فى الوقت الذى نرفض فيه التجديد والتصحيح وفتح أبواب الاجتهاد من الباحثين فى أمور الدين بحجة عدم جواز الخروج على فتاوى السلف الصالح، وعدم جواز الأفتاء في أمور الدين سوي من "دارسين". يعاني العالم العربي بشكل عام من ظاهرة اصدار الفتاوى الشرعية من قبل بعض المشايخ ثم التراجع عنها لاحقا بحجج واهية, والسوءال هو ما الفائدة من هذا التراجع بعد استقرت هذه الفتاوى في عقول البعض وفي بطون الكتب. ما الفائدة فالفتوى هي اشبه بالرصاصة، متى انطلقت من فوهة البندقية لا يمكن ايقافها او تغيير وجهتها. لقد شهدت مصر سجالاً واسعاً بعدما أصدر عالمان "أزهريان" فتاوى جنسية غريبة ومثيرة للدهشة، مع قول د. صبري عبدالرؤوف، أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، إنه يجوز للرجل معاشرة زوجته بعد وفاتها، وإعلان د. سعاد صالح، أستاذة الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية للبنات في جامعة الأزهر، إن الفقهاء أجازوا للرجال معاشرة البهائم. وطبعا لا يمكن ان نقول سوي ان مثل تلك الفتاوي تسئ لصورة الإسلام وليست سوي فتاوى شاذة, وثبت بالفعل ان ليس كل دارس لأمور الدين مدرك بخطورة السلاح الذي يوجهة لعقول البشر, وثبت بالفعل ان العديد من كتب التراث تحمل من بين صفحاتها العديد من الألغام المعدة للأنفجار في اي وقت والتي يجب تطهيرها وتنقيحها لا محالة. والحقيقة ان هذا ليس اول تصريح يصدر خلال السنوات الماضية يثير ضجة ولغط وحالة من القرف والسخط…فمنذ فتوي ارضاع الكبير التي اصدرها منذ سنوات رئيس قسم الحديث بجامعة الأزهر تلي ذلك عددا من الفتاوي التي لم اكن اتصور ان تطل علينا بهذة الصورة وبدون استحياء وبدون أي منطق. فمن فتوي تحريم بعض انواع الخضراوات الي فتوي جواز بيع الأثار وطمسها, ومن فتوي تحريم جلوس المرأة علي الأنترنت الي فتوي تحريم اطعام المرأة لذكر البط, ومن فتوي تحريم ارتداء البنطلون بالنسبة للنساء الي فتوى تبيح عدم وجوب الدفاع عن العرض إذا ظن الزوج أنه سيقتل على يد المعتدين. انه لأمر محزن ان نري ونحن في القرن ال21 لحي وذقون تتحدث بلا منطق ولا تري في المرأة سوي اداة للمتعة والأنجاب ولا تري لها مكان سوي خلف الجدران لأنها بمنتهي البساطة عورة وسببا في الغواية والفتنة ولا يجوز لها سوي الأتشاح بالسواد وكأنها في حالة حداد من الميلاد حتي الممات. والحقيقة ان العيب ليس في من ارتدي قناع التدين بل العيب في من سمح بوضعهم في موقع تقديس واحترام لمجرد انهم يتحدثون في امور الدين ويستهلون كلامهم بذكر رسولنا الكريم ويستشهدوا بالأيات القرأنية …العيب في من ظن ان كل صاحب لحية وسبحة وطرحة شخص جدير بالاحترام. إن من أسباب تأخر الأمة الإسلامية في مختلف اقطارها هذه الفتاوى التي تصدر بلا ضابط ولا رابط، فكل من قرأ كتابا او حتى قرأ في صحيفة شيئا عن الدين والشريعة أصبح يفتي فيما يعلم وفيما لا يعلم. بأختصار هناك تقرير صدر منذ عدة سنوات حذر من أن 70 في المئة من سكان بعض الدول الإسلامية تحت دائرة الأمية الدينية، إما جهلاً بالعقيدة الإسلامية، أو بمقاصد الشعائر والعبادات. وللأسف الشديد تلعب بعض المؤسسات الدينية والإعلامية دورا كبيرا في نشر الامية الدينية، إذ إنها تبقى مجرد مجالس وعظية لاتحقق الوعي والمعرفة الحياتية الميدانية لأفراد المجتمعات العربية، بل تسهم في بعض الاحيان في ترسيخ الامية والتحريض على العنف والتشدد من خلال تبني هذه المؤسسات بعض الافكار والمفاهيم المغلوطة. ونقول للمرة المليار يجب تقنين ظهور الشيوخ علي الفضائيات, ويجب تطهير كتب التراث ويجب تنقية الأحاديث وبالتأكيد يجب تجديد الخطاب الديني. [email protected] لمزيد من مقالات رانيا حفنى;