1400 طالب يوميًا يستفيدون من دروس التقوية في مساجد الوادي الجديد    ارتفاع كبير ب840 للجنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء بالصاغة (محليًا وعالميًا)    رسميًا بالزيادة الجديدة.. موعد صرف معاشات شهر يوليو 2025 وحقيقة تبكيرها قبل العيد    طرح لحوم بلدية بأسعار مخفضة في الوادي الجديد استعدادًا لعيد الأضحى    كمين لقوة إسرائيلية في "جباليا" وسقوط 11 جنديًا بين قتيل وجريح    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم المستشفى الإندونيسي في شمال غزة    فلسطين.. 5 شهداء في قصف للاحتلال جنوب مدينة غزة    «أنا مش مغيب!».. تعليق مثير من هاني سعيد على احتفالات بيراميدز بعد مواجهة سيراميكا    رسميًا.. اتحاد الكرة يعلن حكام مباراة الزمالك وبيراميدز في نهائي الكأس    محامي دولي يفجر مفاجاة بشأن قرار المحكمة الرياضية المنتظر في أزمة القمة    جوارديولا: هدفنا التتويج بكأس العالم للأندية    قناة الأهلي: هناك أزمة في مشاركة ديانج بكأس العالم للأندية    مصطفى فتحي: يورتشيتش عوض غياب الجماهير.. وطريقة الحكام تغيرت معي بانضمامي لبيراميدز    مجلس الاتحاد السكندري يرفض استقالة مصيلحي    السيطرة على حريق نشب بنخل بجوار مخزن مشروبات غازية بقليوب    الوادي الجديد تعلن نتائج النقل وتمنح الشهادات مجانًا لطلابها    على حد منكم أو ولادكم    الداخلية توضح حقيقة الفيديو المتداول لسير سيارات في مسار الأتوبيس الترددي    البيت الأبيض يعلن استعداد ترامب للقاء بوتين وزيلينسكى    تقارير: ميلان يحلم بالتعاقد مع لوكا مودريتش    منتخب فلسطين يكرم وسام أبو علي بلقب الدوري المصري    تعرف على وجبة عشاء وزير خارجية إيران مع وزراء مصر السابقين ب خان الخليلي (خاص)    أسطورة ميلان: الأهلي سيصنع الفارق بالمونديال.. وما فعله صلاح خارقًا    ترامب ينتقم من نتنياهو ويقيل مسؤولين كبارا "مؤيدين لإسرائيل" في إدارته    صرف 11 مليون جنيه منحة عيد الأضحى ل7359 عاملًا بالوادي الجديد    طقس ربيعي.. «الأرصاد» تكشف حالة الطقس اليوم في المنيا والصعيد    أخبار 24 ساعة.. برنامج جديد لرد أعباء الصادرات بقيمة 45 مليار جنيه في الموازنة    عامل يتهم 3 أشخاص بسرقة شقته في الهرم    الصلح والتسامح وخصوصية العائلة.. أبرز ما جاء في بيان ورثة المرحوم شريف الدجوي    أفضل أماكن الخروج في عيد الأضحى المبارك 2025 بالمنوفية    إصابة 10 سيدات في حادث «أتوبيس» بمحافظة المنيا الجديدة    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات الأخرى قبل بداية تعاملات الثلاثاء 3 يونيو 2025    الكشف عن تمثال أسمهان بدار الأوبرا بحضور سلاف فواخرجي    تزوج فنانة شهيرة ويخشى الإنجاب.. 18 معلومة عن طارق صبري بعد ارتباط اسمه ب مها الصغير    4 أبراج «بيعرفوا ياخدوا قرار»: قادة بالفطرة يوزّعون الثقة والدعم لمن حولهم    حين يتعطر البيت.. شاهد تطيب الكعبة في مشاهد روحانية    سعد الهلالي: كل الأضحية حق للمضحي.. ولا يوجد مذهب ينص على توزيعها 3 أثلاث    النيابة الإدارية تُشكيل لجنة لفحص واقعة الحفر والتنقيب عن الآثار بقصر ثقافة الأقصر    أزال التاتو ويتعلم تجويد القرآن.. خالد الجندي يكشف تفاصيل توبة أحمد سعد    التنظيم المركزي بالجبهة الوطنية تعقد أول اجتماعاتها برئاسة النائب أحمد رسلان    محافظ قنا يدعو أصحاب الصيدليات الخاصة للانضمام للتأمين الصحي لصرف الأدوية للمرضى    أمين الفتوى يحسم حكم توزيع لحوم أو مال بدلاً عن الأضحية    موعد أذان فجر الثلاثاء 7 من ذي الحجة 2025.. ودعاء في جوف الليل    القومي للبحوث يقدم نصائح مهمة لكيفية تناول لحوم العيد بشكل صحي    محمد ثروت يكشف كواليس مشاركته في «ريستارت»: الضحك رسالة الفيلم (فيديو)    شريف سلامة يكتب: رؤية اقتصادية.. التحول نحو الاقتصاد الرقمي.. أين تقف مصر؟    مدير تلال الفسطاط يستعرض ملامح مشروع الحدائق: يتواءم مع طبيعة القاهرة التاريخية    أرامكو السعودية تنهي إصدار سندات دولية ب 5 مليارات دولار    الإصلاح والنهضة: 30 يونيو أسقط مشروع الإخوان لتفكيك الدولة ورسّخ الوعي الوطني في مواجهة قوى الظلام    ضربات الشمس في الحج.. الأسباب والأعراض والإسعاف السريع    في رحاب الحرم.. أركان ومناسك الحج من الإحرام إلى الوداع    رئيس جامعة بنها: تبادل التهاني في المناسبات الدينية يؤكد التماسك    عبد الرازق يهنىء القيادة السياسية والشعب المصري بعيد الأضحى    «صحة الاسكندرية» تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد الأضحى    الرئيس السيسى يستقبل مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نيرودا ..وأسئلة الوعى التى لاتنتهى
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 09 - 2017

يقف نيرودا متميزا وسط كتيبة من الشعراء والفنانين الأفذاذ الذين يستوون فى الجبهة نفسها، والفضاءات السياسية والأيديولوجية والإبداعية، ومنهم لوركا، وألبرتي، وناظم حكمت، وأراجون. و يقول عنه «جابرييل جارثيا ماركيز»: « بابلو نيرودا من أفضل شعراء القرن العشرين فى جميع لغات العالم».
ونيرودا، الذى تحل فى سبتمبر الحالى ذكرى رحيله الرابعة والأربعون, ليس شاعرا شعبيا بالمفهوم الاستهلاكى أو السياسى أو الآني, لأن شعره يحتاج إلى تأمل، وإلى درجة من الثقافة والوعى الجمالي، والتلقى الإيجابي، أى أنه شاعر مُهيأ ليُقرأ فى كتاب, لا يسمع فى مهرجان. وقراءته تحتاج إلى جهد قد لا يقوم به سوى «النخب» (مع أنه يعارض مفهوم النخبة). فقصائد مثل «النشيد العمومي» أو «السيف الملتهب»، أو «يوميات الإقامة»... أو «حجارة شيلي» ذات بُنى مركبة. وهذا يوصلنا إلى نقطة مهمة، فقلّما كتب نيرودا قصائد متفرقة. كانت كل قصيدة عنده، أو معظمها، مشروع كتاب مؤلف بدأب وصبر وهواجس فنية عالية. قصائده طويلة, تمشى فى الزمن. ما يعنى أن هاجس «الكتاب» كتجربة متكاملة كان يسكن بال نيرودا. من هذه الناحية، وارتباطا بقصيدته المركبة لا المبسطة، يأتى دور القارئ «المبدع» الجلود والمكتشف والمتفاعل، أكثر من القارئ الجوال، أو العابر. نيرودا إذن شاعر كبير. وحالم كبير. وتراجيدى كبير،يحتاج إلى قارئ كبير.
إن شاعر شيلى الأشهر، الذى عاش بين 1904و1973 اكتسب ما اكتسبه من هالات وأسطورة، ليس فقط بسبب نهايته «المأسوية» بسرطان البروستاتا وإحراق منزله، ومتاعه ومكتبته ... وانما لأنه ايضا استطاع بشعره أولاً وأخيراً ان ينجو, و ان يبقى رغم موته بالجسد بعدما سقطت الأيديولوجيات وقبلها الأنظمة التى تبناها كيسارى وشيوعى ملتزم. بمعنى آخر إن شعر نيرودا، (ونيرودا كرمز) ما زال يحتفظ بقوته ونضارته بعد زوال مختلف الظروف التى أسهمت فى تغذيته وشحنه، بل إنه يبدو الآن أكثر حضورا مما كان فى تلك المرحلة، ذلك أن الهالات السياسية التى كانت تحاول استغلال هذا الشعر فتغلفه وتحجب طاقته الهائلة، وتوجهه توجهاً «أحادياً» (أى توجهاً أيديولوجيا)، عبر الأدوار التى لعبتها الأحزاب والتنظيمات السياسية (لأهداف دعائية) قد تبددت، لتترك الشعر وحيداً بحياته الخاصة، بقيمته النسبية، وهذا تحديداً ما شعرت به عند مراجعة دواوينه، من كتاباته الأولى فى العشرينيات، إلى الأخيرة فى السبعينيات أى قبيل وفاته, وما صدر بعد رحيله.
شعرت أولاً بأننى أكتشف حجم نيرودا الشعرى بعيدا عن صورته الطاغية «كمناضل سياسي». وشعرت ثانيا بأن قراءاتى لهذا الشاعر الكبير تحررت من الوقوع فى أحكام مسبقة، ورثناها من «الطليعيات» الشعرية والنخبوية. وعلينا ملاحظة أن علاقة نيرودا بالرمزية (كمدرسة) كعلاقته بالسيريالية (كمدرسة أيضا) وبالرومانتيكية، كانت علاقة تقاطع ومغادرة. فهو ابتعد عن التصنيفات. أى ابتعد عن تبنى إحدى هذه المدارس كأبجدية مكتملة، ليستغلها كمفردات. وبذلك تحرر من أى جماعة أو لغة جاهزة. فكل المدارس تخضع لنظريات جاهزة ,وهذا مقتلها. نقول هذا دون إغفال أن نيرودا الذى نأى بنفسه عن الارتباطات الجمالية المحددة، التزم الفكر الماركسي، كمناضل أو حزبى حتى آخر أيامه. فهل هذا تناقض؟ ربما! لكن علينا أن نعرف أن نيرودا بقى فى مجمل نتاجه ذا التزام مفتوح. بلا علامات طريق مفروضة. ولا ارتباط مقنن. أى انتصر الشاعر على الأيديولوجيا. وعلينا أن نعرف أنه كتب معظم شعره خارج هذه الالتزامات الايديولوجية الضيقة، سواء فى قصيدته الرائعة «حجارة شيلي» أو فى «قصائد الحب»، أو فى «سيف اللهب».. وهى أعمال مشروعة على الشرط الإنسانى العمومي, لكن عبر تواريخ وطنه شيلى وأمريكا اللاتينية. (هكذا كان لوركا والبرتى فى إسبانيا، وناظم حكمت فى تركيا، بل علينا أن نلاحظ أن نيرودا وظف كل العناصر والمدارس الجمالية فى زمانه، فى خدمة قصيدته الخاصة. أى قصيدته التى بقيت خارج التصنيف. ويجدر بنا ملاحظة أنه إذا كان نيرودا من أصحاب الضربات الجمالية العالية، وتلك الكيميائية الخصبة فى صهر العناصر لصوغ قصيدة متماسكة، فإنه فى المقابل بقى شاعر الضوء بامتياز، أى شاعرا لم يلجأ على امتداد مراحله (عدا مرحلة شبابه عندما انفعل بكثير من السيريالية أو الرمزية) لا إلى الغموض، ولا الالتباس (علما بأن صورته بعناصرها تؤدى إلى التباس مضيء، أو التباس بلا تعمية)، ولا إلى الصيغ الوعرة، ولا إلى عتمة الداخل، قد يلتقى السيريالية لكن يفترق عنها. أقصد أن كل أسطورة «فعل» مركب وإدهاشى فى نفسه، ينفتح على مجمل الظواهر «العجيبة» لأنه يتجاوز الحسابات «العقلانية» إلى ما هو مقدس، أى إلى ما هو فوق عقلانى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.