بدت أشكال الاستنفار فى الشارع المصرى واضحة منذ الصباح الباكر مصحوبة بالفرحة والحذر المنطقي, قبل ساعات من المباراة المصيرية للمنتخب الوطنى لكرة القدم أمام المنتخب الكونغولى بالجولة الخامسة من التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم (روسيا2018) وما أن وطئت أقدامنا وسط القاهرة استعدادا لبدء رحلة ال240 كيلو إلى ملعب برج العرب, حتى كست ألوان العلم المصرى الشوارع والميادين وانتشر فى كل مكان والحديث الدائم عن فرصة المنتخب الوطنى فى تحقيق الهدف المطلوب والتأهل إلى المونديال . تهافتت الجماهير على شراء العلم المصرى بالإضافة إلى الألعاب المبهجة استعدادا للإعلان الرسمى بصعود منتخب الفراعنة الى كأس العالم بعد انتظار 28 عاما كاملة, أما تجمعات الشباب لمشاهدة اللقاء على المقاهى فكانت ابرز ملامح مشاركة الجماهير فى الحدث بعد فشلهم فى الحصول على تذاكر لمشاهدة المباراة من الملعب. وامتدت مظاهر مساندة المنتخب الوطنى على جنبات الطريق من القاهرة وصولا إلى الإسكندرية, حتى فى الأكمنة الأمنية التى ساعدت الجماهير للوصول الى ملعب اللقاء وشاركوا الجماهير فى أمنيات الصعود والطريف فى الأمر أن معظم التعليقات عن كانت عن إيجاد بديل لعبد الله السعيد فى وسط الملعب، وزادت ظواهر تشجيع المنتخب الوطنى كلما اقتربنا من ملعب اللقاء, فالكل ينتظر الحدث الأبرز للرياضة المصرية منذ سنوات طويلة ولم يعكر صفو الجو العام إلا ظهور تذاكر مزورة قام البعض بتداولها قبل ساعات من انطلاق المباراة. أما علامات النصر المتبادلة بين الجماهير فكانت مبعثا للتفاؤل , فكلما توجهنا إلى مكان وجدنا علامة النصر ترتفع بين الجماهير فالكل يؤكد انها أقرب وأفضل الفرص للذهاب إلى كأس العالم، ووصل الأمر إلى أن بعض الجماهير قامت بطبع ملصقات تجمع شعار كأس العالم بروسيا بجانب شعارات اتحاد الكرة و المنتخب الوطنى ولاقت رواجا كبيرا فى بيعها ووصل ثمنها إلى خمسة جنيهات. واكتشفت بعض الجماهير اختلاف الرقم المسلسل المكتوب على التذكرة عن الرقم المطبوع على كعب التذكرة مما يعنى أن أحدا قام بطبع عدد من التذاكر رغبة فى تحقيق مكاسب مادية والاستفادة من الحدث، علما بأن رجال الأمن يبذلون جهودا كبيرة للحد من أى تجاوز فيما يخص بيع التذاكر التى شهدت إقبالا كبيرا واشتكت العديد من الجماهير عدم توافرها فى منافذ البيع المخصصة لها. فى الوقت الذى شدد فيه مسئولو ملعب برج العرب على الجماهير بعدم استخدام الألعاب النارية أو الليزر وهو ما حذر منه حكم اللقاء الجامبى بكارى جاساما, ووجه عامر حسين رئيس منطقة الإسكندرية رسالة إلى الجماهير بضرورة الالتزام بتعليمات الاتحاد الإفريقى لكرة القدم(كاف). أما عملية دخول ملعب اللقاء فكانت جيدة ووقف رجال الأمن قبل ساعات طويلة لتسيير حركة الدخول والخروج للجماهير من محيط ملعب برج العرب, وبالطبع لم يخلُ الأمر من بعض المشكلات على بوابات الملعب إلا انه تم احتواؤها، ولعل ابرز المكاسب الأدبية والمعنوية للمباراة وجود الجماهير حالة التعاون والالتفاف من الجماهير حول هدف واحد هو الخروج بشكل حضارى وتشجيع المنتخب الوطنى بعيدا عن معكر لصفو الحالة الجيدة والأجواء الرياضية التى شهدتها مصر عقب انتهاء مباراة منتخبى أوغندا وغانا بالتعادل السلبي. جيل مونديال 90 وبصفة عامة.. فإنك تستطيع أن تميز الفارق فى نظرة الجماهير عن الحدث الرياضى الاجتماعى الأبرز خلال سنوات طويلة, فتجد جيل التسعينيات يؤكد أن الكرة فى ملعب المنتخب الوطنى دون الانتظار لأى عامل خارجى مساعد لكنهم فى الوقت نفسه حذرون وغير مفرطين فى الفرحة على العكس من الجيل الأخير الذى لم يشهد الصعود لكاس العالم ايطاليا 1990 , ويرى هذا الجيل أن منتخب الفراعنة وضع قدما فى روسيا عقب تعادل منتخبى أوغندا وغانا. وبتجاذب الحديث مع الشباب المنتشر طوال طريق الرحلة , فإن السواد الأعظم منهم بدا متفائلا بتحقيق المطلوب بل إن بعضهم كان يحتفل بالصعود إلى المونديال مثلما كان لسان حال خالد مصطفى الذى حضر من القاهرة لتشجيع المنتخب حيث قال: لم اقطع تلك المسافة من اجل التشجيع فقط بل للدخول فى أجواء الاحتفالات لأن هذه المرة هى الأقرب لحجز بطاقة التأهل. كما أكد شريف سامى احد مشجعى المنتخب، انه حان الوقت من اجل الفرحة وتحقيق هدف يلتف حوله جموع الناس وقال: يستحق هذا الجيل من اللاعبين الذهاب إلى كأس العالم فلم يكن لدينا من قبل كل هذا العدد من اللاعبين المحترفين فى القارة الأوروبية وغيرها. ووصف احمد منصور احد العاملين فى المجال السياحى, صعود المنتخب الوطنى إلى كأس العالم بأنه خطوة كبيرة فى تسويق اسم مصر فى العديد من المحافل وقال منصور: إن الصعود إلى المونديال فرصة كبيرة وعظيمة من أجل تسويق الملف السياحى المصرى واستغلال كل فرصة لعرض إمكانات الدولة لأنه ببساطة اسم المنتخب الوطنى سيتم تداوله فى العديد من الدول.