« فراغ القلب» هو المشكلة، صحيح أن الرجل خرج إلى الوجود محملا بفيروس كامن اسمه « العين الفارغة»، ينتقل من جيل إلى جيل عبر شريحة الذكورة الموجودة فى فصوص المخ، لكن هذا الفيروس الأصل فيه هو « السكون»، ويتحرك بقوة إذا كان حامله « قلبه فارغ». شعور الرجل أنه محل إهتمام يمنع فراغ القلب ، ولا أقصد هنا مجرد الإهتمام به كشريك حياة، فحتى يصح الإهتمام لابد من إسقاط فكرة الشراكة أولا لمعرفة نوعه، الشراكة التى تجعل الإهتمام وظيفيا فى سياق «جوزى و أبو عيالى»، يجب أن يكون الإهتمام خالصا لوجه الإنسانية. هل هو اهتمام المطاعم التى تحرص على مستقبل علاقتها بالزبون؟، أم انه اهتمام أصحاب خيمة الخدمة فى الموالد الذين يحرصوا بالأساس على جبر الخواطر فقط؟ أنصح عند الزواج دائما بالإرتباط بإمرأة كريمة، يتحدث كثيرون عن شعور المراة بالأمان مع الرجل، ولا يفتح أحد سيرة أن يشعر الرجل بالأمان مع إمرأة ما، هذا الشعور بالأمان لا يتحقق إلا فى صحبة إمرأة الكرم هو فلسفة حياتها، كرم المرأة ينعكس على كل شىء فيها من درجة ضبط التوابل فى طعامها إلى درجة إهتمامها بكحل عينيها مرورا بكرم المودة تجاه الآخرين، المرأة الكريمة ساحرة بالفطرة، لا تدخر شيئا لسعادة من يهمها. المرأة التى لا تجيد الطبخ هى إمراة بخيلة تفوت مناسبة لإسعاد الآخرين بحجج فارغة. المرأة التى لا تهتم بنفسها هى إمراة بخيلة لا يهمها أن تقدم قدرا من الهدوء و السكينة فى صحبتها. المرأة التى لا تعبر عن مشاعرها بخيلة. البخل مُنفر و الكرم يملىء القلب بسهولة حتى فوهته ثم يفيض منه فيما بعد الكرم على صاحبة الأيادى السخية. يقولون أن أقصر طريق إلى قلب الرجل معدته، وهى مقولة صحيحة ولا شك فيها، لكن الأمر لا علاقة له بالأصناف، لكن له علاقة بفتح الشهية، هناك كثيرات طعامهن بارد لا شهية فيه، لأنه مصنوع حسب الوصفة التى يقدمها رجل على شاشة التليفزيون، رجل تكاد ترى شعيرات شاربه فوق الطعام، هذا ما أكتسبته بعضهن من مشاهدة قنوات الطبيخ، مقادير و خطوات، ولا روح، قد يمتلىء قلب الرجل بالطعام الشهى، لكنه يصبح أسيرا للمسة ما بسيطة تغلف هذا الطعام، الطريقة التى يتم تقديم الطعام بها، التخلص من كلاسيكية المنيو، الإهتمام بتفاصيل تفتح النفس بداية من حبات الباذنجان المخلل مرورا بتسخين الخبز نهاية بشكل طبق السلاطة، يمتلىء قلب الرجل عندما تصبح وجبة الطعام مناسبة للبهجة أيا كانت أصناف القائمة الموجودة، يصبح قلب الرجل فارغا عندما يكون الأكل فى البيت من أجل الإستمرار على قيد الحياة، بخلاف الرجل الذى يناضل للإستمرار على قيد الحياة حتى يهنأ بلحظة الطعام فى البيت. يمتلىء قلب الرجل عندما يجد شريكته صاحبة وجهة نظر، وإمتلاك وجهة نظر يختلف تماما عن إمتلاك مجرد رأى، وجهة النظر هى خلطة يأتى الرأى فى المركز الرابع فى مكوناتها، وجهة النظر عبارة عن بصيرة و تأنى فى استخدامها لقراءة الموقف كله، محاولة للموضوعية و العدل بعيدا عن أمنيات شخصية، جزء كبير منها قائم على ان يضع الشخص نفسه مكان الآخر ليجرب ما فيه، وجهة النظر تفتش عن منطقة لم يقع عليها بصر صاحب المشكلة أو طالب المشورة، تقدم الجديد، تتخلص من كل ما هو شخصى، و تفتش بأمانة و بذكاء فى كل تفصيلة، تقديم الرأى يقوم عادة على انطباعات سريعة شخصية تضلل فى معظم الأوقات ولا تفيد، يمتلىء قلب الرجل عندما يعرف أن شريكته تمتلك بوصلة تقدمها له وقت اللزوم و لا يستغنى عنها الرجل بداية من طريقة اختياره لملابس سيشتريها نهاية بقرارات مهنية مرورا بمشاكله الشخصية. تظل فراغة عين الرجل معطلة حتى تحركها فراغة القلب، يطل الرجل هنا و هناك لكن لا خطر طالما قلبه ممتلىء، العين الفارغة لا خطر منها، و إن كان ثمة خوف يجب أن تقلق منه المرأة فهو فراغ الفؤاد.