على الرغم من أن منتدى الشباب فى شرم الشيخ حظى باهتمام إعلامى كبير داخل مصر وخارجها، وبخاصة تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسى التى أكد فيها أن مقاومة الإرهاب حق من حقوق الإنسان، فإن وكالة أسوشييتدبرس للأنباء وهيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي.» حرصتا على تخصيص جانب كبير من تغطيتهما للمنتدى لعرض الإساءات التى صدرت عن عناصر جماعة الإخوان الإرهابية وأعضاء الطابور الخامس ضد هذا المنتدى العالمي، وذلك فى محاولة مكشوفة للتشويش على هذا الحدث الناجح المهم، والذى كان لنجاحه والصورة المبهرة التى ظهر عليها أكثر من دلالات قوية فى صالح الدولة المصرية. فقد بثت وكالة أسوشييتدبرس تقريرا بتاريخ 31 أكتوبر 2017 تحت عنوان «المصريون يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعى للسخرية من مؤتمر الشباب»، حول استغلال بعض المصريين لهاشتاج على مواقع التواصل الاجتماعى خاص بمنتدى الشباب فى انتقاد سجل حقوق الإنسان فى مصر والإجراءات المتشددة التى يتم فرضها على حرية الرأي، وذلك لمجرد أن المنتدى يعقد برعاية الحكومة، وبحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي! وأضافت الوكالة التى رأت فى هذه الحملة أهم شيء فى المنتدى، ولم تشغل بالها بما جاء فيه من قرارات وتوصيات ومناقشات ومشاركات قيمة، أن الانتقادات للمنتدى انتشرت عبر تويتر، حيث نشر المستخدمون من خلاله صورا للشرطة المصرية وهى تلاحق الشباب فى فترة ما بعد تولى السيسى منصب الرئاسة، إلى جانب صور للنشطاء المحبوسين. ولم تقف تغطية الوكالة عند هذا الهراء، وإنما زعمت أيضا أن وزارة الخارجية المصرية وجهت الدعوة لزعماء العالم لحضور المنتدى، لكنها طلبت تأكيدا شبه فورى بشأن الحضور، مما منع الكثيرين من الحضور، وادعت الوكالة أنها نقلت هذه المعلومة من مصدر دبلوماسى لم يفصح عن هويته «خشية إغضاب السلطات»! ويبدو أن المصدر المجهول ما زال سلاحا قويا فى أيدى وسائل الإعلام الأجنبية تستخدمه وقتما تشاء للاحتماء به عند نشر المعلومات المغلوطة، والتى تثير السخرية أحيانا. ليس هذا فحسب، بل إن هذا التقرير يؤكد أن وكالة أسوشييتدبرس وغيرها لم تتعلم الدرس بعد، وما زالت بعيدة تماما عن قراءة المشهد المصرى بدقة وموضوعية، بدليل أنها لا تزال ترى أن بضع عشرات أو حتى مئات أو آلاف من النشطاء ومستخدمى السوشيال ميديا يمثلون شباب مصر أو شعب مصر دون غيرهم! وعلى النهج نفسه، سارت البى بى سى فى تغطيتها لمنتدى الشباب، حيث بثت تقريرا بتاريخ 2 نوفمبر 2017 بعنوان «عندما يسفر منتدى شباب العالم الذى تعقده مصر تحت شعار نحتاج أن نتكلم عن نتيجة عكسية»، حول حملة السخرية نفسها من بعض الشباب من أعمال المنتدى وفكرته، لاعتراضهم على ما سموه بقمع الحريات واعتقال الناشطين وحالات الاختفاء القسرى واضطهاد المثليين! وكان تقرير بي.بي.سي. وطريقة صياغته يعنيان أن الشبكة البريطانية ما زالت تعيش فى كوكب آخر – مثل أسوشييتدبرس تماما – ولا تدرك جيدا أن مصر التى يقطنها نحو مائة مليون نسمة لا يمكن أن يتحدث باسمها بعض الشباب، ومن توجه واحد، وبنفس الكليشيهات المحفوظة عن الاختفاء القسرى وحقوق الإنسان واضطهاد المثليين، فضلا عن استغلال هذه التقارير فى دس معلومات ثبت عدم صحتها وعدم معقوليتها، مثلما قالته الشبكة البريطانية عن وجود 60 ألف معتقل سياسى فى السجون المصرية! وكان الأكثر طرافة فى تقرير بي.بي.سي. أنه وردت الإشارة إلى قضية الباحث الإيطالى جوليو ريجينى ضمن الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان فى مصر، ونسيت الشبكة على ما يبدو أن فى بريطانيا جامعة مرموقة اسمها جامعة كامبريدج بها أستاذة مصرية كانت تشرف على أبحاث ريجينى رفضت فى ثلاث مرات طلبات استدعائها للتحقيق أمام السلطات الإيطالية فى القضية نفسها لاستجلاء الحقيقة بشأن حقيقة مقتل ريجيني! ولكن النكتة الحقيقية كانت من شبكة «سى إن إن» الأمريكية التى طالما صدعتنا بحق الاختلاف والرأى والرأى الآخر، ولكنها هذه المرة نشرت خبرا يوم 28 أكتوبر 2017 يفيد بأن الدكتور محمد البرادعى المقيم خارج مصر اضطر لحذف 30 ألفا من متابعيه على تويتر لأنهم انتقدوا آراءه السلبية ضد تصريحات الرئيس السيسى بشأن مفهوم مقاومة الإرهاب كحق من حقوق الإنسان، وبرر تصرفه هذا بأنه يأمل فى «حوارات نقدية عقلانية»! .. ولا تعليق!!