تتفنن وسائل الإعلام الغربية فى تغطيتها للشأن المصرى فى تضخيم أقزام، وصناعة أبطال من ورق، عبر تركيز أخبارها على عدد محدود ومعروف من الشخصيات التى لا تحظى بأى شعبية أو أرضية فى الشارع المصري، ولكن تصر على تقديمها فى صورة المناضلين والقادة الكاريزمايين القادرين على تحريك الجماهير والتعبير عن أحلامها وطموحاتها! وشهدت الأيام الماضية تركيزا شديدا على تقديم أخبار وتصريحات لمثل هذه الشخصيات، أملا فى «النفخ» فى صورتها، بعد أن انكشفت حقيقتها أمام جموع المصريين، أو على الأقل من باب محاولة إظهار أن القيادة الحالية لمصر لا تحظى بنفس هذه الشعبية والجماهيرية، أو أنها «تخشي» من تأثير هذه المواقف والتصريحات! ولم تخجل شبكة «سي.إن.إن» الأمريكية فى الذكرى السادسة ل25 يناير 2011 من أن تنشر أخبارا عن شخصيات من أمثال باسم يوسف ووائل غنيم وليلى سويف وحمدين صباحى وعبد المنعم أبو الفتوح وأيمن نور والبرادعى وعمرو حمزاوى وأحمد عبد ربه وعلاء الأسوانى للحديث عن يناير وأيامه، على الرغم من تراجع شعبية هؤلاء إلى الصفر بين المصريين لأسباب لا علاقة للدولة أو الحكومة الحالية بها. وكانت سى إن إن سخية للغاية مع وائل غنيم الذى نشرت له تصريحا يوم 25 يناير الماضى يحرض فيه «النشطاء» على مواصلة تحركاتهم مهما تعرضوا لاتهامات بالعمالة للغرب وخيانة الوطن وكراهية الجيش، وكأن هذه الاتهامات الثلاثة لا تكفى لتراجع شعبية هؤلاء النشطاء الذين يستغيث بهم غنيم. وكانت سى إن إن أكثر سخاء مع باسم يوسف وهى تنشر خبرا له عن صدور أول كتاب له يحمل عنوان «الثورة للمبتدئين»، والمؤسف أن الخبر المنشور تضمن صورة مسيئة للجيش المصري. ولكن الموقف الغريب للغاية هو ما نشرته الشبكة نفسها من تصريح للناشط المتحول إلى إعلامى خالد تليمة يقول فيه إن «النظام لم يتغير رغم تنحى مبارك»، وهى عبارات لم تعد تجد صدى لدى جميع المصريين بعد مرور ست سنوات على الأيام الأولى التى تعرفنا فيها على هذه الوجوه! وفات الشبكة أن تذكر أن ذلك الناشط الذى يتحدث عن «النظام» يقدم برنامجا يوميا فى قناة فضائية خاصة، ولا يحاسبه أحد على ما يقوله من آراء حتى يومنا هذا! كما بثت وكالة أسوشيتدبرس للأنباء تقريرا مطولا للغاية بتاريخ 26 يناير 2017 بعنوان «مصر تمنع محاميا بارزا فى مجال الدفاع عن حقوق الإنسان من السفر للخارج»، حول ما صرح به نجاد البرعى بشأن منعه من مغادرة البلاد، فى إطار قضية يواجه فيها اتهامات قانونية تتعلق بتلقى تمويل أجنبي، والغريب أن الوكالة الأمريكية نفسها هى التى لم يسبق فى تاريخها أن قدمت أى تقرير ولو حتى خبر من بضعة سطور عن حقوق الإنسان المصرى الذى فقد أسرته أو ذراعه أو قدمه أو عينه فى محاربة إرهابيين تصفهم الوكالة نفسها بالمتمردين أو مجرد «المتشددين»، هذا إذا لم تعتبرهم معارضين سلميين! وينطبق الأمر نفسه على هيئة الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي.:» التى فشلت فى تسخين الشارع قبل ذكرى 25 يناير بتقريرها التحريضى الذى حمل عنوان «قصة متظاهر دفع الثمن من أجل الحرية فى مصر»، حول ما كتبته مراسلة الشبكة فى القاهرة أورلا جورين عن ناشط يدعى محمود حسين تعرض لإصابة خطيرة قبل ست سنوات، وتحدث عن تفاصيل دقيقة ومؤلمة للغاية عما تعرض له من تعذيب على أيدى الشرطة بعد عام 2014، مع ادعاءات عن انتهاك حقوقه وحقوق الآلاف الآخرين مثله ممن يحلمون بالحرية، وعن محاولات طمس ذكريات 25 يناير من ذاكرة المصريين، فى محاولة لاستجداء العطف لأسباب إنسانية، وهو أسلوب نعتقد أن البى بى سى نفسها تأكدت من فشله أكثر بعد إذاعة هذا التقرير. تري، متى تدرك وسائل الإعلام الغربية أن رصيدها يتضاءل، ومصداقيتها تنهار أيضا، كلما ارتضت لنفسها أن تكون بوقا لشخصيات مثل هذه أصبح رصيدها صفرا فى الشارع المصري؟!