خريطة التوازنات الدولية والإقليمية منذ فجر التاريخ؛ نظرًا لموقعه الحاكم في خريطة الشرق الأوسط، حيث تعتبر رقعة اليابسة الوحيدة التي تصل شرق العالم العربي بغربه. وتبلغ المساحة الكلية لشبه جزيرة سيناء حوالي 61,000 كم مربع، أي ما يقارب من 6% من إجمالي مساحة مصر, وتعد ملتقى القارتين الإفريقية والآسيوية، والجسر البري الذي يربط بينهما. وتحاط سيناء بالمياه من أغلب الجهات؛ فهي تقع بين ثلاثة مصادر للمياه: البحر المتوسط في الشمال، وقناة السويس في الغرب، وخليج السويس من الجنوب الغربي ، ثم خليج العقبة من الجنوب الشرقي, وهكذا تمتلك سيناء وحدها نحو 30% من إجمالي سواحل مصر. وقد شهدت سيناء 4 حروب بين الجيش المصري وبين الجيش الإسرائيلي، حيث توغلت إسرائيل في سيناء نهاية عام 1948، وهاجمت العريش من الجنوب. وكانت "عملية سيناء" كما تسميها إسرائيل، أو العدوان الثلاثي على مصر 1956، ثاني مواجهات الطرفين. وعام 1967 عادت إسرائيل لمحاولة السيطرة على سيناء، فكانت حرب "الأيام الستة" كما يعرفها الإعلام الإسرائيلي وأدت إلى احتلال إسرائيل لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان وتعتبر ثالث حرب ضمن الصراع العربي الإسرائيلي. ومنذ حرب 67 حاول الجيش المصري استرداد الأرض، حتى كان قرار الرئيس الراحل أنور السادات بحرب أكتوبر 73 والتي أدت إلى استرداد سيناء بعد احتلالها من قبل الجيش الإسرائيلي. وقد أفاد تقرير جيتو بأنه منذ إسقاط نظام مبارك في فبراير 2011 وإسرائيل قلقة علي نحو متزايد بشأن أمن ومصير سيناء, مما يجعل إسرائيل تفكر في إعادة احتلال سيناء. ولذا أوردت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية في 2013 أن الحكومة الاسرائيلية اقترحت حل مصير قطاع غزة عبر صفقة "مصرية- سعودية- فلسطينية" تتضمن تنازل مصر عن مساحات من الأراضي فى سيناء حتى مدينة العريش، ومنحها للفلسطينيين كى يضموها إلى غزة. بإختصار الهدف هو استقطاع جزء كبير من شمال سيناء الشرقي، حوالي 1600 كيلومتراً مربّعاً، لصالح الفلسطينيّين، على أن تحصل مصر في المقابل على نفس الكيلومترات في صحراء النقب على الحدود الشرقيّة. وبذلك، تكون دولة فلسطين تحقّقت على أرض الواقع، ولكن في جزءٍ من مصر وليس القدس الشرقيّة كما هو المفروض منذ سنواتٍ طويلة. لكنّ جميع حكّام مصر من جمال عبدالناصر إلى عبد الفتاح السيسي، رفضوا هذا المقترح... على الرغم من سعي إسرائيل المتواصل لإعادة طرحه. وفى تقديرى أن إسرائيل تسعى لاستغلال المشهد الراهن فى سيناء من أجل الترويج عالمياً للقول إن مصر تفقد سيطرتها على سيناء، وإن المنطقة باتت مرتعاً للجماعات الإرهابية المتشدّدة، وإن هذه الجماعات تنقل نشاطها ومركزها من اليمن وأفغانستان إلى سيناء، وهنا تبدأ فى الدعوة إلى تدخل عسكرى دولى، على غرار ما جرى فى أفغانستان، وهى عملية لو تحقّقت فسوف تكون أول خطوة على طريق حجب سيادة مصر على شبه الجزيرة، وربما يحدث تواطؤ دولى على إعادة تقسيم المنطقة من جديد كبديل لمشروع تبادل الأراضى، الذى يجرى فى إطاره إنهاء القضية الفلسطينية على حساب جزء من أرض فلسطين. ان الوضع فى سيناء أكثر تعقيداً من مجرد قيام جماعات متشدّدة باستهداف الجنود المصريين. الحقيقة هو ان الوضع يتعلق بمصير سيناء كجزء من أرض الوطن يتم التمهيد لسلخه أو تقسيمه. [email protected] لمزيد من مقالات رانيا حفنى;