لا يخفى على أى مراقب أن يرصد أن العلاقات بين طهرانوالدوحة والتقارب الحاصل بين الطرفين لم يكونا وليدى اللحظة. فهناك العديد من المواقف التى كشفت هذه العلاقات الحميمة، لعل أبرزها مواقف إيران الداعمة لقطر فى خلافاتها الحدودية مع السعودية، وحفظ قطر هذا «المعروف» الإيراني. العداء مع السعودية كان دائما نقطة التقارب القطرية مع إيران. فى عام 1992 مثلا، بعث أمير قطر الأسبق خليفة بن حمد آل ثانى برسالة إلى الرئيس الإيرانى الأسبق هاشمى رفسنجانى لتقديم شكره على دعم بلاده لقطر فى خلافاتها مع السعودية. لا شك أن ابنه وولى العهد فى حينه حمد بن خليفة كان من وراء هذا الموقف الشاذ، وهو الموقف الذى تطور إلى تحالف واسع مع إيران بعد انقلاب الابن على الأب. شهدت العلاقات بين طهرانوالدوحة تقدما خلال عهد الرئيس الإيرانى «الإصلاحى» محمد خاتمى الذى زار قطر فى مايو 1999. ودعمت إيرانقطر فى حينها لاستضافة مؤتمر القمة الإسلامي. ولم يمنع وصول الرئيس الإيرانى المتشدد محمود أحمدى نجاد إلى الحكم عام 2005 من تطور العلاقات الشاذة وبلغ التعاون مع إيران ذروته عندما دعت أحمدى نجاد فى عام 2007 لحضور مؤتمر قمة الخليج فى الدوحة كضيف شرف. كانت المواقف التوافقية بين قطروإيران حول حكم الإخوان فى مصر وحزب الله فى لبنان وحماس فى فلسطين وحتى فى العلاقات الودية مع بشار الأسد قبل أن تبدأ الأزمة السورية، هى بمنزلة وقود محركات التقارب الإيرانىالقطري. الأمثلة الصارخة اكثر من أن تعد. لايؤكد القرار القطرى بإعادة العلاقات مع إيران اتهامات دول المقاطعة للدوحة فقط، بل يعيد شرح طبيعة التعاون الاقليمى بين طرفين كانا يروجان أنهما على اختلاف وتقاطع فى أكثر من قضية. فدول المقاطعة تتهم قطروإيران بتهديد استقرار المنطقة. وقطر ترد على الاتهامات بقرار يقول إنها لا تهدد استقرار المنطقة فقط، بل هى تتعاون مع من يفخر بمسعاه لإشعال الحرائق فى الخليج والعراق وسوريا ولبنان واليمن، ويمد يده العابثة إلى شمال افريقيا والقرن الإفريقي. هل بوسعنا بعد اليوم أن نصدق أن إيرانوقطر على عداء فى سوريا؟ هل نطمئن إلى الدعاية التى كانت قناة الجزيرة تروجها عن موقف ضد حزب الله بعد ان كانت من أشد المناصرين له؟ دعونا ننظر إلى الحلقة الأخيرة من مسلسل الكذب. نشرت وسائل الاعلام الإيرانية خبرا عن فتح باب الحوار الدبلوماسى مع السعودية. لم ترد الرياض استخفافا بالخبر لنكتشف بعد أيام أن الأمر كله كان خدعة إعلامية قطريةإيرانية للتمهيد لعودة العلاقات والتغطية على الفضيحة القطرية بالإمعان فى الخروج عن الصف العربى عموما والخليجى بالخصوص. إنه من المعيب أن تقوم قطر بالاندفاع لإعادة سفيرها بعد أسابيع قليلة من قرار الكويت، التى يعوّل القطريون على وساطتها، بإغلاق الملحقية الثقافية الإيرانية والمكتب العسكرى وتخفيض عدد الدبلوماسيين بسفارة إيران فيها من 14 إلى 9، على خلفية قضية خلية العبدلى الارهابية. هذا هو التناقض القطرى الذى تريدنا الدوحة ان نتعايش معه يوميا ونرضى به. نقول لقطر لا. كاتبة من الإمارات لمزيد من مقالات مهرة سعيد المهيرى